أكد رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي خلال كلمة القاها في اربيل لمناسبة اليوم الوطني العراقي ومرور خمسة اعوام على رحيل الرئيس الاسبق جلال طالباني ان العراقيين يستذكرونه اليوم وهم في أشد الحاجة إلى صبره وحكمته، وقدرته على احتواء الأزمات، وتقريب وجهات النظرِ المتباينة، واستعادة الثقة المفقودة بين إخوة الوطن الواحد، الذين قدموا الكثير من التضحيات والدماء الغالية في مختلف مراحل النضال في سبيل الديمقراطية، ومن أجل الوطن وحريته.
اضاف الكاظمي، نستذكره اليوم، ونحن نعيش زمناً تلاشت فيه القيم والأخلاق في عالم السياسة، وغلّبت لغة الاتهام والتخوين، على لغة التهدئة والحوار وصولاً إلى الحل.
وقال اليوم وسط كل هذا الانسداد السياسي، يكون لغياب شخصية بوزن مام جلال أثرٌ ومعنى، كان الراحل سيدفع بقوّة، بجميع القادة السياسيين إلى طاولة الحوار، لأجل نقاش هادئ عاقل، يعيد من خلاله ثقة فُقدت، مع تغلّب المصالحِ الضيقة، والمكتسبات الآنية، على المصلحة الوطنية العامة. فشجاعة الحوار ومبدأُ حسنِ النية والدبلوماسيةُ الهادئة والابتعاد عن التصلب في المواقف كانت أدوات "مام جلال" وخريطة الطريقِ التي وضعها -رحمه الله- لحل الأزمات.
واضاف رئيس الحكومة في كلمته، نستلهم من عزم الراحل الكبير وإرادته والقيم التي تركها بيننا دوافع الوصول إلى الحلول، التي تنسجم مع قيمنا الوطنية، ومع قناعاتنا بضرورة بناء دولة المؤسسات، والتي تقدّم مصلحة المواطنِ على أي مصلحةٍ فرديةٍ أو فئوية. نؤكّد من هذا المنطلقِ على ضرورة العودة إلى طاولةِ الحوار الوطني الجامعِ لكل العراقيين لنطرحَ معاً هواجسنا، ونناقش خلافاتِنا، ونضع الحلول بناءً على المشتركات.
واشار الى ان العراق وشعبه ومصالح العراقيين هي الغايات التي يجب أن تكون أمامنا جميعاً، والهدف الذي يجب أن يتقدم الجميع إلى طاولة الحوارِ الوطني. فالاتفاق الوطني على أساس المشتركات العراقية العميقة، والقيم الوطنية المترسخة في بلادنا ليس بالصعب أو المستحيل. العراقيون استطاعوا أن يعيدوا تقديم أنفسهم للعالم بصورة تليق بهم وبتاريخهم، وبإمكانهم اليوم صياغة حل يحفظ مستقبل وطنهم، ومستقبلَ أبنائهم.
فلنتمسّك بالحوار والحوارِ والحوار... ولا شيء غيره، فهو سبيلنا الوحيد لحلّ الأزمة، وإلا فالنار ستحرق الجميع، لا سمح الله... الشجاعة الحقيقية هي في حفظ مصالحِ العراقيين، وأمنهم وسلمِهم الاجتماعي، وأن نفكر معاً بمستقبل أجيالنا القادمة.
واضاف هذه الحكومةُ تحمّلت الكثير، من الظروفِ الصعبةِ والاستثنائيّة، ومن التلفيقِ والتزوير، وكيلِ الاتهاماتِ الباطلة، لتحصيل مكسب هنا أو هناك، وهذا ما يتنافى مع كلِ القيم. نعمل ما يمليه علينا واجبنا الوطني والأخلاقي والإنساني، لأجل عراقنا العظيم، الذي كان مهد الحضارة الإنسانية. وهذه الحكومة أريد لها أن تتورط بالدم وتسكت عن صفقات مشبوهة وسرقات موصوفة، حتى يرضى عنها طرف هنا أو هناك... هذه الحكومة أرادها البعض جسراً لعبور مرحلة ما، من دونِ تغيير حقيقي... نعم، أقول ذلك بصراحة، وللتاريخ... هناك من أراد لهذه الحكومة أن تقمع الأصوات المطالبة بأدنى الحقوق، وأن تكون أداة بأيديهم، ولكنهم فشلوا، فما كان منهم إلا وضع العراقيل أمامها لغرض إفشالها بكل الوسائل.
ومع ذلك، تحملنا، وتعلمنا من تجارب القامات الشامخة، كقامة "مام جلال"، أن نصبر لأجل المصلحة العليا، ونعمل بصدق وإخلاص، ولا نلتفت للتجني والصراخ والطعن.
وختم قائلا، سنعمل حتى اللحظة الأخيرة، دون كلل وملل، وسندعو للحوار، ونستخدم آليات الحوار، وسنحفظ دماء شعبنا وكرامته مهما كلفنا الأمر، ومهما هوجمنا أو وصفنا بالضعف... فقط لأننا نعتبر دم العراقي مقدساً، وسفكه خطاً أحمر، فنحن – وبكل عزم وإصرار – نعمل على إنهاء مراحل العنف والقتال، لأجل الهدوء والسلام... لأجل مستقبل خال من الدم، مليء بالأملِ والعمل، لأجل العراق والعراقيين.