اتفاقية نقل الغاز المصري عبر سوريا إلى لبنان، التي تعرضت خلال الأشهر الماضية إلى العديد من العوائق والعقبات، أبرزها العقوبات المفروضة على سوريا "قانون قيصر"، وقّعت اليوم بين هذه الدول، ولكن تساؤلات برزتْ حول مدى تنفيذ هذه الاتفاقية بالشكل المتفق عليه، أو إذا ما كانت ستتعرض لبعض الاختراقات. والى حين جني ثمار هذه الاتفاقية على ارض الواقع، يواصل العراق امداد لبنان بالفيول الذي ساهم في ابعاد شبح العتمة الشاملة عن لبنان، وفي بلسمة جرح كهربائي نازف منذ عشرات السنين.
وبموجب الاتفاقية الاخيرة، سيتم ضخ الغاز عبر خط أنابيب إلى محطة كهرباء دير عمار في شمال لبنان، حيث يمكن أن تضيف حوالى 450 ميغاوات إلى الشبكة، أي ما يعادل حوالي أربع ساعات إضافية من الكهرباء يوميا، وهنا يؤكد خبراء لـ"جسور" أن هنالك العديد من العوامل تعيق تنفيذ مشروع نقل الكهرباء إلى لبنان عبر الأراضي السورية، منها متعلق بالسياسة والاقتصاد، وعدم كفاءة البنى التحتية في لبنان.
بغداد تبعد العتمة
وعن هذا الشأن، تحدثت المحامية والخبيرة القانونية في شؤون الطاقة، كرستينا ابي حيدر، في تصريح لـ"جسور"، مثنية على أهمية الاتفاقية التي وقّعها لبنان مع مصر وسوريا، لاستيراد 720 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المصري سنوياً عبر الأراضي السورية، في محاولة لتخفيف أزمة انقطاع التيار الكهربائي، مؤكدة أن العبرة تبقى في التنفيذ. وأضافت أبي حيدر، أنه في الأشهر القليلة الماضية وقّع وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال، وليد فياض، اتفاقية لاستجرار الكهرباء من الأردن ولم تصل حتى اللحظة بسبب العقبات المالية التي تشكّل الحاجز الأكبر لعدم حصولنا على التغذية الكهربائية اللازمة، وكون لبنان لا يملك أي تمويل فهذا يعني بطبيعة الحال أنه غير قادر على الحصول على الكهرباء الأردنية ولا الغاز المصري.
وفي السياق، توجّهت أبي حيدر بالشكر إلى العراق الذي لم يتوان عن مساعدة الشعب اللّبناني قدر المُستطاع وعلى إنقاذ لبنان من العتمة عبر العقد المؤجل الدفع للحصول على نفطه، مبيّنة أن الهبة العراقية أعادت الكهرباء الى منازل اللبنانيين ولو لمرحلة معينة، لكن أجل هذا العقد سينتهي في أيلول / سبتمبر المقبل. وتساءلت: إذا لم يسدّد لبنان ثمن هذا العقد إلى العراق هل سيجدّد هذا العقد للمحافظة على ساعتي التغذية التي تتمتع بهما بيروت؟
زيادة في التغذية!
وتصل فجر الخميس المقبل الباخرة المحملة بالمازوت لترسو قبالة معمل دير عمار الحراري على أن تجرى لها الفحوصات المخبرية التي سترسل إلى مختبرات دبي وعلى أن يتمَّ ربطها بالشكبة الكهربائية خلال عملية تفريغ حمولتها بالخزانات التابعة للمعمل فور ظهور النتيجة الايجابية. وأفادت مصادر أنَّ كمية الفيول تكفي حاجة الانتاج والتوزيع في معملي الزهراني ودير عمار على أن تقتصر التغذية بالتيار الكهربائي على تزويد المناطق بساعتي تغذية كلّ أربعٍ وعشرين ساعة.
واشنطن ستقيّم المشروع
وفي وقت سابق، قال مسؤول أميركي، إن الموافقة النهائية على الاتفاق بين البلدين ستسمح لواشنطن بتقييم ما إذا كان المشروع يمتثل للعقوبات الأميركية على سوريا، وبعد ذلك يمكن أن "يتدفق الغاز في نهاية المطاف". أما إذا وجدت واشنطن أن هذا الاتفاق قد يخالف قانون "قيصر" المفروض على حكومة دمشق، فقد تسحب الموافقة وبالتالي توقف الاتفاقية.