لا تزال جريمة بلدة أنصار جنوبي لبنان، التي قُتلت فيها أم وبناتها الثلاث، تشغل الرأي العام اللبناني بعد مرور أيام عدة على حل لغز اختفائهن منذ بداية شهر مارس/آذار الحالي، والعثور على جثثهنّ والقبض على المشتبه الأول بقتلهنّ، رغم تأخّر الإشارة القضائية اللازمة واتهام القضاء بالتقصير.
القضيّة أعادت تسليط الضوء على الأمن في لبنان وأولويّة حماية النساء وتحصيل حقوقهنّ في مقابل التقصير التشريعي والقضائي والأمني، وتنفيذ العقاب الرادع للمجرمين. لا سيّما وأن لبنان شهد قبل أيام، وبعد تسع سنوات من الانتظار، الحكم على زوج الضحية رلا يعقوب المتهم بجريمة قتلها.
القضيّة أعادت تسليط الضوء على الأمن في لبنان وأولويّة حماية النساء وتحصيل حقوقهنّ في مقابل التقصير التشريعي والقضائي والأمني، وتنفيذ العقاب الرادع للمجرمين. لا سيّما وأن لبنان شهد قبل أيام، وبعد تسع سنوات من الانتظار، الحكم على زوج الضحية رلا يعقوب المتهم بجريمة قتلها.
تقصير وحذر
شيّعت بلدة أنصار جنوبي لبنان، الأحد، الضحايا الأربع إلى مثواهنّ الأخير. فيما بدأت خيوط الجريمة تتكشّف، بانتظار انتهاء التحقيق مع المشتبه فيه الذي قبضت عليه الأجهزة الأمنية اللبنانية بعد نحو عشرين يوماً من اختطاف الفتيات وأمّهن.
حتى الآن، أُشيع أن الجريمة حصلت عن سابق تخطيط وتصميم من قبل المشتبه فيه، وجرى تداول معلومات أوليّة عن أنه استدرج ضحاياه الأربع وأطلق النار عليهنّ مع شريك آخر له هرب إلى سوريا ولم يتمّ القبض عليه حتى الآن.
الجريمة حصلت وجرى إخفاء معالمها لأيام، وشدّد ناشطون عملوا على متابعة القضية على أن القضاء تقاعس في إصدار إشارة بتوقيف المشتبه فيه، رغم إفادة شهود بأن الفتيات وأمّهن شوهدن للمرة الأخيرة في سيارته، كما ادعاء الوالد عليه.
تأخر إشارة القضاء أدى إلى تعذّر إمكانية توقيف القوى الأمنية للمشتبه فيه، لينجح عدد من أهالي البلدة الجنوبية باستدراج المتهم إلى لبنان، بعد أن لجأ إلى سوريا بدوره، كما قيل، وتمكن جهاز المخابرات في الجيش اللبناني أخيراً من توقيفه.
لبنان يعاني من أزمة اقتصادية كبيرة انعكست على مختلف القطاعات فيه، ورفعت منسوب الحذر من الجرائم والسرقات. في حين دفعت الجريمة الأخيرة المواطنات والمواطنين إلى السؤال عن أسباب تقصير القضاء ومستوى الأمن والأمان، خصوصاً للنساء في بلد لم يمنحهنّ حقوقهنّ كاملة.
الأمن مستتب؟
مصدر أمني رفيع المستوى، فضّل عدم ذكر اسمه، أفاد عبر "جسور"، أن "الوضع الأمني مضبوط في لبنان، والأجهزة الأمنية تقوم بعملها باحتراف وعزيمة، للحفاظ على سلامة المواطنين والمقيمين في البلد".
المصدر أكد أيضاً أن "معدلات الجريمة في لبنان انخفضت"، مشيراً إلى أن "التوازن الأمني محقق بعكس التوازن السياسي الذي يعاني منه المواطن".
وأضاف: "جرائم القتل لأجل السرقة محدودة جداً، لكن في المقابل لا تزال بعض الجرائم ذات الطابع العائلي، خصوصاً المتعلقة بما يُعرف بـ"جرائم الشرف" تُسجّل بين الحين والآخر".
