صدق الرئيس التونسي قيس سعيد على الدستور الجديد للبلاد، ليدخل حيّز التطبيق الرسمي، بعد إعلان الهيئة العليا الانتخابات عن اعتماده بنسبة 94.6 % من أصوات الناخبين، فيما تعاني تونس من أزمة سياسية حادة منذ 25 يوليو/تموز 2021، حين اتخذ الرئيس التونسي إجراءات استثنائية، منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء، اعتبرتها قوى تونسية إنقلابا على دستور 2014 وترسيخا لحكم فردي مطلق، في حين رأت قوى أخرى أنها تصحيح لمسار ثورة 2011.
وقال الرئيس سعيّد في كلمة توجّه بها إلى التونسيين في مناسبة المصادقة على دستور الجمهورية التونسية الجديد، بعد إعلان النتائج الرسمية النهائية، إن "هذا اليوم تاريخي"، ومن الأيام التاريخية الخالدة وهي كثيرة وليس أقلها 25 يوليو/ تموزمن هذه السنة والسنة التي قبلها".
وأضاف سعيّد أنّه "يوم التطابق بين الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية"، معتبرا أنّ ما قام به هوّ ''تصحيح لمسار الثورة ومسار التاريخ''، بعدما ''ساد الظلام واستفحل الظلم في كل مكان".
جمهورية جديدة
وينص الدستور الجديد لتونس، الذي سينقل البلاد نحو نظام رئاسي مطلق، على تولي الرئيس، السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعينه ويمكن أن يقيله، ويمارس صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية، في المقابل يعطي للبرلمان دورا أقل، خلافا لدستور 2014.
وهنا اعتبر المحلل السياسي التونسي باسل ترجمان في حديث لـ"جسور" أن "الدستور الجديد سيؤسس جمهورية جديدة، وسيقضي على النظام الدكتاتوري في البلاد وعلى الفساد المستشري في القطاعات كافة، ناهيك عن أن الدستور يضمن الحقوق والحريّات بشكل غير مسبوق وسيفتح آفاق تنمويّة جديدة ستعبر بالبلاد إلى برّ الأمان".
فشل القوى المعارضة
وكانت قوى سياسية عدة رفضت نتائج الاستفتاء، منها جبهة الخلاص الوطني، وحركة النهضة، والحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء.
وفي السياق، أشار ترجمان الى أن "القوى السياسية المعارضة فشلت في اسقاط الدستور الجديد، ويعد التصديق عليه يوما تاريخيا لأنه اسقط منظومة ضحكت على الشعب التونسي ونسفت مبادئ العدالة في ادراة زمام السلطة."
وأضاف "أدت ممارسات منظومات الحكم السابقة الى تردي الوضع الاقتصادي في البلاد، وسمح دستور عام 2014 للمسؤولين في السلطة بالتعسف في استعمال صلاحياتهم الدستورية لأنه لا ينص على جهة قضائية باستطاعتها محاسبة من يخالف القوانين، وبالتالي الدستور الجديد سيصحح مسار تونس وسيعيد للشعب الحرية المطلقة والسلطة لاختيار مستقبل يحاكي تطلعاتهم".
ازمة هيكلية
وعن أن 75% من الشعب لم يشاركوا في الاستفتاء على الدستور الجديد، اعتبر ترجمان أن "ذلك يعتبر كذبا و لا يمت للحقيقة بصلة، والأطراف السياسية التي تعارض قرارات الرئيس قيس سعيد تعاني من أزمة هيكلية، اذ تطالب بنظام ديمقراطي لكنها لا تؤمن به، إضافة الى افتقادها لقوة الوجود في الحياة السياسية التونسية كونها تعيش في قطيعة شاملة مع الشعب، ويظهر ذلك جليًا لأنها لا تمتلك قاعدة شعبيّة قادرة على قيادة تظاهرات ضخمة."
قانون انتخابي جديد
وأعلن الرئيس التونسي أنه سيتم في الفترة المقبلة وضع قانون انتخابي جديد، كما سيتم إرساء المحكمة الدستورية في أقرب الآجال "للحفاظ على الدستور وخصوصاً حماية الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور الجديد".
وقال"آن الأوان لوضع سياسات جديدة وتشريعات مختلفة في ظل مقاربة وطنية شاملة لا في ظل مقاربات قطاعية معزولة أثبتت التجربة فشلها".