تتصاعد مؤشرات القلق بسبب القمع الموجود في تونس، هذا البلد العربي الذّي نجح بتحقيق انتقاله الدّيمقراطي وترسيخ الحريات في الدستور رغم جميع العثرات التي واجهته، وذلك على الرغم من نفي الرئيس التونسي قيس سعيد سعيه لإرساء نظام حكم الرجل الواحد وتأكيده على حماية الحريات.
ويحذر محللون من انفجار الوضع في البلاد، خصوصاً مع تلاشي هامش الحريات وانهيار الاقتصاد في ظل حكم سعيد.
وبحسب موقع بلومبيرغ (Bloomberg) الأميركي، "بعد فوز ساحق في انتخابات عام 2019 اتُهم سعيد، وهو أستاذ القانون السابق، بسحق الثورة من خلال الاستيلاء على السلطة وقمع المعارضة عبر ممارسات أعادت للأذهان أصداء أيام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي".
وأورد الموقع أن سعيد دافع عن قراراته بتجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة في يوليو/تموز الماضي، باعتبارها كانت ضرورية لإنقاذ البلاد من الفوضى والفساد.
وضع خطير
وفي هذا الشهر، قام سعيد بالاستعاضة عن مجلس القضاء الأعلى الضامن لاستقلال القضاء بهيئة جديدة تحت وصايته. كما أقال رئيس الإذاعة الوطنية، وهو "وضع خطير" بالنسبة لأوضاع حقوق الإنسان في البلاد، وفق ما قال نقيب الصحفيين التونسيين محمد الجلاصي في مقابلة صحفية.
ووجهت الأمم المتحدة والقوى الغربية "دعوة نادرة" لسعيد لاحترام استقلال القضاء، لكن كان هناك رد فعل دولي محتشم حتى الآن على قراراته.
وفي بروكسل، ذكر سعيد، حينما سئل من قبل الصحفيين عن الاتهامات الموجهة إليه أنه "كما قال الجنرال شارل ديغول ذات مرة، لا يمكنني في هذا العمر أن أبدأ مسيرتي المهنية كدكتاتور".
ولفت موقع "بلومبرغ" إلى أنه إذا كان التونسيون قد استمتعوا حتى ماض قريب بحرية التعبير التي اكتشفوا طعمها حديثا إلا أن منتقدي سعيد يمكنهم الآن أن يواجهوا المحاكمة لمجرد بثهم منشورا على فيسبوك كما حدث مع أحد المحامين الذين حكم عليهم غيابيا يوم الجمعة الماضي 10 أشهر سجنا، لمجرد وصفه تحركات الرئيس بأنها "انقلاب".
قمع متكرر
وبحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، ان "الاحتجاجات التي شكلت عنصرا أساسيا في المشهد السياسي التونسي خلال العقد الماضي فيما كانت الحكومات المتعاقبة تكافح لمعالجة المشاكل الاقتصادية، تواجه الآن المزيد من القمع المتكرر، حيث تضاعف عدد الاعتقالات السرية للمعارضين المحتملين.
وتأتي هذه التطورات في وقت عصيب بالنسبة لاقتصاد هذه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا والمعتمد على السياحة والزراعة".
يُذكر أن المصرف المركزي التونسي قد حذر من أن آفاق التعافي في 2022 "خجولة"، إذ سجل التضخم في ديسمبر/كانون الأول الماضي أعلى مستوى له منذ أكثر من عامين.
وانخفض الناتج المحلي الإجمالي في تونس في العام 2020 بنسبة 8.8%، وكان نموه محدودا العام الماضي.