وتجدر الإشارة إلى أن القانون اللبناني ألغى المادة التي تخفف من الأحكام القضائية المتعلقة بـ"جرائم الشرف"، المناهضة لحقوق الإنسان والمرأة تحديداً.
المصدر الأمني، تابع بالقول "إن عمليات النشل انخفضت أيضاً بنسبة 16.4 في المئة"، مستنداً بذلك إلى الأرقام صدرت عن أجهزة الدولة. وأشار إلى أن "عمليات الخطف لقاء فدية انخفضت بنسبة 60% بين عامي 2020 و2021، كما جرائم القتل لقاء السرقة".
ورأى المصدر أن "جرائم السرقات فقط تسجل أرقاماً مرتفعة، وذلك لأن السارق لم يعد مجبراً على التخطيط لسرقة منزل بل يكتفي بسرقة كل ما هو متوفر على الطرقات من ريغارات وأسلاك كهربائية وغيرها".
ورداً عن حال كاميرات المراقبة ودورها في الكشف عن تجاوزات أمنية، لم تنفِ المصادر أن "بعضها بات غير موضوعاً في الخدمة أو يتوقف عند انقطاع التيار الكهربائي، لكنه أعلن عن امتلاك الأجهزة الأمنية طرقاً أخرى لمتابعة أي قضية أمنية".
اختفاء 16 شخصاً
في السياق، عرضت "جسور" ملف اختفاء 16 شخصاً معظمهن من النساء والفتيات خلال الأشهر الأولى من العام 2022، على المصدر المعني، الذي جزم قائلاً "لا خلفية أمنية لهذه الحالات".
وأوضح أنها تدخل في إطار "زواج الخطيفة"، وهو زواج كان شائعاً جداً في لبنان حيث يتمّ غالباً في حال عدم موافقة أهل الزوجة. كما أشار المصدر إلى أن حالات الهرب تندرج أيضاً في إطار مغادرة نساء يتعرضن للعنف الأسري في منازلهن ولجوئهنّ إلى أمكنة أكثر أماناً، وعلّق "لكننا نلاحق كل ملف حتى النهاية لنتأكد من صحة المعلومات لكننا نحترم قرار المرأة والفتاة".
كسر النمطية
وبشأن تعميم الخطاب المناهض للعنف ضد النساء والداعم لحقوقهنّ، وأوّلها الحقّ بالأمان، أوضحت مسؤولة العنف الأسري في منظمة "كفى" المحامية ليلى عواضة، في حديث لـ"جسور"، أن "الجمعيات نجحت في مهمتها واستطاعت تكوين رأي عام رافض للأفكار النمطية والأحكام المسبقة في هذا النوع من الجرائم".
وتابعت "لقد لمس الجميع بعد جريمة أنصار، أن الرد على الاتهامات التي سيقت بحق الأم المغدورة وبناتها لم تأتِ من جمعيات أو من ناشطات، بل من الرأي العام الذي رفض لوم الضحايا، وتحديداً الأم كونها اختارت الطلاق سابقاً، مع ما رافق ذلك من اتهام لها أنها عجزت عن ضبط تصرفات بناتها".
لكن عواضة أسفت لدخول القضاء في الصورة النمطية، موضحة "أن القاضية التي نظرت في القضية وحين تبلغت الشكوى من الأب، اعتبرت أنهن فتيات أردن الهروب مع والدتهن وترك بيئتهن ما لم يستدعِ الأمر التحري السريع لمعرفة مصيرهن".
وأضافت عواضة أن جمعية "كفى" ومن خلالها متابعتها للجرائم التي تطاول النساء، أعلنت أن موقفها الأساسي يشمل معالجة مشكلتين "أولاً الإيقاع القضائي البطيء أي عدم الاسراع في التحقيقات والمحاكمات، وثانياً عدم اعتماد التشدد في العقوبة".
هاتان المشكلتان ولو تمّ حلّهما وفق المحامية عواضة، فإنه "من شأنهما تكوين رادع أساسي، كونهما تُبعدان الملفات والجرائم عن أي أسباب تخفيفية، وتُساهمان في تسريع المحاكمات".
