لا تزال تداعيات عقد جلسة افتراضية للمجلس التونسي ، على الرغم من تعليق رئيس الجمهورية قيس سعيّد لأعماله، تتوالى تباعا.
فبعد حل البرلمان، حضر رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي الى مقر الفرقة المركزية لمكافحة الإرهاب للتحقيق معه في قضية التآمر على أمن الدولة.
واشار رئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي الى انه امتثل لاستدعاء النيابة العامة احتراما للقضاء، مع تمسكه وبقية النواب بعدم دستورية وقانونية القرارات التي اتخذها سعيّد، واصفا قرار حل البرلمان بالخطير والباطل.
استدعاء الغنوشي
قرارا سعيد بحل البرلمان، بعد ثمانية أشهر من تعليق أعماله، وباستجواب الغنوشي شطرا الرأي العام في تونس. وفي هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي بولبابة سالم في حديث لـ"جسور" أن استدعاء رئيس البرلمان راشد الغنوشي بمثابة انتهاك للدستور لان تونس تتمتع بنظام شبه برلماني الذي يولي صلاحيات شتى للنواب.
وأضاف سالم ان الاجراءات الاستثنائية التي يتصرف من خلالها الرئيس سعيّد لا تمنحه صلاحية اتخاذ هذه الاجراءات كما أن الدستور يجيز حل البرلمان بحالة واحدة ألا وهي الفشل في تشكيل حكومة.
ومع بدء ملاحقة العديد من أعضاء البرلمان المنحل، أعلن رئيس كتلة حزب قلب تونس النائب أسامة الخليفي عن أنه سيتم إطلاق مشاورات لإنشاء برلمان في المهجر، وطلب اللجوء السياسي للنواب لحمايتهم مما وصفه ببطش الانقلاب.
وأعلن مساعد رئيس البرلمان ماهر المذيوب تقديم شكوى إلى الاتحاد البرلماني الدولي ضد الرئيس قيس سعيد بسبب إلغائه ولاية برلمانية تعسفا.
في المقابل، اعتبر الصحافي والكاتب باسل ترجمان في حديث لـ"جسور" أن استدعاء الغنوشي ليس انتهاكا للدستور، لانه سبق وأن مثل أمام القضاء في دعاوى متعلقة بالارهاب. وشدد ترجمان على ان انعقاد جلسة نيابية، رغم تجميد عمل البرلمان، يهدف الى خلق ازمة سياسية في تونس وحالة فوضى في البلاد.
نهاية حقبة النهضة
ويرى سالم أن الرئيس سعيد لا يسعى الى القضاء على حركة النهضة فحسب، بل يريد أن يتخلص من كل الاحزاب السياسية معتبرا اياه فاشلة وغير نافعة. التركيز الآن على حركة النهضة كونها أكبر وأقوى حزب في الحياة السياسية والرئيس سعيد لا يؤمن بالجمعيات ويطمح الى بسط مشروعه الشخصي الجديد أي "البناء القاعدي" الذي يقتصر على زعيم واحد.
لكن ترجمان فند رؤية الرئيس سعيد مشيرا الى أن اقصاء حركة النهضة من السياسية أمر طبيعي كونها تسببت بكوارث اقتصادية وساهمت في تدمير القطاعات كافة. وأضاف أن البرلمان كان يتألف من لصوص ومبيضي الاموال أغرقوا البلاد بديون هائلة وقضوا على مفهوم الديمقراطية.
انتخابات نيابية مبكرة
وفي مواجهة دعوات من أحزاب عدة لإجراء انتخابات مبكرة بعد حل البرلمان أعرب سعيد عن استغرابه من الحديث عن ضرورة إجراء انتخابات تشريعية في غضون ثلاثة أشهر، ووصف من يريد تطبيق الفصل الـ89 من الدستور ، الذي يحدد أجلا أقصاه 90 يوما لإجراء الانتخابات، بالواهم.
وأضاف أن الانتخابات التشريعية ستُجرى في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
في هذا الاطار، أشار ترجمان الى أن الانتخابات النيابية المبكرة ليست الحل للخروج من الازمة الراهنة لانها ستتم وفق قانون وضع عام 2011 بتسوية بين حركة النهضة وحلفائها، وأضاف أن القانون الحالي يجسد أعلى درجة الفساد السياسي ويعتبر وصمة عار في تاريخ تونس.
من جهته، اعتبر سالم أن الحل يكمن في انتخابات نيابية مبكرة بهدف الوصول الى مشهد سياسي جديد ولكن الرئيس سعيد يرفض ذلك ما يعمق الازمة التونسية.
حكم تونس
أكد ترجمان أن تولي الرئيس سعيد السلطات التنفيذية والتشريعية لا يعتبر تصرفا دكتاتوريا لا سيما وأن الشعب التونسي يدعم ويؤيد سعيد الذي يريد مؤسسات دستورية تحترم القانون وتعمل لخدمة المواطن، في حين حذر سالم من خطورة الوضع التونسي بعدما بات الشعب بقيادة رئيس يتمتع بسلطة مطلقة ما يهدد مبدأ الديمقراطية وفصل السلطات.
وتوالت ردود الفعل المرحبة بقرار الرئيس التونسي قيس سعيّد حل البرلمان، ابرزها تصريح رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي التي عبرت عن سعادتها بحل "برلمان حركة النهضة" التي تسببت في إفلاس البلاد.