يوما بعد يوم يتفاجأ اللبنانيون بالدرك التي وصلت إليه الدولة اللبنانية وتآمرها عليهم وعلى حياتهم.
ففي مشهد عبثي الى حد الهذيان، استدعت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون الناشطين وليام نون (شقيق ضحية انفجار مرفأ بيروت جو نون) وبيتر بو صعب (شقيق ضحية إنفار مرفأ بيروت جو بو صعب) الى التحقيق بعدما كتبوا على جدران منزل وزير العدل اللبناني هنري خوري أسماء الضحايا بانفجار المرفأ.
هذه القاضية نفسها أوقفت رجا سلامة شقيق حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، والمتهم بـ"الإثراء غير المشروع".
وبحسب الأوساط تصرفاتها "مشبوهة" وحملتها على المصارف والمصرف المركزي التي بدأت قبل شهرين من موعد الإنتخابات النيابية المقررة في مايو/ أيار ليست إلا لتلميع صورة العهد (عهد رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون) ومحاولة جديدة وليست الإخيرة لتطيير الإنتخابات النيابية ظنّاً منها ان هذه المسرحية ستستقطب ردود فعل .
سنة ونصف ولم يتوصل لبنان واللبنانيون وخاصة أهالي ضحايا انفجار المرفأ الى الحقيقة والعدالة، في الوقت الذي يسارع ويجاهد ويعاند المرشحون و"المتهمون المرشحون" ومن يمثلون في المعارك الإنتخابية لاستقطاب الأصوات.
فلماذا الإنتقائية بالقضاء والى أي مدى قد تصل عون في حربها على الأخوين سلامة والمصارف؟
القضاء.. يكيل بمكيالين
وللوقوف عند ممارسات القضاء في لبنان، يشير رئيس حزب حركة التغيير المحامي اللبناني ايلي محفوض في حديث لـ"جسور" إلى أن "المؤامرة بموضوع القضاء في لبنان قد انكشفت عند امتناع رئيس الجمهورية عن التوقيع على مراسيم التشكيلات القضائية وإبقائها في أدراج القصر الجمهوري"، معتبراً أن "بهذه اللحظة بدأت تُعد العدّة للإمساك بمفاصل القضاء في لبنان"، ويقول: "غصب عنهم عيّنوا رئيس مجلس قضاء أعلى نزيه وغير محسوب على أحد لكن المحاولة كانت لتطويق مجلس القضاء الأعلى وتحديدا رئيس مجلس القضاء الأعلى"، موضحاً أن التركيبة كانت تقوم على التالي: يأتي رئيس مجلس قضاء أعلى والناس تشهد بمناقبيته وأخلاقه ولكن نطوقه بالنيابات العامة والتفتيش والمراكز الحساسة وبالتالي لن يستطيع أن يتحرك، وهذا ما نشهده اليوم على مستوى القضاء".
ويقول: "القضاء اليوم، وليس القضاة، يعمل عند السلطة السياسية والإدارة السياسية يكيل بمكيالين، يقوم بما تمليه عليه الجهات السياسية الحاكمة والمتحكّمة بالبلد."
إطاحة سلامة والمؤامرة على المصارف
فيما خص توقيف سلامة وأفراد عائلته، يعتبر محفوض أن "هذا الموضوع كبير جدا ويبدأ بإطاحة رياض سلامة ولا ينتهي بالمؤامرة على المصارف اللبنانية". ويشير محفوض إلى أن "طبعا المصارف تتحمل مسؤولية كبيرة جدا فيما خص الودائع والحاصل على مستوى المالي والمصرفي لكن لا يمكن للسلطة السياسية ان ترفع مسؤوليتها عن نفسها وتكون بمنأى عن الملاحقة وتستعمل المصارف كشمّاعة خيط حتى تلقي عليها كل التبعات والمسؤولية. المصارف كانت تخضع للأوامر السياسية لإلزامها بمد الدولة بالديون المالية التي هي ودائع اللبنانيين".