كما لفتت عواضة إلى "جريمة قتل الضحية رولا يعقوب على يد زوجها، التي حصلت قبل تسع سنوات، ولم يصدر الحكم بحقه إلا قبل أيام قليلة فقط".
كسر النمطية وتعميم الخطاب الداعم للنساء، يفترض أن يرافقه خطاب إعلامي مساند وهو ما يقتضي العمل بمهنيّة وحرفيّة وفقاً لأصول المهنة وبعيداً من الدخول في خصوصيات الضحايا أو اقتحام منزلهنّ. وهو ما ندّد به الناشطات والناشطون إثر دخول أحد المراسلين التلفزيونيين إلى منزل الضحايا، والعبث ببعض محتوياته أمام الكاميرا.
حتى الآن، أُشيع أن الجريمة حصلت عن سابق تخطيط وتصميم من قبل المشتبه فيه، وجرى تداول معلومات أوليّة عن أنه استدرج ضحاياه الأربع وأطلق النار عليهنّ مع شريك آخر له هرب إلى سوريا ولم يتمّ القبض عليه حتى الآن.
الجريمة حصلت وجرى إخفاء معالمها لأيام، وشدّد ناشطون عملوا على متابعة القضية على أن القضاء تقاعس في إصدار إشارة بتوقيف المشتبه فيه، رغم إفادة شهود بأن الفتيات وأمّهن شوهدن للمرة الأخيرة في سيارته، كما ادعاء الوالد عليه.
تأخر إشارة القضاء أدى إلى تعذّر إمكانية توقيف القوى الأمنية للمشتبه فيه، لينجح عدد من أهالي البلدة الجنوبية باستدراج المتهم إلى لبنان، بعد أن لجأ إلى سوريا بدوره، كما قيل، وتمكن جهاز المخابرات في الجيش اللبناني أخيراً من توقيفه.
لبنان يعاني من أزمة اقتصادية كبيرة انعكست على مختلف القطاعات فيه، ورفعت منسوب الحذر من الجرائم والسرقات. في حين دفعت الجريمة الأخيرة المواطنات والمواطنين إلى السؤال عن أسباب تقصير القضاء ومستوى الأمن والأمان، خصوصاً للنساء في بلد لم يمنحهنّ حقوقهنّ كاملة.
الأمن مستتب؟
مصدر أمني رفيع المستوى، فضّل عدم ذكر اسمه، أفاد عبر "جسور"، أن "الوضع الأمني مضبوط في لبنان، والأجهزة الأمنية تقوم بعملها باحتراف وعزيمة، للحفاظ على سلامة المواطنين والمقيمين في البلد".
المصدر أكد أيضاً أن "معدلات الجريمة في لبنان انخفضت"، مشيراً إلى أن "التوازن الأمني محقق بعكس التوازن السياسي الذي يعاني منه المواطن".
وأضاف: "جرائم القتل لأجل السرقة محدودة جداً، لكن في المقابل لا تزال بعض الجرائم ذات الطابع العائلي، خصوصاً المتعلقة بما يُعرف بـ"جرائم الشرف" تُسجّل بين الحين والآخر".
وتجدر الإشارة إلى أن القانون اللبناني ألغى المادة التي تخفف من الأحكام القضائية المتعلقة بـ"جرائم الشرف"، المناهضة لحقوق الإنسان والمرأة تحديداً.
المصدر الأمني، تابع بالقول "إن عمليات النشل انخفضت أيضاً بنسبة 16.4 في المئة"، مستنداً بذلك إلى الأرقام صدرت عن أجهزة الدولة. وأشار إلى أن "عمليات الخطف لقاء فدية انخفضت بنسبة 60% بين عامي 2020 و2021، كما جرائم القتل لقاء السرقة".
ورأى المصدر أن "جرائم السرقات فقط تسجل أرقاماً مرتفعة، وذلك لأن السارق لم يعد مجبراً على التخطيط لسرقة منزل بل يكتفي بسرقة كل ما هو متوفر على الطرقات من ريغارات وأسلاك كهربائية وغيرها".
