لا يمكن وصف قرار رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق، رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، بتعليق عمله السياسي وعدم مشاركة حزبه في الانتخابات النيابية المقبلة إلّا "بالجريء والمفاجئ"، خصوصاً وأن هذا المشهد ليس عادياً ومألوفاً في الحياة السياسية اللبنانية القائمة على التوريث والزبائنية وتغليب المصلحة الخاصة على العامة.
لكن سعد الحريري ليس الرجل اللبناني الأوّل الذي يتخذ هذا القرار، فهناك شخصيات سياسية عديدة في لبنان عبر التاريخ، سبقته وعلّقت عملها السياسي، لكنها لم تكن بالحجم الذي يمثّله الحريري على صعيد الوطن وطائفته.
يؤكد الدكتور عماد مراد، الكاتب والمتخصص في تاريخ لبنان الحديث والمعاصر، في حديث لـ"جسور"، أن "ضربة تنحي الحريري هي الأقوى ولا مثيل لها في تاريخ لبنان، وتداعياتها قد تكون كبيرة جدا في المستقبل وتؤدي إلى تثبيت هيمنة حزب الله على السياسة اللبنانية".
ويقول: "في الشرق وتحديداً في لبنان، يعتبر السياسيون أن الإعتزال والتنحي أو الإعتذار هو إهانة وضعف، كما أن ثقافة الإعتراف بالخسارة غير موجودة في قاموسهم، ويبحث الخاسر دائماً عن مبررات لخسارته ولا يمكن أن يعترف بفوز الآخر أو أن يقوم بتهنئته. لكن عبر التاريخ المعاصر، قامت بعض الشخصيات باتخاذ القرار بالإعتزال انطلاقاً من دوافع عديدة، وحتى اليوم لا زالت الناس تنظر إليها نظرة وطنية".
ويتابع: "على سبيل المثال عميد الكتلة الوطنية الراحل ريمون إدّه، وهو إبن رئيس الجمهورية الراحل إميل إدّة، الذي فضّل التنحي عندما بدأت الحرب اللبنانية، بعد أن كان رافضاً لتسلّح اللبنانيين من أجل محاربة الفلسطينيين، باعتبار أن هذا الدور على الجيش اللبناني أن يقوم به.
وإدّه بالرغم من انه لم يكن الزعيم المسيحي الأول، لكنه كان زعيماً سياسيا مسيحيا محبوبا ومؤيدوه كانوا من جميع الطوائف والمناطق اللبنانية، ورغم ذلك فضّل الإنسحاب والذهاب إلى فرنسا".
يؤكد الدكتور عماد مراد، الكاتب والمتخصص في تاريخ لبنان الحديث والمعاصر، في حديث لـ"جسور"، أن "ضربة تنحي الحريري هي الأقوى ولا مثيل لها في تاريخ لبنان، وتداعياتها قد تكون كبيرة جدا في المستقبل وتؤدي إلى تثبيت هيمنة حزب الله على السياسة اللبنانية".
ويقول: "في الشرق وتحديداً في لبنان، يعتبر السياسيون أن الإعتزال والتنحي أو الإعتذار هو إهانة وضعف، كما أن ثقافة الإعتراف بالخسارة غير موجودة في قاموسهم، ويبحث الخاسر دائماً عن مبررات لخسارته ولا يمكن أن يعترف بفوز الآخر أو أن يقوم بتهنئته. لكن عبر التاريخ المعاصر، قامت بعض الشخصيات باتخاذ القرار بالإعتزال انطلاقاً من دوافع عديدة، وحتى اليوم لا زالت الناس تنظر إليها نظرة وطنية".
ويتابع: "على سبيل المثال عميد الكتلة الوطنية الراحل ريمون إدّه، وهو إبن رئيس الجمهورية الراحل إميل إدّة، الذي فضّل التنحي عندما بدأت الحرب اللبنانية، بعد أن كان رافضاً لتسلّح اللبنانيين من أجل محاربة الفلسطينيين، باعتبار أن هذا الدور على الجيش اللبناني أن يقوم به.
