استمرّت الأزمة الديبلوماسيّة الخليجيّة-اللّبنانيّة أكثر من شهر ولم تنتهِ مع استقالة وزير الإعلام اللّبناني جورج قرداحي، فما من شيء مضمون. النّقمة الخليجيّة قائمة حتّى السّاعة خصوصًا وأنّ مجلس التعاون الخليجيّ كان قد أعلن أنّ مشكلته ليست مع قرداحي بل مع حزب الله وطلب الخليج من لبنان أن يُثبت أنّ قراراته لا تتّخذها إيران و"حزب الله".
حتّى هذه السّاعة لم يتبدّل المشهد المتأزّم على أرض الواقع، فلا تزال العلاقاتُ بين لبنان والخليج مُعقّدة، خصوصًا وأنّ الصادرات بين لبنان والخليج مُجمّدة. حتّى أنّ التعامل بين السعوديّة تحديدًا ودور النشر والمطابع اللّبنانيّة لا تزال متوقّفة بعدما كانت أرباح دور النشر ترتكز على صادراتها إلى الخليج.
العلاقة الديبلوماسيّة بعد الاستقالة
هل استقالة قرداحي ستوحي للدول الخليجيّة أنّ لبنان استطاع أن يأخذ قرارًا على عكس هوى حزب الله؟
الجواب قد يتّضح مع زيارة الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون إلى السّعوديّة، نظرًا إلى أنّ ماكرون سيطّلع على الموقف الخليجي وأملَ أن تُثمر زيارتُه حلحة على صعيد الأزمة الخليجيّة.
السؤال هذا يُحيلنا إلى سؤال آخر رئيسيّ: هل استقالة قرداحي كانت لتحصل لو أنّ حزب الله ظلّ متمسّكًا به؟
مع بداية الأزمة الديبلوماسيّة، رفض حزب الله الاستغناء عن قرداحي رفضًا قاطعًا واتّهم المملكة العربيّة السّعوديّة أنّها تُشنّ على لبنان هجومًا غير مبرّر. في المقابل وقبل استقالة قرداحي بساعات، تقلّصت حدة موقف حزب الله وقالت مصادر الثنائي الشيعي إنّ موقف وزرائه غير محسوم بعد في حال استقال قرداحي بعدما كان الثنائي نفسه يلوّح باستقالة وزرائه من الحكومة في حال غاب عنها قرداحي.
هذا التغيّر اللّافت في موقف حزب الله، يُحيلنا بدوره إلى سؤال ثالث أساسيّ أيضًا: ما هي المكافأة الّتي ينتظرها حزب الله مقابل استغنائه عن قرداحي؟
الجواب قد يتّضح مع زيارة الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون إلى السّعوديّة، نظرًا إلى أنّ ماكرون سيطّلع على الموقف الخليجي وأملَ أن تُثمر زيارتُه حلحة على صعيد الأزمة الخليجيّة.
السؤال هذا يُحيلنا إلى سؤال آخر رئيسيّ: هل استقالة قرداحي كانت لتحصل لو أنّ حزب الله ظلّ متمسّكًا به؟
مع بداية الأزمة الديبلوماسيّة، رفض حزب الله الاستغناء عن قرداحي رفضًا قاطعًا واتّهم المملكة العربيّة السّعوديّة أنّها تُشنّ على لبنان هجومًا غير مبرّر. في المقابل وقبل استقالة قرداحي بساعات، تقلّصت حدة موقف حزب الله وقالت مصادر الثنائي الشيعي إنّ موقف وزرائه غير محسوم بعد في حال استقال قرداحي بعدما كان الثنائي نفسه يلوّح باستقالة وزرائه من الحكومة في حال غاب عنها قرداحي.
هذا التغيّر اللّافت في موقف حزب الله، يُحيلنا بدوره إلى سؤال ثالث أساسيّ أيضًا: ما هي المكافأة الّتي ينتظرها حزب الله مقابل استغنائه عن قرداحي؟
الاستقالة واللّقاء الثلاثي
لا يمكن عزل استقالة قرداحي عن اللّقاء الثلاثيّ بين رئيس الجمهوريّة اللّبنانيّة ميشال ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس المجلس النيابيّ نبيه برّي في قصر بعبدا في ٢٢ الشهر الماضي. في هذا الاجتماع اتّفق الرؤساء الثلاثة على أنّ كفّ يد البيطار حاجة ضروريّة لعودة العجلة الحكوميّة بعدما كان الثنائي الشيعي قد أوقف جلسات مجلس الوزراء كأسلوب ضعط "لقبع" المحقّق العدلي في قضيّة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار. الرؤساء الثلاثة اجتمعوا وأجمعوا على أنّ الخيار الأمثل هو كف يد البيطار عبر إحالة التحقيق مع المسؤولين المدّعى عليهم إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
مصادر حكوميّة تؤكّد أنّ دعم ميقاتي لهذا الخيار أتى لتهدئة حدّة الخلاف مع حزب الله من منطلق أنّ الاتّفاق الرّسمي على تنحية البيطار سيمهّد الطريق أمام التفاوض مع حزب الله لإقناعه بالاستغناء عن قرداحي. وفعلًا هذا ما حصل، فاستقال قرداحي وسط صمت تام من حزب الله. وبُعَيد استقالة قرداحي أعلن ميقاتي أنّ مجلس الوزراء سيجتمع قريبًا.