ورداً عن حال كاميرات المراقبة ودورها في الكشف عن تجاوزات أمنية، لم تنفِ المصادر أن "بعضها بات غير موضوعاً في الخدمة أو يتوقف عند انقطاع التيار الكهربائي، لكنه أعلن عن امتلاك الأجهزة الأمنية طرقاً أخرى لمتابعة أي قضية أمنية".
اختفاء 16 شخصاً
في السياق، عرضت "جسور" ملف اختفاء 16 شخصاً معظمهن من النساء والفتيات خلال الأشهر الأولى من العام 2022، على المصدر المعني، الذي جزم قائلاً "لا خلفية أمنية لهذه الحالات".
وأوضح أنها تدخل في إطار "زواج الخطيفة"، وهو زواج كان شائعاً جداً في لبنان حيث يتمّ غالباً في حال عدم موافقة أهل الزوجة. كما أشار المصدر إلى أن حالات الهرب تندرج أيضاً في إطار مغادرة نساء يتعرضن للعنف الأسري في منازلهن ولجوئهنّ إلى أمكنة أكثر أماناً، وعلّق "لكننا نلاحق كل ملف حتى النهاية لنتأكد من صحة المعلومات لكننا نحترم قرار المرأة والفتاة".
كسر النمطية
وبشأن تعميم الخطاب المناهض للعنف ضد النساء والداعم لحقوقهنّ، وأوّلها الحقّ بالأمان، أوضحت مسؤولة العنف الأسري في منظمة "كفى" المحامية ليلى عواضة، في حديث لـ"جسور"، أن "الجمعيات نجحت في مهمتها واستطاعت تكوين رأي عام رافض للأفكار النمطية والأحكام المسبقة في هذا النوع من الجرائم".
وتابعت "لقد لمس الجميع بعد جريمة أنصار، أن الرد على الاتهامات التي سيقت بحق الأم المغدورة وبناتها لم تأتِ من جمعيات أو من ناشطات، بل من الرأي العام الذي رفض لوم الضحايا، وتحديداً الأم كونها اختارت الطلاق سابقاً، مع ما رافق ذلك من اتهام لها أنها عجزت عن ضبط تصرفات بناتها".
لكن عواضة أسفت لدخول القضاء في الصورة النمطية، موضحة "أن القاضية التي نظرت في القضية وحين تبلغت الشكوى من الأب، اعتبرت أنهن فتيات أردن الهروب مع والدتهن وترك بيئتهن ما لم يستدعِ الأمر التحري السريع لمعرفة مصيرهن".
وأضافت عواضة أن جمعية "كفى" ومن خلالها متابعتها للجرائم التي تطاول النساء، أعلنت أن موقفها الأساسي يشمل معالجة مشكلتين "أولاً الإيقاع القضائي البطيء أي عدم الاسراع في التحقيقات والمحاكمات، وثانياً عدم اعتماد التشدد في العقوبة".
هاتان المشكلتان ولو تمّ حلّهما وفق المحامية عواضة، فإنه "من شأنهما تكوين رادع أساسي، كونهما تُبعدان الملفات والجرائم عن أي أسباب تخفيفية، وتُساهمان في تسريع المحاكمات".
كما لفتت عواضة إلى "جريمة قتل الضحية رولا يعقوب على يد زوجها، التي حصلت قبل تسع سنوات، ولم يصدر الحكم بحقه إلا قبل أيام قليلة فقط".
كسر النمطية وتعميم الخطاب الداعم للنساء، يفترض أن يرافقه خطاب إعلامي مساند وهو ما يقتضي العمل بمهنيّة وحرفيّة وفقاً لأصول المهنة وبعيداً من الدخول في خصوصيات الضحايا أو اقتحام منزلهنّ. وهو ما ندّد به الناشطات والناشطون إثر دخول أحد المراسلين التلفزيونيين إلى منزل الضحايا، والعبث ببعض محتوياته أمام الكاميرا.