مع تأزم العمليات العسكرية بين موسكو وكييف، يحاول حلف شمال الأطلسي "الناتو" فرض قواعده على مسار الحرب عقب غزو القوات الروسية أوكرانيا.
ومستفيدا من المشهد المعقد دولياً، يعزز الناتو علاقاته لا سيما في الشرق الاوسط ومن بينها العراق وقد برزت محاولات متبادلة لتقوية العلاقات بشكل أوثق لتدعيم قدرات المؤسسة العسكرية العراقية.
ففي الأيام القليلة الماضية، عقدت سلسلة اجتماعات بين بعثة "الناتو" في العراق والمسؤولين العراقيين، وآخرها مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ونائبه الأول حاكم الزاملي، وقد التقيا وفداً من اللجنة البرلمانية في "الناتو" برئاسة النائب مادس فوغيلدي، حيث جرى تأكيد أهمية تعزيز العلاقة المستقبلية بين الطرفين، وسبل مواجهة التطرف ومكافحة الإرهاب.
وفي معلومات لـ"جسور"، يؤكد متابعون أن استقرار العراق أمنياً واقتصادياً وسياسياً، عامل أساس ومؤثر في استقرار الشرق الأوسط برمته، فضلا عن ضرورة استمرار أطر التعاون ما بين العراق والناتو في المجالات الأمنية والتدريب ومحاربة الإرهاب.
علاقة استراتيجية
وفي حديث لـ "جسور"، رأى الكاتب والمحلل السياسي، علي البيدر، أنّ تطوير علاقة العراق مع حلف شمال الأطلسي مهم جداً، لا سيما في ظل الانسحاب الأميركي من البلاد"، مشددا على أن العلاقة بين العراق وحلف الناتو استراتيجية ومهمة لضبط إيقاع الوضع الأمني وتطوير إمكانات ومهارات الجيش العراقي والأجهزة الأمنية.
وأكد البيدر، أن الإمكانات التي يتمتع بها الناتو عالية جداً من ناحية التدريب والتسليح والتجهيز، كما أنّ العراق صديق لحلف الناتو، والصداقة ستصب لصالح القوات الأمنية العراقية والأجهزة الأمنية العراقية.
ولفت البيدر إلى أن هذا الأمر سيمكّن العراق من عقد صفقات تسليح مع دول ضمن حلف شمال الأطلسي، وكذلك اتفاقيات مع دول الحلف في مجال التدريب ومن الممكن للعراق أن يقوم بمناورات مشتركة مع الناتو، أو مع دول داخل الحلف، لتطوير قدرات قواته المسلحة في مواجهة داعش ومنع تسلل الإرهابيين عبر الأراضي السورية".
"مرحلة التشريك"
من جهته، رأى المستشار في المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الدكتور الناصر دريد، أنّ علاقة العراق بالناتو تندرج ضمن الإطار الرسمي الذي التزم به الحلف تجاه العراق منذ قضية داعش وحتى الآن والمتمثل بتدريب القوات العراقية ومساعدتها عند الحاجة لمقاومة التنظيمات الإرهابية وغيرها.
وبعد أحداث أوكرانيا، يبدو أن حلف الناتو يدخل مرحلة جديدة وهي "مرحلة التشريك"، فالولايات المتحدة الأميركية لم تعد تمتلك زعامة الناتو الذي يتكئ عليها الجميع، وبالتالي أصبح هناك دور جديد للاتحاد الأوروبي يُنظر فيه بنوع من الاستقلالية عن القرار الأميركي والشراكة وليس الانفصال عن القرار الأميركي.
الاستفادة من "الناتو"
وفي وقت سابق، قال مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، إن العراق سيعمل على الاستفادة من خبرات حلف شمال الأطلسي كون داعش لا يزال يمثل خطراً كبيراً.
ونقل مكتب مستشار الأمن القومي العراقي، بعد لقائه قائد بعثة "الناتو" في العراق، بيار أولسن، تأكيد الأعرجي أن وجود بعثة الحلف جاء بطلب من الحكومة العراقية وأن أي توسيع للمهمات سيكون بناءً على طلبها. ونقل البيان عن أولسن أن "بعثة الناتو تدعم العراق لمواجهة الإرهاب والتطرف".
مذكرة تفاهم ؟
ووافق مجلس وكلاء الأمن الوطني العراقي، على إبرام مذكرة تفاهم بين وزارة الدفاع العراقية وحلف الناتو.
وذكر المكتب الإعلامي لمستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي أن المجلس عقد جلسته الثامنة للعام الحالي برئاسة الأعرجي، حيث جرت مناقشة المواضيع المدرجة على جدول أعماله واتخذت القرارات والتوصيات اللازمة بشأنها، مشيرًا إلى أن المجلس وافق على إبرام مذكرة التفاهم بين وزارة الدفاع ومجموعة الناتو.
وهنا يؤكد البيدر أن التعاون القائم بين الجانبين من شأنه أن يشجّع دخول الشركات الاستثمارية للعراق والمساهمة في نقل الخبرات وزيادة التعاون الاقتصادي وخطط إنعاش الصناعة والزراعة، هذا فضلا عن خطط وبرامج التعاون العسكري.