وإدّه بالرغم من انه لم يكن الزعيم المسيحي الأول، لكنه كان زعيماً سياسيا مسيحيا محبوبا ومؤيدوه كانوا من جميع الطوائف والمناطق اللبنانية، ورغم ذلك فضّل الإنسحاب والذهاب إلى فرنسا".
نقطة مشتركة
ويضيف: "الجدير ذكره، أن اللبنانيين وخصوصاً المسيحيين لم يكونوا واثقين بالجيش اللبناني حينها، لأن الدولة لم تعطه أمراً سياسيّاً بالتحرك، لذلك خرجوا من المدارس والجامعات للدفاع عن كيان لبنان. وعندما اندلعت الحرب اللبنانية، اعتبر إدّه أن ما حصل لا يشبهه، ففضل التنحي، خصوصاً بعد أن رأى نفسه بعيداً من المزاج الشعبي وقتها".
من جهة أخرى، يلفت مراد إلى أن "رجل الأعمال اللبناني الكبير عصام فارس، الذي شغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء في عهد الشهيد رفيق الحريري، بالرغم من أنه كان رجلاً ناجحاً ولديه علاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأميركية، إلّا أنه لم يجد في السلطة اللبنانية بيئة حاضنة لمشاريعه الإنمائية والإقتصادية، بل كل ما وجده كان المحاصصة والمحسوبيات والسرقة وغياب الديمقراطية والانتماءات للخارج، فلم يتمكن من الإصلاح وغادر لبنان معتزلاً السياسة".
ويشير مراد إلى أنه "على الرغم من الإختلاف في الوقت والموقع بين هؤلاء، إلّا أن النقطة المشتركة الوحيدة بينهم أنهم انسحبوا بسبب عدم استطاعتهم التغيير، لكن الفرق أن سعد الحريري يعتبر من المنظومة الفاسدة، وتنحيه عبر الإعلام يعتبره البعض ضعفاً أو افتقاراً للدعم الخارجي في ظل هيمنة إيرانية كبيرة على لبنان، أو قد تكون المنظومة هي التي لفظته. وهذه المرحلة تتطلب شخصية قوية بوزن الراحلين والشهداء بشير الجميل وبيار الجميل ورفيق الحريري وكميل شمعون ورياض الصلح وصائب سلام".
ويختم قائلاً: "بالنسبة لقاعدة "تيار المستقبل" الشعبية، فهي متراجعة كما أحزاب السلطة، وستتراجع أكثر مع قرار الحريري بالتنحي، الذي قرر مراقبة الأوضاع في البلاد وعدم خوض معركة إنتخابية خاسرة. وجمهور "المستقبل" يتحدث اليوم عن حاجته لقائد سني يرفع الصوت كما يفعل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وأن يكون قادراً على المواجهة بالكلمة والانتخابات والقانون والعلاقات الدولية، وحاملاً لمبادئ الشهيد رفيق الحريري ويميل إلى الخط السيادي"، مشيراً إلى أن "الكثيرين من المجتمع السني يحاولون اليوم تبني المواقف السيادية لوراثة الحريري مباشرة، كما يصرّح رئيس حزب الحوار الوطني النائب فؤاد مخزومي والوزير السابق اللواء أشرف ريفي حول مواجهة حزب الله".
من جهة أخرى، يلفت مراد إلى أن "رجل الأعمال اللبناني الكبير عصام فارس، الذي شغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء في عهد الشهيد رفيق الحريري، بالرغم من أنه كان رجلاً ناجحاً ولديه علاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأميركية، إلّا أنه لم يجد في السلطة اللبنانية بيئة حاضنة لمشاريعه الإنمائية والإقتصادية، بل كل ما وجده كان المحاصصة والمحسوبيات والسرقة وغياب الديمقراطية والانتماءات للخارج، فلم يتمكن من الإصلاح وغادر لبنان معتزلاً السياسة".
ويشير مراد إلى أنه "على الرغم من الإختلاف في الوقت والموقع بين هؤلاء، إلّا أن النقطة المشتركة الوحيدة بينهم أنهم انسحبوا بسبب عدم استطاعتهم التغيير، لكن الفرق أن سعد الحريري يعتبر من المنظومة الفاسدة، وتنحيه عبر الإعلام يعتبره البعض ضعفاً أو افتقاراً للدعم الخارجي في ظل هيمنة إيرانية كبيرة على لبنان، أو قد تكون المنظومة هي التي لفظته. وهذه المرحلة تتطلب شخصية قوية بوزن الراحلين والشهداء بشير الجميل وبيار الجميل ورفيق الحريري وكميل شمعون ورياض الصلح وصائب سلام".