دولة "جمهورية حزب الله"
وعن إستدعاء أهالي الشهداء، يعتبر محفوض أن "الأمر غير مستغرب في دولة خاضعة للإحتلال، ونحن اليوم في دولة اسمها جمهورية حزب الله تخضع بالكامل لهيمنة ميليشيا التي تسيطر على كل مقومات البلد، نترك المتهمين والمتورطين والذين عليهم مذكرات توقيف ونلاحق أهالي الضحايا وكأنهم يستخرجون عظام الضحايا من القبر ويقتلون مرة أخرى من خلال التحقيقات مع أهاليهم".
عون والأخوين سلامة
وقررت القاضية عون توقيف رجا سلامه شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد استجوابه في قصر العدل في دعوى مقدمة بحقه من قبل محامو مجموعة "روّاد العدالة" وأكدت عون أن توقيف رجا سلامة جاء بتهمة "الإثراء غير المشروع". على ان تعود وتستدعي عون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مرة جديدة للإستماع اليه في ملف تؤكد عون ان حاكم مصرف لبنان إستخدام إسم شقيقه وشركاتٍ وهمية لتسجيل عقارات في فرنسا.
التعرض للكرامات والحرمات؟
ولم تتوقف غادة عون عن الماراتون القضائي، والذي وبحسب المصادر سيتواصل حتى موعد الإنتخابات النيابية المقررة في 15 مايو/أيار 2022، واستدعت القاضية عون الناشطين وليم نون وبيتر بو صعب إلى جلسة تحقيق بناءً لطلب وزير العدل هنري خوري في موضوع ما حصل إثر ذهاب مجموعة من ذوي ضحايا انفجار مرفأ بيروت إلى أمام منزله.
أهالي الضحايا: "الدولة على ناس وناس"
وقال وليام نون من أمام المديرية: حضرنا ولكن نحن لم نسرق ولم نقتل أحدا. حضرنا ومعنا مذكرات التوقيف الغيابية بحق علي حسن خليل (النائب ووزير المالية السابق المقرب من رئيس مجلس النواب نبيه بري والذي امتنع عن المثول أمام القضاء) ويوسف فنيانوس وزعيتر (وزيرا الأشغال السابقان يوسف فنيانوس وغازي زعيتر) والمشنوق (وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق)، المذكرات عممت لكن لم يتم جلب أحد فليفعل القضاء فعله. نحن في بلد غير طبيعي. نريد العدالة فقط، فليتفضلوا وليظهروا حقيقة مجرمي الانفجار".
بدوره، توجه بيتر بو صعب للقاضية عون قائلاً:" سأبقى هنا في المديرية كرامة خيي قد ما بدُّن"، متسائلاً "هلقدّ اسم شقيقي وأسامي الضحايا وتّروا الوزير؟ ولتتفضل القاضية عون تنزّل عالتحقيق كل من له مذكرات جلب مثل ما نحن مثلنا يتفضلوا يمثلوا او الدولة بتمشي على ناس وناس؟".
"البطل ما بخاف.. بس المجرم جبان"
وكانت قد عصفت ردود الفعل على مواقع التواصل الإجتماعي استهجاناً على استدعاء الناشطين وعائلات الضحايا بانفجار المرفأ، ومن أبرز المواقف التي اتهمت القاضية عون بالإنتقائية وانحطاط الدولة، تقول رايا كنعان "وبئس هكذا دولة مرتهنة إيرانية تترك القاتل وتمسك بالقتيل
أما سويتدريمز فقال: "لتعرف مدى انحطاط وسفالة حكومة لبنان والبرلمان ورئيسها يتمادون في قهر المواطنيين اللبنانيين وامعانا في ذلهم ..
المواطن وليام نون الذي فقد اخيه في تفجير مرفأ بيروت ولا نتائج الى الان وبسبب مطالبته بالعدالة تم استدعاؤه للتحقيق ..لماذا؟
وشارلي عازار يقول: "سلطة ما تأثرت بتفجير المرفأ وبحجم الدمار وعدد الضحايا...السلطة اهتزّت من ما كُتب على منزل وزير العدل... وليام نون بكلمة هز العهد القوي وفضح سلوك غابة عون".
أما جو فيقول بدوره، انتو ابطال ... و هنى مجرمين البطل ما بخاف بس المجرم جبان"...