منذ اللحظة التي أُعلن فيها وفاة الشاعر العراقي الكبير مظفر النوّاب، إتّشح العالم العربي بأكمله بالسواد. كيف لا ومساحة الاستثنائيّةِ لدى مظفر تتجاوز كل الحدود العربيّة. فهو لم يكن بالشاعر العابر، بل كان وسيبقى مفخرة للوطن العربي، وستبقى قصائده تصدح في وجدان كل مواطن عربي يهوى الإبداع والتميّز.
مظفر الذي كان استثنائيًا في حضوره، استحقّ تحيّة عراقيّة أخيرة تليق بهامته. فقد ودّعه العراقيون السبت في بغداد في مأتم رسمي وشعبي مهيب، وتمهيدًا لمواراته الثرى في النجف تكريمًا لوصيته بدفنه قرب والدته، نُقل جثمان الشاعر الذي فارق الحياة عن 88 عامًا في الإمارات، على متن الطائرة الرئاسية إلى مطار بغداد الدولي في وقت سابق.
هناك أقيمت له مراسيم رسميّة بحضور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. وحمل حرس الشرف نعش النواب الذي كُلّل بالورود، بينما رفع أحدهم صورة له بالأبيض والأسود. بعد ذلك، نُقل بموكب رسمي إلى مقر اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، حيث تجمّع المئات من الأشخاص من مختلف الأجيال، من نساء ورجال للمشاركة في الوداع الأخير للنواب.
على أطراف الطريق المؤدّي إلى الاتحاد، تجمّع المئات ممن توشحوا بالعلم العراقي، تعبيرًا عن حزنهم لفقدان هذا الرمز العراقي. وحمل النعش ستّة من عناصر حرس الشرف عند إدخاله إلى باحة الاتحاد حيث قوبل بالهتافات وبترداد أبيات من قصائده وبزغاريد النساء.
كذلك رفع بعض المشاركين الأعلام العراقية، وآخرون صورًا للنواب، فيما حمل مناصرون للحزب الشيوعي راية حمراء كبيرة.
النوّاب الذي ولد في بغداد في الأول من كانون الثاني/ينايرعام 1934، عُرِف بقصائده الثورية بعد سنوات في أمضاها السجن والغربة. كثيرة هي القصائد التي ميّزته أبرزها، "القدس عروس عروبتكم"، "قمم" اللاذعتين و"قراءة في دفتر المطر".
أول طبعة كاملة باللغة العربية لأعماله صدرت في العام 1996 عن دار قنبر في لندن. وأبرز دواوينه في الشعر الشعبي "الريل وحمد"، في حين كان آخر بيت شعري له على فراش المرض "متعبُ منّي ولا أقوى على حملي".
أمضى النواب سنوات عمره بغالبيتها خارج بغداد، لكنه بقي حاضرًا في وجدان العراقيين الذين ودّعوه بتداول صوره وقصائده على مواقع التواصل الاجتماعي منذ إعلان خبر وفاته.