يعاني لبنان من الأزمات المتتالية والفساد. فمع إرتفاع أسعار المحروقات وهبوط الليرة المحلية أمام الدولار، يتوقّع أن تشهد شوارع العاصمة بيروت، تكدسًا للنفايات من جديد إذ لم تعد أسعار المناقصات تلائم الشركات العاملة في هذا القطاع.
بعد أن أدت عام 2015 إلى احتجاجات واسعة، تعود أزمة النفايات في لبنان من جديد، على وقع التعثر المالي للدولة اللبنانية، وسط غياب تام لأي خطط فعلية من قبل المعنيين، ولا يبدو أنه ثمة حلول عملية لمعالجة أطنان النفايات التي بدأت بالتكوم في شوارع العاصمة وضواحيها.
عقود مجحفة
شهدت عملية رفع النفايات في بيروت، إنحفاضًا بنسبة 50 بالمئة مع تفاقم الأزمة المالية في البلاد. شركة "رامكو"، المكلفة بجمع ورفع النفايات في بيروت، يقول مديرها العام وليد بو سعد لـ"جسور"، إن "احتمال تكدس النفايات من جديد في الشوارع منوط بقرار من المعنيين أي بلدية بيروت ومجلس الإنماء والإعمار".
واعتبر بو سعد، أن "الانهيار الاقتصادي في لبنان أحدث خللًا ماليًا في العقود التشغيلية للشركة، فلا نزال نتقاضى كلفتنا التشغيلية وفق عقود الأعوام الماضية على الرغم من إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية ورفع الدعم عن المحروقات".
وتابع، "لم تتوقف الشركة عن جمع النفايات على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تتكبدها إلا أن وتيرت عملها إنخفضت".
وأضاف بو سعد، "ناشدنا المعنيين مرارًا وطلبنا منهم التقييد بالعقد وتنفيذه فنحن لا نريد حسنة من أحد ولا تستطيع الدولة أن تعوض علينا خسائرنا، إلا أننا لم نلتمس تجاوبا منهم في هذا الإطار". وأوضح، "يلحظ العقد أي تغيير بالكلفة الأساسية المعتمد عليها المشروع، أي كل تغيير في سعر المحروقات مثلًا ينعكس فورًا على سعر طن النفايات، فعند إبرام العقد كانت تنكة المازوت تساوي 18 ألفا و500 ليرة لبنانية أما اليوم كلفتها 321 ألف ليرة".
خسائر مهولة
وأكد بو سعد لـ "جسور"، أنه "من دون أي خطوات عملية وسريعة ستغرق شوارع العاصمة بالنفايات مجددًا، لكن على ما يبدو أن كل مناشداتنا للدولة لم تلقَ آذانًا صاغية ولا تزال سياسيات التعطيل الممنهجة متحكمة بمفاصل الدولة؛ كل ما نطلبه اليوم تنفيذ بنود العقد لكي لا نصل إلى مرحلة العجز التام وتاليًا التوقف الكامل لأعمالنا في بيروت".
وبحسب بو سعد، "بظل الإنهيار الشامل للدولة ستتفاقم الأزمة أكثر، فمجلس الإنماء والإعمار لا يجتمع والحكومة كذلك ولا نعرف ما إذا ستبقى، وتالياً غرق شوارعنا بالنفايات أمر بات شبه محتم".
ونفى بو سعد كل ما يتم تداوله عن رغبة شركة "رامكو" بالتوقف عن العمل لأسباب اعتباطية، مؤكدًا أن "خسائرنا ضخمة وإيراداتنا انخفضت لأكثر من 85 بالمئة مقابل إرتفاع كلفة التشغيل بنسبة 1400 بالمئة، فأي شركة تستطيع تحمل وزر هذه الخسارة المهوولة؟".
قرار استثنائي
أما على الصعيد البلدي، أشار رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني، في حديث لـ "جسور"، أن "قرارًا اتُّخذ في المجلس البلدي لتسهيل عمل المقاول ضمن إطار القانون والعقد القائم وبظل الإنهيار المالي وارتفاع سعر الدولار وتمكنا من إيجاد بعض الحلول لتغطية بعض خسائره ضمن قدرة البلدية شرط أن لا يتوقف عن العمل".
