تسارعت التطورات في تونس في الساعات الماضية والانظار عادت مجدداً الى شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة وأعادت معها الى الاذهان مشاهد ثورة 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
حدة الإحتجاجات طرحت تساؤلات عدة عن مدى قدرة الرئيس قيس سعيد على تنفيذ خارطة الطريق وسط معارضة بعض الأحزاب والقوى المدنية.
تأثير محدود
ويؤكد أستاذ التاريخ المعاصر والمحلل السياسي التونسي، الدكتور عبد اللطيف الحناشي في حديث لـ "جسور" أن "تأثير الإحتجاجات حتى الآن يبدو محدوداً جداً ".
وشرح الحناشي، "أن أغلب المشاركين هم من مناصري حركة النهضة التي تتمتع بامتداد جغرافي وإجتماعي أما الأحزاب الأخرى سواء التكتل أو الجمهوري أو حتى التيار الديمقراطي يبدو أن مشاركتهم كانت محدودة بحسب الدوائر الرسمية وغير الرسمية وبالتالي تأثير هذا الحراك سيكون محدوداً في الداخل التونسي".
وفي حال ازداد زخم الإحتجاجات، يعتقد الدكتور الحناشي، أن الرئيس وضع إحتمالات عدة لكن حتى الساعة لا تأثيرات على المسار الذي اتخذه سعيد، مشيرا إلى أن المشاركة جاءت عكس التوقعات ، وكانت بالمئات لا بل الالاف.
ارباك تونسي
ويربط الحناشي، أي سيناريو مرتقب بمدى تفاعل الرئيس سعيد مع المطالب الحيوية للجمهور التونسي وبشكل خاص مع الإتحاد العام للشغل وكذلك اتحاد الصناعة والتجارة.
ويقول: "قوتان مهمتان جداً وتحددان أي خطوة مستقبلية للرئيس إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن سعيد وحتى الآن لا يتفاعل مع هذه القوى أو أي قوى مساندة بشكل نقدي له أو بشكل مطلق مما قد يؤثر على الوضع العام والرزنامة السياسية لعام 2022 الذي كان قد وضعها سابقاً".
وأضاف الحناشي لـ" جسور"، "مما لا شك فيه أن لموقف الإتحاد وزناً اجتماعياً ووطنياً كما وأنه يطرح جملة من المطالب المهمة التي ستكون المعطى الأساسي الذي يمكن أن يغير أي وضع في البلاد من جهة مساندة الرئيس بإجراءاته في حال تجاوب معهم أو غير ذلك".
ويعتبر الحناشي، أن "الوضع الحالي في تونس مربك وغامض وبملامح غير دقيقة،
وللأسف رئيس الجمهورية عوضاً من أن يقلص من حجم المواجهة يخلق خصوما جددا له".
عراقيل تواجه خارطة 2022
توازياً، أكد محللون "عدم قدرة سعيد على تنفيذ خارطته"، في ظل تزايد مطالب القوى المدنية للناس بمقاطعة الإستشارة الإلكترونية، التي اعتبرتها المعارضة "التفافاً على مطالب التونسيين" بإجراء حوار مباشر بين القوى التونسية، إذ من الصعب أن تعكس التنوع الحقيقي للشعب التونسي، ولن تلبي تطلعاته.
وكان اتحاد الشغل ذو التأثير القوي في تونس انتقد في 4 يناير/كانون الثاني الجاري، خارطة الطريق، وقال إنها لا تنفصل عن التفرد بالحكم والإقصاء.
كما اعتبرت حركة النهضة أن خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس قيس سعيد، "خطوة أحادية لا تلزم "، مؤكدة رفضها "للإجراءات الإنقلابية" التي أقدم عليها، بحسب تعبيرها.
وفي 25 يوليو/تموز، قرر الرئيس التونسي تعليق أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة السابق وتولي السلطات في البلاد ليعيّن لاحقاً حكومة جديدة برئاسة نجلاء بودن كما علّق العمل بفصول من دستور عام 2014.
وحدد سعيّد روزنامة سياسية للعام 2022 تبدأ بـ"استشارة شعبية" وتنتهي باستفتاء شعبي مرتقب في 25 يوليو/تموز، يتم بمقتضاه إجراء تعديلات دستورية، على أن تقام انتخابات نيابية في ديسمبر/ كانون الأول عام 2022، ويبقى البرلمان الحالي مجمّدا إلى ذلك التاريخ. إلا أن خطوات الرئيس واجهتها دائماً معارضة شديدة من أحزاب سياسية، يتقدمها حزب النهضة، شخصيات سياسية بارزة وحقوقيون.