هشام مهران
بعد أقل من شهرين على حادثة قتل طالبة جامعة المنصورة بدلتا النيل نيرة أشرف في وضح النهار على يد زميل لها رفضت الارتباط به في حادثة امتد صداها الى الأردن التي شهدت واقعة مماثلة بعدها بأيام قليلة، حادثة جديدة لجرائم الحب والشغف بين طلاب الجامعات تهز الشارع المصري.
فقد أقدم الطالب إسلام محمد على قتل زميلته "سلمى بهجت" في مدخل بناية سكنية بالقرب من محكمة مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية وسدد لها 17 طعنة متفرقة وكلاهما يدرسان الإعلام بأكاديمية الشروق شرق القاهرة.
وظل القاتل واقفا في مكانه جريمته من دون حراك يراقب ضحيته وهي تنزف الدماء حتى حضرت الشرطة وألقت القبض عليه.
السكين، أداة القتل في واقعتي المنصورة والشرقية والطعن المتكرر بطعنات قاتلة للضحية كان الأسلوب المعتمد في الجريمتين، أما الحب والشغف الجارف فكانا دافع القاتلين الشابين بل إن كلاهما كشف عبر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي عن نية القتل قبل التنفيذ.
واعترفا في التحقيقات أن الانتقام هو الدافع الرئيس في الجريمتين وسبق أن جمع كل منهما بضحيته علاقة عاطفية وتقديم ما وصفاه بالمساعدة للضحيتين اللتين تشابه قرارهما بالتخلي عن تلك العلاقة وانهائها ما أثار حفيظة الشابين لتختمر في ذهن كل منهما فكرة قتل من توهم مع خبرته المحدودة في الحياة أنها محبوبته.
القاتلان والضحيتان في المنصورة والشرقية في مطلع العشرينات لكن الخلفية الاجتماعية والاقتصادية ليست عنصرا مشتركا بين القاتلين فبينما ينتمي قاتل نيرة طالبة المنصورة لأسرة بسيطة الحال أضطرته للعمل طباخا لكسب المال وهي المهنة التي اكسبته مهارة استخدام السكين التي ذبح بها نيرة حسب أقواله في تحقيقات النيابة، نجد على النقيض تماما أن قاتل سلمي طالبة الشرقية ينتمي لأسرة ميسورة تنفق على تعليمه في أكاديمية خاصة باهظة الرسوم.
استنساخ جريمة المنصورة
وفي تصريح خاص لـ "جسور" ترى الدكتورة سامية قدري أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس أن جريمة الشرقية ما هي إلا استنساخ لجريمة قتل نيرة أشرف بالطريقة نفسها وأداة القتل أيضا نتيجة التغطية الإعلامية المكثفة وانتشار فيديو قتل طالبة المنصورة على وسائل التواصل الاجتماعي الأمر الذي حفز القاتل الثاني لتنفيذ جريمة الشرقية وهو أمر لا يجوز تعميمه على المجتمع المصري ككل.
وينتظر قاتل طالبة الشرقية الحكم بالاعدام تماما كالحكم الذي أصدرته محكمة جنايات المنصورة بإعدام محمد عادل قاتل نيرة طالبة جامعة المنصورة .
لكن الأمر لا يتوقف هنا، فبشاعة جريمة القتل الوحشي لطالبة المنصورة دفعت القاضي للمطالبة بإجراء تعديل قانوني يسمح بإذاعة أحكام الإعدام على الهواء مباشرة عل ذلك يمثل رادعا يحد من تكرار هذه الجرائم مرة أخرى
وهو ما سبق تنفيذه عام 1998 عندما أمر الرئيس الأسبق حسني مبارك بإذاعة مشاهد قبيل تنفيذ حكم الإعدام مباشرة بحق ثلاثة متهمين أدينوا بقتل سيدة وأطفالها بغرض السرقة.
البث العلني للأحكام
مقترح البث العلني لأحكام الإعدام تعارضه الدكتورة قدري مشيرة الى أن صدور حكم إعدام قاتل نيرة أشرف لم يردع قاتل طالبة الشرقية الذي كرر الجريمة بعد نحو أسبوعين فقط على صدور حكم الإعدام في جريمة المنصورة موضحة أن ازدياد وتيرة العنف داخل المجتمع المصري ظاهرة بدأت تتنامى منذ تسعينيات القرن العشرين وأن ظاهرة العنف ضد الأحبة معروفة في تراث علم الاجتماع لكن وصول العنف الى درجة القتل يعد مظهرا جديدا في المجتمع المصري.
وتدعو الدكتورة قدري إلى تشكيل لجنة من المتخصصين الاجتماعيين والنفسيين لفحص الجناة نفسيا واجتماعيا وتحديد الأسباب التي أدت بهم لهذا السلوك العنيف.
جريمتا المنصورة والشرقية أثارتا صدمة شديدة في الشارع المصري وتابعتهما وسائل الإعلام العربية والدولية بكثافة إذ أعادتا تسليط الضوء على مشكلة العنف ضد المرأة في مصر فوفق تصنيف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2019 جاءت مصر في المرتبة 108 من أصل 162 دولة في مقياس عدم المساواة بين الجنسين في الصحة والتمكين والنشاط الاقتصادي.
ووفق تقرير أصدرته مؤسسة "إدارك للتنمية والمساواة " للربع الثاني من عام 2021 حول جرائم العنف الموجه ضد النساء والفتيات في مصر تبين وقوع 191 جريمة عنف خلال 3 أشهر (أبريل – مايو –يونيو) تنوعت بين قضايا التحرش الجنسي والقتل والشروع في القتل والضرب المبرح والاغتصاب وقد اعتمدت المؤسسة في رصدها على القضايا المبلغ عنها للسلطات والمنشورة إعلاميا.