واعتبر عيتاني، أن "الأزمة آتية لا محال في البلدات والمدن الأخرى، إلا أنه في بيروت سيشهد الوضع حلحلة في الأيام المقبلة، لكن إن المناطق الأخرى مرتبطة بمجلس الانماء والاعمار"؛ مشيرًا إلى أن "لا أحد يستطيع الإستمرار بظل الإرتفاع المستمر للدولار ويجب إتخاذ قرار إستثنائي على صعيد الدولة بشكل يحفط حقها وحق المقاول ليستمر في عمله".
وأكد عيتاني أن "العقود مبرمة بالليرة اللبنانية بينما التكاليف كالمازوت وقطع غيار الآليات تدفع بالدولار، وهذه الخسائر يتكبدها المقاول ونحن نتفهم ذلك، إلا أننا نواكب كبلدية الوضع ودرسنا العقد، وهناك بنود يُسمح لنا بتعديلها كبند كلفة الفيول وبند انخفاض كمية النفايات؛ علماً ان الكمية انخفضت في بيروت من 650 طناً إلى 400 طن، والعقد يسمح في حال انخفضت الكمية أكثر من 20 في المئة أن نعدِّل في السعر، إلا أن الصعوبة في البنود التي لا يسمح العقد بتعديلها، خاصة الدفع بالدولار لقطع الغيار وزيادة رواتب الموظفين، من هنا نقلنا الأمر إلى وزير الداخلية واجتمعنا مع رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي أنشأ لجنة مختصة لهذا الموضوع، كون القضية لا تتعلق بمقاول بيروت بل بجميع مقاولي لبنان".
ويعاني لبنان منذ 2015 أزمة نفايات لم تجد الحكومات المتعاقبة حلاً مستداماً لها. فوسط الإنهيار الكارثي والشامل الذي يعاني منه اللبنانيون لن ينقذهم أي قرار سياسي من "نفايات الإهمال".
في حين ينظر وزير البيئة اللبناني، ناصر ياسين، للإنهيار الاقتصادي كـ "فرصة" من أجل إدارة أفضل لملف النفايات وتحسين السياسات البيئية في البلاد، وفق ما صرح في حديث صحافي سابق.
بعد أن أدت عام 2015 إلى احتجاجات واسعة، تعود أزمة النفايات في لبنان من جديد، على وقع التعثر المالي للدولة اللبنانية، وسط غياب تام لأي خطط فعلية من قبل المعنيين، ولا يبدو أنه ثمة حلول عملية لمعالجة أطنان النفايات التي بدأت بالتكوم في شوارع العاصمة وضواحيها.
عقود مجحفة
شهدت عملية رفع النفايات في بيروت، إنحفاضًا بنسبة 50 بالمئة مع تفاقم الأزمة المالية في البلاد. شركة "رامكو"، المكلفة بجمع ورفع النفايات في بيروت، يقول مديرها العام وليد بو سعد لـ"جسور"، إن "احتمال تكدس النفايات من جديد في الشوارع منوط بقرار من المعنيين أي بلدية بيروت ومجلس الإنماء والإعمار".
واعتبر بو سعد، أن "الانهيار الاقتصادي في لبنان أحدث خللًا ماليًا في العقود التشغيلية للشركة، فلا نزال نتقاضى كلفتنا التشغيلية وفق عقود الأعوام الماضية على الرغم من إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية ورفع الدعم عن المحروقات".
وتابع، "لم تتوقف الشركة عن جمع النفايات على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تتكبدها إلا أن وتيرت عملها إنخفضت".
وأضاف بو سعد، "ناشدنا المعنيين مرارًا وطلبنا منهم التقييد بالعقد وتنفيذه فنحن لا نريد حسنة من أحد ولا تستطيع الدولة أن تعوض علينا خسائرنا، إلا أننا لم نلتمس تجاوبا منهم في هذا الإطار". وأوضح، "يلحظ العقد أي تغيير بالكلفة الأساسية المعتمد عليها المشروع، أي كل تغيير في سعر المحروقات مثلًا ينعكس فورًا على سعر طن النفايات، فعند إبرام العقد كانت تنكة المازوت تساوي 18 ألفا و500 ليرة لبنانية أما اليوم كلفتها 321 ألف ليرة".
