في خضم أزمة هي الأشد والأقصى على لبنان، شهدت الليرة اللبنانية انهياراً دراماتيكياً، في أقل من عامين، بينما كانت تعد من أقوى العملات في ستينيات القرن الماضي.
وخسرت العملة الوطنية اللبنانية نحو 80% من قيمتها في مدّة لا تتجاوز 18 شهراً.
فما بين أيام العزّ والإنهيار الحاصل ، مراحل عدة مرّت بها الليرة اللبنانية.
أيام العزّ
منذ استقلال لبنان عن الانتداب الفرنسي ، شهد لبنان حروبا أهلية وطائفية ساهمت بتدهور عملته إلا أنه كان يشهد بين هذه الهزات، فترات من "العز" الاقتصادي والازدهار ومر الاقتصاد اللبناني بسنوات ذهبية خصوصاً في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وحتى أوائل الثمانينيات، وأصبح فيها منتجعاً للشرق الأوسط وسوقه المالي والتجاري الأبرز.
وكانت العملة اللبنانية تعد من أقوى 10 عملات في العالم بين 1960 و1970 بحيث لم يتجاوز سعر الدولار الواحد 3 ليرات لبنانية، قبل أن تبدأ في الانهيار في الثمانينيات تدريجياً لتصل إلى نحو 3000 ليرة للدولار الواحد في 1991 وتعود بعدها وتتراجع إلى 1500 ليرة فور انتهاء الحرب الأهلية ودخول لبنان مرحلة اتفاق الطائف وتوّلي الرئيس رفيق الحريري الحكومة.
وتم تثبيت الليرة عند هذا الرقم حتى أكتوبر/تشرين الأول عام 2019 حين شهدت انهياراً دراماتيكياً وصل إلى نحو 15000 ليرة للدولار الواحد في الثلث الأول من عام 2021.
ثماني مراحل
تمتد المرحلة الأولى، بحسب دراسة أجرتها شركة "الدولية للمعلومات" من عام 1960 حتى 1981 وتميزت هذه المرحلة بقوة الليرة، وتراوح سعر الصرف في هذه المدة الطويلة بين 2.3 و4.3 ليرة للدولار الواحد.
أما المرحلة الثانية، فبدأت من عام 1982 وحتى عام 1985: وتميزت هذه الفترة ببداية ارتفاع سعر صرف الدولار، وبلغ سعر الصرف 4.7 ليرة للدولار عام 1983، وبلغ 18.1 ليرة للدولار عام 1985.
والمرحلة الثالثة، والتي بدأت من 1986 حتى عام 1992 تميزت هذه الفترة بالارتفاع الكبير في سعر الصرف، فقد ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة من 87 ليرة في نهاية عام 1986 إلى 2825 ليرة - 3000 ليرة في شهر سبتمبر/أيلول 1992، وهذه المرحلة التي شهد فيها لبنان أصعب حروبه الأهلية.
فيما المرحلة الرابعة والتي تمتد من عام 1993حتى عام 1998، فتميزت بتراجع سعر صرف الدولار من 2825 ليرة إلى 1508 ليرات، وهذه المرحلة التي تلت عملية المصالحة اللبنانية في مدينة الطائف السعودية وأوقفت الحرب الأهلية وأطلقت السوق المالية الحرة.
ومن عام 1999 إلى عام 2019، تميزت المرحلة الخامسة بالاستقرار، فقد استقر سعر صرف الدولار خلال هذه الفترة الطويلة عند 1505 ليرات - 1515 ليرة وبمتوسط 1507.5.
والمرحلة السادسة التي تمتد من أكتوبر/تشرين الأول 2019 وحتى ديسمبر/ كانون الأول 2019 تميزت هذه المرحلة ببداية الارتفاع إذ ارتفع سعر صرف الدولار إلى 2000 ليرة.
والسابعة التي تمتد من شهر يناير/كانون الثاني 2020 حتى يناير/كانون الثاني 2021 تميزت هذه المرحلة بالارتفاع الكبير والجنوني وقد ارتفع خلال هذه الفترة من 2000 ليرة إلى نحو 8500 ليرة وفقا للتالي:
يناير/كانون الثاني 2020: 2000 - 2400 ليرة للدولار الواحد
فبراير/شباط 2020: 2200 - 2500 ليرة للدولار الواحد
مارس/آذار 2020: 2400 - 2750 ليرة للدولار الواحد
أبريل/نيسان 2020: 2800 - 3800 ليرة للدولار الواحد
مايو/أيام 2020: 3500 - 4250 ليرة للدولار الواحد
يونيو/حزيران 2020: 5500 - 7200 ليرة للدولار الواحد
يوليو/تموز 2020: 7500 - 8000 ليرة للدولار الواحد
أغسطس/آب 2020: 8000 ليرة للدولار الواحد
سبتمبر/أيلول 2020: 7500 - 8200 ليرة للدولار الواحد
أكتوبر/تشرين الأول 2020: 6500 - 8500 ليرة للدولار الواحد
نوفمبر/تشرين الثاني 2020: 7250 - 8000 ليرة للدولار الواحد
ديسمبر/كانون الأول 2020: 7200 - 8000 ليرة للدولار الواحد
والمرحلة الثامنة والأخيرة والتي بدأت من يناير/كانون الثاني وحتى مارس/آذار 2021، وتميزت هذه المرحلة بالانهيار الكبير، فخلال الأشهر الأولى من عام 2021، تابع سعر صرف الدولار ارتفاعه مقابل الليرة واقترب من حدود 15000 ليرة ما شكل انهيارا كبيرا للعملة المحلية:
يناير/كانون الأول 2021: 8500 - 9000 ليرة للدولار الواحد
فبراير/شباط 2021: 9000 - 9500 ليرة للدولار الواحد
مارس/آذار 2021: 9500 - 15000 ليرة للدولار الواحد
اليوم في تشرين الثاني 2021 25.000 ليرة للدولار الواحد
غياب الحكومة
وعلى الرغم من الانهيار الشامل وتشكيل حكومة برئاسة نجيب ميقاتي إلا أنها لم تجتمع من جراء مقاطعة وزراء حزب الله معارضة لمسار التحقيق في تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020. وعدم اجتماع الحكومة ينعكس سلباً على الواقع المالي العام ويؤخّر البدء بالصلاحات من أجل الحصول على مساعدات دولية تنعش الاقتصاد اللبناني.