بعد شهر من تعنت المصارف اللبنانية وإصرارها على عدم التعاون مع طلبات القضاء اللبناني في ما خص داتا المصرفيّة الخاصّة بشقيق حاكم مصرف لبنان رجا سلامة، والكشف عن كيفيّة تحصيل عمولات "شركة فوري" في لبنان قبل تبييضها في أوروبا، قرّر مجلس إدارة جمعية المصارف رفع دعاوى قضائية ضدّ الدولة ومصرف لبنان.
بحسب الدكتور منير راشد، وهو رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية ومحاضر في اقتصاد الطاقة في الجامعة الأميركية في بيروت،"هذا الإجراء جاء متأخرا ولكنه كان ضروريا لتتمكن المصارف من حماية نفسها".
وقال راشد في حديث لـ"جسور": أساس المشكلة أن جزءا كبيرا من ودائع العملاء لديهم
وضعت في المصرف المركزي الذي لم يعد يملكها لردّها، وذلك بعد ممارسته لوقت طويل سياسات الفوائد المرتفعة لتشجيع المصارف على وضع الودائع ".
وأشار إلى أن "المسؤولية تقع على مصرف لبنان، وعلى الدولة التي صرفت الجزء الأكبر من الأموال التي كانت لديه، وعندما رفعت الناس دعاوى لاستعادة ودائعها، أصبحت المصارف مضطرة لإتخاذ إجراءات قانونية ضد مصرف لبنان".
ولفت راشد إلى أن "الدولة مسؤولة عن أي خسارة تحدث في مصرف لبنان الذي هو جزء منها، لكن المصارف لن تتمكن من إجبار مصرف لبنان على رد الأموال، إلا إذا أحالت القضية إلى المحكمة أو محاكمة دولية تنظر إلى هذه الخلافات التي لا يملك القضاء المحلي القدرة على معالجتها".
إمكانية حل مشكلة المودعين
وإذا تمكنت المصارف من تحصيل أموالها من مصرف لبنان، فستحل مشكلة المودعين، لأنهم سيتمكنون بدورهم من تحصيل أموالهم من المصارف، لكن إن لم يكن مصرف يملك الأموال الكافية لردها، فبإمكانه طباعة عملة محلية وإعادة الأموال بالليرة على سعر صرف الدولار الحر (السعر لدى الصرافين)".
واعتبر راشد أن "من أهم الإجراءات التي على مصرف لبنان اتخاذها هو تحرير سعر الصرف بالليرة، فالدولة تحدثت عن صندوق سيادي لكنها لا تستطيع إدارته، وما يجب فعله هو تحويل القطاع العام إلى شركات مساهمة بإدارة القطاع الخاص، وإعطاء الأولوية لأصحاب الودائع ليتمكنوا من الشراء بودائعهم، ثم وضع حدود على الملكيات الخاصة كي لا تتحول إلى مؤسسات إحتكارية".
مجموعة خيارات
وقبل نحو أسبوعين، كُلّف مجلس إدارة جمعية المصارف بالدعوى ضدّ الدولة ومصرف لبنان، المحامي نصري دياب وإلى جانبه إيلي شمعون وربما أكرم عازوري وأسامة سلمان.
وعرض في الأسبوع الماضي فريق المحامين على الجمعية مجموعة خيارات، من بينها رفع دعويين مستقلتين، واحدة أمام مجلس شورى الدولة على الدولة اللبنانية لمطالبتها بتسديد سندات اليوروبوندز، والثانية أمام القضاء المستعجل على مصرف لبنان للمطالبة بودائع الزبائن لدى مصرف لبنان.
ويجري درس مزيد من الخيارات، لكن المرجحة أكثر هي الدعوى المستعجلة ضدّ مصرف لبنان لمنعه من التصرّف بالاحتياطات الإلزامية بالدولار التي فرضها على المصارف بموجب تعاميمه ضمن نسبة 14% من مجمل قيمة ودائع كل مصرف بالدولار، أو بالحصول على سلفة موقتة على ودائع المصرف لدى مصرف لبنان المستحقة السداد والتي يمتنع عن سدادها، معطّلاً المصارف من تسديد الودائع لأصحابها.
وتزعم المصارف بأنها سترفع الدعوى نيابة عن المودعين، ودفاعاً عن حقوقهم التي سلبها منهم مصرف لبنان، لكنه كان لافتا أن الجمعية انتظرت أكثر من سنتين ونصف السنة حتى تقوم بخطوة كهذه في توقيت يأتي بعد اتفاق لبنان مع صندوق النقد الدولي على برنامج تمويلي وخطّة قائمة على شطب رساميل المصارف.