خسائر مهولة
وأكد بو سعد لـ "جسور"، أنه "من دون أي خطوات عملية وسريعة ستغرق شوارع العاصمة بالنفايات مجددًا، لكن على ما يبدو أن كل مناشداتنا للدولة لم تلقَ آذانًا صاغية ولا تزال سياسيات التعطيل الممنهجة متحكمة بمفاصل الدولة؛ كل ما نطلبه اليوم تنفيذ بنود العقد لكي لا نصل إلى مرحلة العجز التام وتاليًا التوقف الكامل لأعمالنا في بيروت".
وبحسب بو سعد، "بظل الإنهيار الشامل للدولة ستتفاقم الأزمة أكثر، فمجلس الإنماء والإعمار لا يجتمع والحكومة كذلك ولا نعرف ما إذا ستبقى، وتالياً غرق شوارعنا بالنفايات أمر بات شبه محتم".
ونفى بو سعد كل ما يتم تداوله عن رغبة شركة "رامكو" بالتوقف عن العمل لأسباب اعتباطية، مؤكدًا أن "خسائرنا ضخمة وإيراداتنا انخفضت لأكثر من 85 بالمئة مقابل إرتفاع كلفة التشغيل بنسبة 1400 بالمئة، فأي شركة تستطيع تحمل وزر هذه الخسارة المهوولة؟".
قرار استثنائي
أما على الصعيد البلدي، أشار رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني، في حديث لـ "جسور"، أن "قرارًا اتُّخذ في المجلس البلدي لتسهيل عمل المقاول ضمن إطار القانون والعقد القائم وبظل الإنهيار المالي وارتفاع سعر الدولار وتمكنا من إيجاد بعض الحلول لتغطية بعض خسائره ضمن قدرة البلدية شرط أن لا يتوقف عن العمل".
واعتبر عيتاني، أن "الأزمة آتية لا محال في البلدات والمدن الأخرى، إلا أنه في بيروت سيشهد الوضع حلحلة في الأيام المقبلة، لكن إن المناطق الأخرى مرتبطة بمجلس الانماء والاعمار"؛ مشيرًا إلى أن "لا أحد يستطيع الإستمرار بظل الإرتفاع المستمر للدولار ويجب إتخاذ قرار إستثنائي على صعيد الدولة بشكل يحفط حقها وحق المقاول ليستمر في عمله".
وأكد عيتاني أن "العقود مبرمة بالليرة اللبنانية بينما التكاليف كالمازوت وقطع غيار الآليات تدفع بالدولار، وهذه الخسائر يتكبدها المقاول ونحن نتفهم ذلك، إلا أننا نواكب كبلدية الوضع ودرسنا العقد، وهناك بنود يُسمح لنا بتعديلها كبند كلفة الفيول وبند انخفاض كمية النفايات؛ علماً ان الكمية انخفضت في بيروت من 650 طناً إلى 400 طن، والعقد يسمح في حال انخفضت الكمية أكثر من 20 في المئة أن نعدِّل في السعر، إلا أن الصعوبة في البنود التي لا يسمح العقد بتعديلها، خاصة الدفع بالدولار لقطع الغيار وزيادة رواتب الموظفين، من هنا نقلنا الأمر إلى وزير الداخلية واجتمعنا مع رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي أنشأ لجنة مختصة لهذا الموضوع، كون القضية لا تتعلق بمقاول بيروت بل بجميع مقاولي لبنان".
ويعاني لبنان منذ 2015 أزمة نفايات لم تجد الحكومات المتعاقبة حلاً مستداماً لها. فوسط الإنهيار الكارثي والشامل الذي يعاني منه اللبنانيون لن ينقذهم أي قرار سياسي من "نفايات الإهمال".
في حين ينظر وزير البيئة اللبناني، ناصر ياسين، للإنهيار الاقتصادي كـ "فرصة" من أجل إدارة أفضل لملف النفايات وتحسين السياسات البيئية في البلاد، وفق ما صرح في حديث صحافي سابق.