فيما يتخوف الغرب من سيطرة "حزب الله" مرة أخرى على المجلس النيابي المقبل، تبدو المعركة الانتخابية اللبنانية في الداخل حاسمة وحازمة، تُستخدم فيها كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، ذلك أن مصير البلاد سيحدد بعد 15 أيار، وستصبح الصورة واضحة حول هوية السلطة من جهة والمعارضة من جهة أخرى.
لا صوت يعلو فوق صوت المعركة الانتخابية في لبنان، فعلى مسافة أقل من شهر على موعد هذا الإستحقاق المصيري المقرر في الخامس عشر من أيار/ مايو، والذي على أساسه سيُكتب مستقبل بيروت على مدر أربع سنوات، يتخوف الغرب بحسب مصادر "جسور" من إمكانية حصد "حزب الله" وحلفائه المحليين غالبية معتبرة من مقاعد مجلس النواب المقبل، خصوصًا بعد رفع وتيرة خطابه التخويني الذي اعتاد استعماله في التحريض بغية تأمين فوزه بالأغلبية النيابية للإمساك دستوريًا بكل مفاصل البلد، فيما تخوض القوى السيادية في المقابل، معركة الإبقاء على الحد الأدنى من التوازن الذي يمنع "حزب الله" من إحكام السيطرة على القرار الوطني.
وفي هذا الإطار، أوضح الصحافي والكاتب السياسي اللبناني، علي حمادة في اتصال مع "جسور"، أنّ "الدوائر الدبلوماسية الغربية المعتمدة في لبنان تتخوّف من تكرار تجربة الإنتخابات النيابية في العام 2018، مرة جديدة في انتخابات 2022،" مضيفًا، "أن نتائج 2018 أنتجت مجلس نيابي يتمتع فيه الحزب وحلفاءه بأكثرية وازنة ٧٤ مقعدًا من أصل 128، وذلك بإعلان واضح وصريح من قائد "فيلق القدس" الأسبق، قاسم سليماني، مباشرة بعد الإنتخابات".
أكثرية وازنة
وبينّ حمادة، أنه "وعلى الرغم من التحالفات التي كانت قائمة في الفترة الماضية فضلا عن التسوية الرئاسية، تمكّن "حزب الله" مع حلفائه من حصد الأكثرية وانعكس ذلك منذ العام 2018 في تركيبة جميع الحكومات التي تعاقبت، من حكومة الرئيس سعد الحريري إلى حكومة الرئيس حسان دياب، وصولا إلى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي".
وتابع حمادة أن "من ينظر إلى تركيبة هذه الحكومات يكتشف أن لدى الحزب مع حلفائه ثلثي أعضاء مجلس الوزراء والثُلث الباقي يتألف من 3 مجموعات هي "تيار المستقبل" و"الحزب التقدمي الإشتراكي" و"القوات اللبنانية" وهي مجموعات متفرّقة كما يعي الجميع".
تكرار سيناريو 2018؟
وفي السياق، يؤكد حمادة لـ"ـجسور" أنّ "السيناريو المتخوّف منه في المرحلة الحالية هو تكرار هذا المشهد وتوسّعه نظرًا لإنكفاء "تيار المستقبل" وللشرذمة التي تعانيها قوى 14 آذار أو القوى السيادية، فضلا عن التشرذم الهائل الذي يصيب جبهة القوى التغييرية أو قوى المجتمع المدني أو قوى الثورة".
وفيما يقول الصحافي والكاتب السياسي إنّ "هذا السيناريو محتمل جدًا ومتوقع أن يصل تعداد النواب في المجلس النيابي الذين يهيمن عليهم "حزب الله" إلى ما يفوق الـ75 مقعدًا"، يبيّن أنه "لأجل ذلك سمعنا الرئيس فؤاد السنيورة عندما أعلن عن دعمه للائحة في بيروت ولوائح عدة خارج العاصمة، تحدث عن محاولة منع الحزب من امتلاك الأكثرية التي تمكّنه من تغيير الدستور والنظام ما يعني المحافظة على الثلث الضامن الذي يمنعه من تغيير طبيعة وتركيبة لبنان".
يقول حمادة "هذا انقلاب في موازين القوى، لأن الثلث الضامن لطالما كان من بين أهداف "حزب الله" في المجالس النيابية وفي الحكومات كي يستطيع أن يعرقل مسار الحكومات ومسار السياسات والقرارات، واليوم انقلبت اللعبة وأصبحت القوى السيادية أو ما كان يسمّى بـ 14 آذار تطمح إلى الثلث الضامن فيما الثلثين يمكن أن يسقطا تحت هيمنة الحزب".
"وبالحرف الواحد يقول دبلوماسي غربي أساسي في بيروت إن مشهد إنتخابات عام 2018 سيتكرّر إن لم يكن بشكل أسوأ، ما يعني أنهم يتوقعون أكثرية لـ"حزب الله" وربما أكثرية أكبر من مجلس 2018"، بحسب حمادة.
مصير لبنان!
من هنا يوضح حمادة أنه "قد تطرح إشكالية مصير لبنان ودعمه ومساعدته على الخروج من الأزمة المالية الاقتصادية تحديًا معقدًا للدول الغربية والعربية الرّاغبة في الوقوف إلى جانب لبنان واللبنانيين، متسائلا: "كيف ستتشكل حكومة ما بعد الإنتخابات وهل هناك احتمال لولادة عرقلة ما في تشكيلها لأسباب تتعلق بالإستحقاق الرئاسي؟". وبيّن حمادة أنّ "هذا السؤال لا إجابة عنه خصوصًا في ظل التنافس المحموم حول الرئاسة لاسيما طموحات رئيس الجمهورية، ميشال عون، إمّا لإحلال صهره رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، مكانه أم خوضعه معركة التمديد في حال فشله بإتيان باسيل".
وهذه الإشكالية يقول حمادة "إنها كبيرة كونها تأتي في زمن الأزمة الإقتصادية والمعيشية الضخمة التي تضرب لبنان على الصعد والمستويات كافة، وكيف ستتم مساعدة لبنان إذا ما سيطر "حزب الله" أكثر على الوضع اللبناني السياسي وتحكّم أكثر في تشكيل الحكومات وفي العمل البرلماني، وبالتالي جميع القرارات في شتى المواضيع ستكون بيد الحزب بشكل شرعي وقانوني، وهنا الفارق ما بين السيطرة بالأمر الواقع وبين السيطرة على المؤسسات، وهذا ما تتخوف منه العواصم الغربية المعنية بالملف اللبناني،" يختم حمادة.