ويختم قائلاً: "بالنسبة لقاعدة "تيار المستقبل" الشعبية، فهي متراجعة كما أحزاب السلطة، وستتراجع أكثر مع قرار الحريري بالتنحي، الذي قرر مراقبة الأوضاع في البلاد وعدم خوض معركة إنتخابية خاسرة. وجمهور "المستقبل" يتحدث اليوم عن حاجته لقائد سني يرفع الصوت كما يفعل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وأن يكون قادراً على المواجهة بالكلمة والانتخابات والقانون والعلاقات الدولية، وحاملاً لمبادئ الشهيد رفيق الحريري ويميل إلى الخط السيادي"، مشيراً إلى أن "الكثيرين من المجتمع السني يحاولون اليوم تبني المواقف السيادية لوراثة الحريري مباشرة، كما يصرّح رئيس حزب الحوار الوطني النائب فؤاد مخزومي والوزير السابق اللواء أشرف ريفي حول مواجهة حزب الله".
ظاهرة شاملة
من جهته، يشير الكاتب، الصحافي اللبناني أحمد عياش، في حديث لـ"جسور"، إلى أنه "لم يسبق أحد الحريري بشكل التنحي والطريقة، فهو أعلن تعليق أعماله وأعمال تياره السياسي بطريقة غير مألوفة".
ويقول: "عام 1998 بعد إنتخاب إميل لحود رئيساً للجمهورية اللبنانية، رفض الشهيد رفيق الحريري أن يتمّ تكليفه رئيساً للحكومة اللبنانية، ولكن الأمر اقتصر على ذلك. وأيضاً، رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق صائب سلام، حلّ "حركة رواد الإصلاح" الذي كان قد أسسها كواحدة من التشكيلات العسكرية في وقتها للمشاركة في الحرب اللبنانية عام 1975، ولكنه بقيَ مستمرّاً بالحياة السياسية ويشارك في أعمال المعارضة".
ويضيف: "لكن ما قام به الحريري هو ظاهرة شاملة بكل ما للكلمة من معنى وتعليق كل الحياة السياسية، وهذا أمر جديد على الساحة اللبنانية".
ويختم قائلاً: "السؤال الأبرز اليوم هو من سيملأ الفراغ ويخلف الحريري ويأخذ حصة تيار المستقبل"، كاشفاً أن "المنتمين إلى هذا التيار أغلبهم انتماءاتهم عاطفية، وتعود إلى وفائهم لقضية الشهيد رفيق الحريري ولن يبدلوا قناعاتهم بسهولة ولو جلسوا جانباً لفترة".
ويقول: "عام 1998 بعد إنتخاب إميل لحود رئيساً للجمهورية اللبنانية، رفض الشهيد رفيق الحريري أن يتمّ تكليفه رئيساً للحكومة اللبنانية، ولكن الأمر اقتصر على ذلك. وأيضاً، رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق صائب سلام، حلّ "حركة رواد الإصلاح" الذي كان قد أسسها كواحدة من التشكيلات العسكرية في وقتها للمشاركة في الحرب اللبنانية عام 1975، ولكنه بقيَ مستمرّاً بالحياة السياسية ويشارك في أعمال المعارضة".
ويضيف: "لكن ما قام به الحريري هو ظاهرة شاملة بكل ما للكلمة من معنى وتعليق كل الحياة السياسية، وهذا أمر جديد على الساحة اللبنانية".
ويختم قائلاً: "السؤال الأبرز اليوم هو من سيملأ الفراغ ويخلف الحريري ويأخذ حصة تيار المستقبل"، كاشفاً أن "المنتمين إلى هذا التيار أغلبهم انتماءاتهم عاطفية، وتعود إلى وفائهم لقضية الشهيد رفيق الحريري ولن يبدلوا قناعاتهم بسهولة ولو جلسوا جانباً لفترة".