لف الغموض مصير أول حالة مصابة بجدري القرود وصلت إلى لبنان من الخارج، إذ منذ الإعلان عنها غابت أي معلومات إضافية عن مدى خطورتها واحتمال انتقالها، كما ازدادت المخاوف من وجود حالات إضافية مع وصول أعداد كبيرة من المصطافين وعدم قدرة لبنان على احتوائها وتأمين اللقاح المناسب لها.
فعدة بلدان، غربية وعربية، أعلنت أخيراً عن رصد حالات إصابة بفيروس جدري القرود على أراضيها، في حين لا يزال مصدره الطبيعي غير معروف، رغم الاعتقاد السائد أن أنواعاً من القوارض الإفريقية تسببت به. وينتقل الفيروس إلى البشر عن طريق ملامسة شخص آخر مصاب أو ملامسة الحيوانات المصابة أو الأسطح والأدوات الملوثة بالفيروس كما يدخل الفيروس إلى الجسم عن طريق الجلد المتشقق أو المجروح، أو عن طريق المجاري التنفسية، أو الأغشية المخاطية في الأنف والفم والعينين.
احتواء الحالة
ولمعرفة المزيد حول الحالة الوافدة إلى لبنان، تواصلت "جسور" مع البروفيسور في الأمراض الجرثومية جاك مخباط الذي أكد بداية أنها لم تأتِ من القارة الافريقية "المرض منتشر في أكثر من 40 دولة خارج القارة الافريقية. وشرح مخباط أن "الفيروس ينتقل عن قرب جداً أو من خلال احتكاك جلدي مباشر بين شخص مصاب وآخر غير مصاب" لكنه أكد أن المصاب شخص مسؤول وواعٍ " لقد كان حذراً خلال انتقاله من الخارج إلى لبنان وفي الطائرة ولم يسمح بأي احتكاك بين الحبوب المنتشرة على جسده وبين أحد". أما عن أسباب مجازفة المصاب وعودته إلى لبنان يقول "حين شعر بالعوارض في الخارج، كشف عليه الأطباء هناك، إلا أن حالته لم تكن تؤشر الى جدري القرود حينها، لكنه فضل العودة ليتم تشخيصه من قبل أطباء اختصاصيين مع ازدياد شكوكه في إصابته بجدري القرود"، وتابع "أجريت له الفحوصات المناسبة في مختبرات مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت حيث تم التأكد من إصابته بالفيروس". وعن وضع المصاب الصحي يقول "إنه يتمتع بصحة جيدة لكنه يعزل نفسه في منزله بعيداً من الجميع كي لا يشكل خطراً على أحد".
طمأنة وتأهب
لم ينفِ مخباط احتمال وجود حالات أخرى في لبنان "يمكن لهذا الفيروس أن يصل إلى لبنان في أي وقت لأن لا حدود تقفل في وجهه وتمنعه من الانتشار"، لكنه في المقابل، دعا الجميع إلى الاطمئنان "الحالة الموجودة كانت إشارة لنا كجسم طبي، إذ حثتنا على التأهب ودفعت وزارة الصحة لمتابعة أي حالة مشكوك بأمرها". ومجدداً طمأن المواطنين بالقول "خطر مرض جدري القرود على الإنسان ليس مميتاً إذ تعتبر نسبة الوفيات ضئيلة جداً وأقل من 0.5 % كما أنها لا تصيب إلا الكبار في السن ومن لديه نقص في المناعة".
بشرى سارة
بشرى سارة إضافية أعلنها البروفيسور مخباط "رغم اختفاء مرض الجدري عن وجه الأرض منذ أواخر سبعينيات القرن الفائت بعد أن تم تلقيح كل البشرية، إلا أن من سبق له أن أخذ اللقاح المضاد له ممن تجاوزوا الخمسين من عمرهم يحظون بالحماية من خطر التقاط فيروس جدري القردة" كما أوضح أن تركيبة اللقاح لا تزال موجودة في المختبرات العالمية ولبنان طلب استقدام كمية منه "علينا أن نكون في جهوزية تامة إن أُعلنت حالة طوارئ عالمية كي نبدأ بعملية التلقيح للجميع" رغم استبعاده لها. ودعا في الختام إلى عدم الربط بين مرض الجدري (variole) ,وجدري الماء (varicelle) التي تصيب الأطفال موضحاً أن لقاح جدري الماء لا يحمي من جدري القرود.