"القصة عند حضرتك يا دولة الرئيس لتطبيق الدستور لأن جزءاً من المعطلين هم أقرب المقربين إليك" بهذه الكلمات توجه النائب في البرلمان اللبناني عن تكتل الجمهورية القوية أنطوان حبشي "بالمباشر" إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري خلال الجلسة الثامنة لانتخاب رئيس للجمهورية واضعاً الكرة في ملعبه ومن خلفه حليفه حزب الله ومحملاً إياهما مسؤولية تعطيل الجلسات.
وفي بلد يراكم الأزمات الواحدة تلو الأخرى، يعجز مجلس النواب اللبناني مراراً وتكراراً عن وضع حد للشغور الرئاسي، منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون قبل شهر من الان، ويستمر مسلسل جلسات انتخاب الرئيس الأسبوعية مع ما يرافقها من سجالات دستورية حول تأمين النصاب والتأكد من الحضور.
فهل جاءت مداخلة النائب حبشي لتسجّل موقفاً عابراً أم لتصويب البوصلة بعد أن ملّ الشعب اللبناني من مسرحية انتخاب الرئيس الهزلية؟
مسؤولية أمام التاريخ
يشدد رئيس جهاز الاعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور في اتصال مع "جسور" أن مداخلة النائب حبشي "تشكل جزءاً من الضغط الذي تمارسه القوات اللبنانية من أجل انتخاب رئيس للجمهمورية".
وأشار إلى أن النائب حبشي ناشد الرئيس بري "انطلاقاُ من كونه مؤتمناً على الدستور وأمامه مسؤولية أبعد من حضور الجلسات ألا وهي احترام المهل الدستورية ما يستدعي جدية منه في مسألة التعاطي مع استحقاقات وطنية بهذه الأهمية عوضاً عن الاستهتار بها".
وأضاف "بالتالي على الرئيس بري أن يدعو إلى جلسات مستمرة ويحمّل الكتل التي تغيب مسؤولية انتهاكها الدستور وممارسة الضغط عليها" معتبراً أن "مجلس النواب يخالف مسألة جوهرية ويتجاوز المهلة الدستورية فيما عليه ممارسة مسؤولياته وانتخاب رئيس للجمهورية من أجل انتظام العمل المؤسساتي".
وتعيلقاً على ردّ الرئيس بري لحبشي وإعلانه بأنه أكثر من يرغب في انهاء الشغور قال "هذا الكلام نريده بالممارسة ومن خلال عدم إقفال الجلسة الأولى والإصرار على فتح دورة ثانية وثالثة إلى حين التوصل لانتخاب رئيس" ، وأردف: "على الرئيس بري أن يميز بين انتمائه السياسي وبين تطبيق الدستور مهما كان الثمن" معلناً عن أنه "يتحمل كرئيس للبرلمان مسؤولية تاريخية بإبقاء هذا الشغور مفتوحاً لانه يضع كأولوية تحالفه ضمن محور الممانعة على ممارسة دوره".
انعدام الثقافة الدستورية
جبور وجه سهامه، في المقابل، نحو مجموعة من النواب متهماً إياهم بتعطيل الدستور لإفتقارهم "إلى الثقافة الدستورية" شارحاً "ما نكتشفه أن الأزمة ليست فقط أزمة سلاح حزب الله خارج إطار الدولة يعطل الدستور بل هنالك مجموعة سياسية بعيدة من الثقافة الدستورية في لبنان بالتالي نحن بحاجة إلى نخبة سياسية تلتزم بالدستور".
وأعلن جبور عن التزام القوات اللبنانية باللعبة الديمقراطية مهما كانت النتائج "إن نجح الفريق الآخر في إيصال مرشح من قبله نسلم بالنتيجة وننتقل فوراً إلى المعارضة".
الدستور واضح
وفيما رفضت الجهة الاخرى التعليق على الموضوع وتفادي الدخول في تحليلات حول ما حصل داخل الجلسة، توقفت "جسور" عن الرأي القانوني مع المحامي والسياسي اللبناني أمين بشير للإضاءة على أداء رئيس مجلس النواب وإشكالية تأمين النصاب.
ومن نص الدستور وروحيته أكد بشير أن "مجلس النواب أمام مهمة رئيسية منذ تحوّل إلى هيئة تشريعية ناخبة فقط في أكتوبر/تشرين الأول الماضي".
وحول إشكالية تأمين النصاب شرح بشير: "الدستور واضح وقد أشار إلى ضرورة تأمين نصاب الثلثين في الجلسة الأولى دون أن يلحظه في الجلسة الثانية بل ذكر بوضوح أن انتخاب الرئيس يتم بالأكثرية المطلقة أي 65 نائباً من أصل 128 عدد نواب المجلس النيابي اللبناني".
وأضاف "لو ارتأى الدستور ذكر تأمين نصاب الثلثين لما امتنع عن ذلك كما يفعل في مواد أخرى" معتبراً أن المبدأ الأساسي يكمن في "حسن نية المجلس لإتمام مهامه".
عرقلة باسم الميثاقية
وأبعد مما يحدث حالياً لفت بشير إلى أمر أكثر خطورة سيلجأ إليه الرئيس بري لمنع وصول رئيس لا يوافق عليه الثنائي الشيعي "إن حدث وتوافقت الأغلبية النيابية على اسم مرشح معين لرئاسة الجمهورية باستثناء النواب الشيعة السبعة وعشرين المحسوبين على حزب الله وحركة أمل ،لن يسمح الرئيس بري بالأمر باسم الميثاقية ويعتبره بالتالي رئيساً غير شرعي".
كما أشار إلى إصرار الثنائي على التوافق لإخضاع الأفرقاء السياسيين جميعاً مذكراً بما أعلنه أحد نواب حزب الله خلال إحدى جلسات انتخاب الرئيس السابقة "قال بصريح العبارة إنهم مستمرون على النهج ذاته حتى يستسلم الآخرون للتوافق".
يشار الى أن سجالات دستورية لطالما طبعت جلسات انتخاب الرئيس وقد برزت في في الجلسة السابعة مفارقات لناحية ختم المحضر وخروج الرئيس بري من القاعة قبل علم النواب برفع الجلسة اضف الى ذلك الضياع الكلي في احتساب الاصوات.