مصادر حكوميّة تؤكّد أنّ دعم ميقاتي لهذا الخيار أتى لتهدئة حدّة الخلاف مع حزب الله من منطلق أنّ الاتّفاق الرّسمي على تنحية البيطار سيمهّد الطريق أمام التفاوض مع حزب الله لإقناعه بالاستغناء عن قرداحي. وفعلًا هذا ما حصل، فاستقال قرداحي وسط صمت تام من حزب الله. وبُعَيد استقالة قرداحي أعلن ميقاتي أنّ مجلس الوزراء سيجتمع قريبًا.
قرداحي مقابل البيطار؟
إذًا المعطيات تشير إلى أنّ حل الأزمة الديبلوماسيّة أتت مقابل حل الأزمة الحكوميّة، وذلك بعدما اتّفق لبنان الرّسميّ على سحب التحقيق من يد القاضي البيطار كضمانة لحزب اللّه بأنّ اسغناءه عن قرداحي لن يذهب سدى بل سيحصل في المقابل على ما أراده منذ تعطيله الحكومة: مواجهة البيطار لمنعه من استجواب رئيس الحكومة السابق حسّان دياب والوزراء المدّعى عليهم نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زغيتر.
رئيس الجمهوريّة وعد خلال اللّقاء الثلاثيّ بأنّه سيحاول إقناع التيار الوطني الحر بحضور جلسة مجلس النواب المخصّصة لإحالة الملف إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء، فهل باتت تنحية البيطار قاب قوسين أو أدنى؟ وهل استخدم حزب الله قرداحي كورقة ضغط على لبنان للاستغناء عن البيطار تمامًا كما استخدم تعطيل الحكومة كأداة ضغط على البيطار نفسه؟
بعد أكثر من عام على انفجار مرفأ بيروت، لم يتمكّن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من الضغط على القادة اللّبنانيّين لتأليف حكومة من اختصاصيّين غير حزبيّين. هل يتمكّن ماكرون نفسه اليوم من إقناع دول الخليج في تليين موقفها تجاه لبنان؟ يبدو أنّ ماكرون على قناعة أنّ مشاوراته لن تتمكّن لوحدها من حل الخلاف، فطلب استقالة قرداحي قبل توجّهه إلى السعوديّة. من هنا، هل سيرى الخليج في هذه الاستقالة إيجابيّة؟ خارجيًّا قد يبدو لبنان أنّه تفوّق على ضغط حزب الله ولكن داخليًّا فإنّ المسؤولين اللّبنانيّين رضخوا لهذا الضغط بطريقة غير مباشرة عبر هذه المعادلة: قرداحي مقابل البيطار.
القضاء اللّبنانيّ اليوم أمام الامتحان الأكثر صعوبة، فهل سيرضخ القضاء للضغط السياسيّ أم أنّه سيبدّي حقيقة ٤ آب على من يريد اغتيال الحقيقة؟
إنّه سؤال لم يتعب المواطنون عمومًا وأهالي ضحايا الانفجار خصوصًا من طرحه منذ ٤ آب ٢٠٢٠، بعدما انقضّ المعطّلون على القضاء وها هم اليوم يخافون أن يكون مصير القاضي البيطار مماثلًا لمصير المحقّق العدلي السابق فادي صوّان.
رئيس الجمهوريّة وعد خلال اللّقاء الثلاثيّ بأنّه سيحاول إقناع التيار الوطني الحر بحضور جلسة مجلس النواب المخصّصة لإحالة الملف إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء، فهل باتت تنحية البيطار قاب قوسين أو أدنى؟ وهل استخدم حزب الله قرداحي كورقة ضغط على لبنان للاستغناء عن البيطار تمامًا كما استخدم تعطيل الحكومة كأداة ضغط على البيطار نفسه؟
بعد أكثر من عام على انفجار مرفأ بيروت، لم يتمكّن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من الضغط على القادة اللّبنانيّين لتأليف حكومة من اختصاصيّين غير حزبيّين. هل يتمكّن ماكرون نفسه اليوم من إقناع دول الخليج في تليين موقفها تجاه لبنان؟ يبدو أنّ ماكرون على قناعة أنّ مشاوراته لن تتمكّن لوحدها من حل الخلاف، فطلب استقالة قرداحي قبل توجّهه إلى السعوديّة. من هنا، هل سيرى الخليج في هذه الاستقالة إيجابيّة؟ خارجيًّا قد يبدو لبنان أنّه تفوّق على ضغط حزب الله ولكن داخليًّا فإنّ المسؤولين اللّبنانيّين رضخوا لهذا الضغط بطريقة غير مباشرة عبر هذه المعادلة: قرداحي مقابل البيطار.
القضاء اللّبنانيّ اليوم أمام الامتحان الأكثر صعوبة، فهل سيرضخ القضاء للضغط السياسيّ أم أنّه سيبدّي حقيقة ٤ آب على من يريد اغتيال الحقيقة؟
إنّه سؤال لم يتعب المواطنون عمومًا وأهالي ضحايا الانفجار خصوصًا من طرحه منذ ٤ آب ٢٠٢٠، بعدما انقضّ المعطّلون على القضاء وها هم اليوم يخافون أن يكون مصير القاضي البيطار مماثلًا لمصير المحقّق العدلي السابق فادي صوّان.