لبنان الذي يعيش في ثالث سنة من الأزمة الاقتصادية التي سبق للبنك الدولي أن صنّفها ضمن الأزمات الأكثر شدّة على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، دخل اليوم رسميًا مرحلة ما بعد رفع الدعم عن البنزين بشكل كلّي، بعدما تمّ تخفيض نسبة الدعم عن المحروقات تدريجيًا خلال الأسابيع الماضية.
وأصبح سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان بقيمة 638 ألف ليرة، و98 أوكتان 653 ألف ليرة، والمازوت 790 ألف ليرة لبنانية، والغاز 350 ألف ليرة للقارورة.
وباتت أسعار المحروقات كلها في لبنان خارج دائرة دعم المصرف المركزي، لتُحتَسب وفق سعر صرف الدولار المتقلب، والذي شهد ارتفاعًا لافتًا خلال الأيام الماضية، فضلاً عن ارتباط تسعير المحروقات بأسعار النفط العالمية.
رفع دعم كلي
إلا أنّ رفع الدعم كليًا عن البنزين وتحريره بشكل كامل من منصّة صيرفة التابعة لمصرف لبنان على غرار ما حصل في مواد المحروقات الأخرى، سيؤدّي حتمًا إلى زيادة كبيرة تجعل سعر الصفيحة يتخطى حاجز الـ700 ألف ليرة لبنانية، وهو مسارٌ حتمًا سيخنق المواطن اللبناني والسائقين العموميين.
وهنا اعتبر الخبير الاقتصادي بيار خوري في حديث لـ"جسور" أن "رفع الدعم طال غالبية السلع، باستثناء المواد المسعّرة على منصة صيرفة إضافة الى القمح والدولار الجمركي."
منصّة صيرفة
وأمام هذه المشهدية تكثر الأسئلة حول مصير المنصّة الرسميّة لبيع وشراء الدولار التي لا يزال سعر العملة الخضراء فيها أقلّ من السعر في السوق السوداء، الأمر الذي يحدّ من جدواها.
فهل يلغي المركزي منصة "صيرفة" قريبا؟ أم أنّه سيوقف تدخله في ضخّ الدولارات من خلالها وترك التداول للأفراد الآخرين على المنصة؟
وفي هذا الصدد، يستبعد خوري الغاء منصة "صيرفة"، مشيرًا الى أن "هذه المنصة ستستمر نظرًا لوجود مجموعة مصالح مرتبطة بها، لكن مع الوقت منصّة صيرفة قد تنتهي مهامها لمصلحة سعر السوق الحرة."
سعر صرف الدولار
وافتتح سعر صرف الدولار في السوق السوداء، اليوم، بسعر تراوح بين 35300 ليرة و35400 ليرة، وسط توقعات بأن يشهد ارتفاعًا في الفترة المقبلة في ظل ما يعرف بـ"الدولرة" التي تطاول مختلف القطاعات والخدمات، عدا عن الاستحقاقات السياسية المنتظرة في البلاد على رأسها رئاسة الجمهورية مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، فضلا عن غياب الإجراءات الإصلاحية من جانب الدولة، ما يفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية.
وفي شأن ارتفاع سعر صرف الدولار أو انخفاضه في المرحلة المقبلة، أشار خوري الى أنه "وبعد رفع الدعم، سيلجأ المواطنون إلى السوق السوداء للحصول على الدولار، ما سيؤدي الى زيادة الطلب على العملة الخضراء وبالتالي الى ارتفاع في سعر صرف الدولار."
وأضاف أن "رفع الدعم سيؤدي الى زيادة السرقة في البلاد والى فوضى اجتماعية ستشمل رقعتها مناطق عدة."
تراجع القدرة الشرائيّة
في السياق، أشار عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس في حديث صحافي إلى أن "ارتفاع سعر صفيحة البنزين 20 ألفًا جاء على خلفية قرار مصرف لبنان لجهة رفع الدعم كليًا عن أسعار المحروقات".
ولفت إلى أن "القدرة الشرائية للمواطن تراجعت، وهناك بعض المحطات لا تستطيع القيام بتغطية مصاريفها الداخلية ويجب إعادة النظر بجعالتها"، وأوضح أن "هناك بلبلة كبيرة سببها التأخير في صدور جدول تركيب الأسعار، وتسعير صفيحة البنزين بالدولار هي أفضل طريقة".
وأكد البراكس، أن "وزارة الطاقة لا تعطي إذنًا بتفريغ حمولة الباخرة إذا لم تكن مطابقة للمواصفات".