اذا اردنا ان نروي حكايات داعش في العراق فعنوانها حتمًا: الوحشية وانعدام انسانية. لا يمكن لعقل انسان ان يتخايل حجم المأساة والانتهاكات المروعة التي عانى منها الاطفال والنساء في العراق خلال حكم داعش ولعل ابرزها قصة الطفلة الايزيدية التي لفظت انفاسها الاخيرة مربوطة تحت اشعة الشمس من دون ماء او طعام لساعات.
بعد سنوات تعود قضية ابنة الـ 5 سنوات التي حفرت قصتها في وجدان العراقيين الى الواجهة. اذ حكم على الداعشية الألمانية جنيفر فينيش، من قبل محكمة ألمانية بالسجن 10 سنوات لتركها الطفلة تموت عطشًا في لهيب الشمس بعدما استعبدتها هي وزوجها العضو في تنظيم داعش في العراق.
واتهم الادعاء الالماني فينيش بعدم التدخل لمنع شريكها، ولدى سؤالها عن السبب خلال المحاكمة، قالت إنها كانت "تخشى" أن "يحبسها". في حين ألمح محاموها، كما محامي زوجها أن الفتاة، التي نُقلت لاحقاً، إلى مستشفى في مدينة الفلوجة، ربما لم تفارق الحياة، وطالبوا بسجن موكلتهم مع وقف التنفيذ، بحجة "مساندة" التنظيم فقط.
إلا أن والدة الطفلة نورا، والتي تقيم متوارية في ألمانيا، نفت تمامًا رواية المحامي، مؤكدة موت ابنتها، بعد أن أدلت بشهادتها الرئيسية خلال محاكمة الزوجين السابقين.
استعباد وقتل عمد
فينيش هي مواطنة المانية من لوهن، في ولاية سكسونيا السفلى، شمال غرب البلاد، كانت غادرت الى العراق للانضمام الى "اخوتها" بحسب ما اقرت امام محكمة ميونخ. وكانت تلقت لعدة أشهر تدريبات مسلحة ضمن ما يعرف بـ "الحسبة" أو شرطة الآداب في داعش، في الفلوجة والموصل.
تزوجت من عضو تنظيم داعش طه الجميلي وفي صيف العام 2015، قامت فينيش والجميلي، الذي يحاكم بدوره حالياً في فرانكفورت بتهم مماثلة، بشراء فتاة ايزيدية تبلغ من العمر 5 سنوات ووالدتها من سبايا الأقلية الإيزيدية من أجل استعبادهما.
وكانت الفتاة الصغيرة وامها تتعرضان يوميًا للتعذيب وذات يوم "عوقبت" الفتاة لأنها تبولت على سريرها، فعمد الجميلي الى ربطها بنافذة خارج المنزل الذي كانت محتجزة فيه مع والدتها، في درجة حرارة تبلغ 50 مئوية، لتلفظ أنفاسها بعد ساعات بسبب العطش والجوع، فيما اجبرت الام بعد الحادثة على البقاء في المنزل وخدمة الزوجين.
واقتيدت فينيش من قبل أجهزة الأمن التركية الى المانيا في يناير/كانون الثاني 2016، اذ تم اعتقالها أثناء محاولتها الذهاب مع ابنتها الرضيعة إلى المناطق التي كان التنظيم لا يزال يسيطر عليها في سوريا. وخلال رحلتها، أخبرت سائق عن حياتها في العراق، إلا أن الأخير كان مخبراً لمكتب التحقيقات الفيدرالي ويقود سيارة مزودة بأجهزة تنصت، فاستخدمت النيابة هذه التسجيلات لتوجيه الاتهام إليها.