بالتزامن مع الجدل الذي أثاره قانون حرية التعبير في العراق، الممتد لسنوات من قبل ناشطين ومنظمات حقوقية ومهنية تعتقد أنه بنسخته الحالية يعيق مسار الديمقراطية في البلاد، وذلك بعد قراءته للمرة الأولى في البرلمان، أصدرت السلطات الإيرانية قرارا بإلغاء شرطة الأخلاق التي تتهم بأنها وراء وفاة الشابة مهسا أميني.
ويأتي قرار طهران بعد يوم واحد من إعلان المدعي العام في إيران محمد جعفر منتظري أن البرلمان والسلطة القضائية في إيران تجريان مراجعة لقانون إلزامية ارتداء النساء لحجاب الرأس بالأماكن العامة.
وبينما يرى معارضون إيرانيون أن إلغاء شرطة الأخلاق يمثل الحد الأدنى من مطالب المتظاهرين وجاءت بهدف "امتصاص الغضب"، يواجه قانون "حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي" في العراق، رفضاً واسعاً من القوى المدنية المختلفة في البلاد، التي اعتبرته يحمل تضييقاً كبيراً على حرية التجمعات والتظاهر.
خوف حقيقي
في هذا الإطار، اعتبر الكاتب والصحافي مصطفى فحص، في حديث لـ"جسور"، أن "هناك محاولة لتطويع المجتمع وتقييد حرية التعبير وحركة الشباب في العراق، والذين سيطروا على السلطة في البلاد بعد انسحاب التيار الصدري يعملون على تقييد حركة الشارع من أجل ضمان خطة استقرار طويلة، ما يعني أن لا ثقة بهذه الحكومة".
وتابع: "هناك خوف حقيقي من تجدد تظاهرات تشرين، لذلك يريدون أن يعتبروا أن أي حركة اعتراضية هي مخالفة للقانون ويجوز قمعها، ما يعني اننا أمام استبداد حكومي جديد في العراق".
من جهة أخرى، لفت فحص إلى أن "قرار إلغاء شرطة الأخلاق في إيران هو غير واضح في مفهومه الإداري، ولم يُُعرف إن كان تجميدا أم إلغاء فعليا، لكن تفاقم الأمور في طهران تجاوز موضوع شرطة الأخلاق وأصبح مع أدوات النظام الأخرى".
وتم اعتقال أكثر من 18000 شخص في الاحتجاجات وحملة القمع العنيفة التي أعقبت ذلك، وفقا لنشطاء حقوق الإنسان في إيران.
قانون ديكتاتوري
وفي العراق، كانت رئيسة كتلة حركة "الجيل الجديد" الكردية، والتي لها 9 مقاعد نيابية وتتحالف مع حركة "امتداد" ذات العشرة مقاعد، سروة عبد الواحد، قد أصدرت بياناً وصفت فيه "قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي" بأنه "ديكتاتوري ويكمم الأفواه"، داعيةً الصحافيين والناشطين العراقيين إلى "منع تمريره"، ومعتبرةً أن تشريع هذا القانون يجعل "من المستحيل أن يسمح للصحافيين والناشطين أن يعبّروا عن رأيهم بحرية تامة".
وشرحت عبد الواحد أن العراق "لا يحتاج لتشريع قانون لحرية التعبير، لأنه مكفول بالدستور ضمن المادة 38، ولا توجد أي إشارة الى أن ينظم بقانون، ونحن نعمل حالياً على جمع التواقيع لسحب القانون لغرض التعديل، كما على الصحافيين والإعلاميين والناشطين ومنظمات المجتمع المدني والشارع الشعبي العراقي بكل أطيافه الوقوف ضد هذا القانون، وألا يسمحوا للبرلمان بتشريعه".
وحول سبب الاعتراض، قالت النائبة إن "القانون يتضمن عقوبات وفقرات جزائية كثيرة في موضوع حق التظاهر والاجتماع السلمي وأخذ الإذن للتظاهر قبل فترة معينة، وهناك مصطلحات وعبارات مطاطية يمكن لأي أحد أن يستخدمها ضد كل من يريد التظاهر والتعبير عن رأيه".
ويأتي هذا الاحتجاج بعد اعتراض سابق منتصف الشهر الماضي على مشروع قانون "جرائم المعلوماتية"، الذي يواجه أيضاً اتهامات متعلقة بالتضييق على المدونين والصحافيين والناشطين على حد سواء، ليكون بذلك ثاني أزمة متعلقة بالحريات يثيرها البرلمان العراقي.