سنة وينتهي عهد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وثلاثة أشهر وينتهي عهد رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون؛ عهود تنتهي بـ"سوداويّة" غير مسبوقة بتاريخ البلد، وقد ألقت بظلالها على المظلوم الدائم وهو المواطن. خيّم الفساد المُستشري على مؤسّسات الدولة اللبنانية كلّها، حتى أنه لامس القضاء، فبات كلّ مسؤول يُفسّر اليوم القانون على قياسه.
دهمت مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، منزل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ولم تجده، فاتجهت إلى مصرف لبنان بمرافقة عناصر من جهاز أمن الدولة وفتّشت داخل الخزنات والمكاتب، وخرجت من دون القبض على سلامة. والأخير، بات لا يخرج للعلن إلا لإصدار التعاميم للقطاع المصرفي الذي ينازع في لبنان ويعاني معه المودعون في لبنان وخارجه. وبعد المداهمة، أعلن موظفو مصرف لبنان الإضراب، الأمر الذي أثار المخاوف من توقف منصة صيرفة التابعة للمصرف المركزي.
قصة القاضية عون والحاكم سلامة، تحولت إلى مطاردة مستمرة، تتخللها مداهمات بين الأسبوع والآخر؛ في حين يسأل المواطنون عن ألغاز وخبايا هذه المطاردة التي لم تتمكن خلالها أجهزة الدولة، بالرغم من تقدّم التقنيات التي تمتلكها في مجالي المعلوماتية والاستخبارات، من تحديد مكان حاكم مصرف لبنان. حتى أن البعض لم يعد يأمل خيراً في أي تحرّك مهما كانت النوايا خلفه جسنة، طالما أن المسؤولين السياسيين متحكمين بمفاصل الدولة، ويبقى المواطن بصفة المُتفرّج في حلبة مصارعة لا تنتهي.
اللاعب الأكبر
تعليقاً على المستجدات الأخيرة وانعكاساتها على القطاع المصرف والسوق المالية، قال الصحافي والكاتب الاقتصادي منير يونس، في حديث لـ"جسور"، إن "سعر الصرف أصبح سعرا سياسيا، فإذا أراد حاكم مصرف لبنان الضغط ممكن أن يرتفع بالسوق السوداء، وإذا أراد التهدئة فباستطاعته حتى لو كانت منصة صيرفة مغلقة لجم السعر بشكل أو بآخر". ويضيف: "طبعًا يبقى هناك مضاربة ولكن سواء لسعر المنصّة أو لسعر السوق الموازية فإن سعر الدولار ممسوك بشكل كبير بيد حاكم مصرف لبنان، لما له من قدرة على التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في الأسواق".
ويعتبر يونس أنه "اذا أراد سلامة الضغط بسبب قضيّته أو بسبب سياسي آخر، فهو قادر على ذلك والعكس صحيح، والتجارب السابقة أثبتت أنه اللاعب الأكبر في هذه السوق".
لا ثقة
وفيما خصّ قضية رياض سلامة وتداعياتها داخليًّا وخارجيًّا، يعتبر يونس أنه "بالنسبة للقضاء اللبناني "لا ثقة" حتى لو كانت الاتهامات الموجهّة له صحيحة ويجب التحقيق فيها، ولكن لا ثقة في القضاء اللبناني والأمثلة كثيرة فلم يصل أصحاب الحق الى حقوقهم". موضحًا أن "القضاء مُسيّس ويعمل وفق أجندات منها طائفيّة ومنها لها علاقة بالتوازنات السياسية وغيرها، القضاء يُستخدم بيد السياسيّين رغم وجود بعض القضاة المستقلّين النادرين." ويضيف: "فيما خص القضاء الخارجي، تلاحق دول عدّة سلامة بتهم اختلاس وتبييض أموال والقضايا تأخذ مجراها ويلزمها وقت".
ويوضح يونس أننا "أمام سنة أخيرة لرياض سلامة في حاكميّة مصرف لبنان، سيتحكّم بها بما يتبقى له من دولارات ويستغلّ التوازنات السياسيّة بعدم ملاحقته في القضاء، وحين يأتي وقت الملاحقات الخارجيّة فهو يقول بإنه سيتدبّر أمره ويدافع عن نفسه بنفسه".
القاضية عون "لا تعتدي"
من جهته، يقول عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر المحامي وديع عقل لـ"جسور"، إن "الذي تعدّى على أموال اللبنانيّين هو رياض سلامة ونهب أموال الناس، وقبل 17 أكتوبر/تشرين الأول كان لدينا دولاراتنا الحقيقيّة واليوم يُقنعون الناس بأنها تُسمّى لولار فالمُعتدي هو سلامة والذي يُخبّئه"؛ وذلك رداً على اعتبار أن مداهمة القاضية عون لمصرف لبنان تعدّت "الصلاحيات المكانيّة".
ويضيف: "رياض سلامة لا يتحمّل المسؤولية لأن حاكم مصرف لبنان هو رئيس هيئة التحقيق الخاصّة في الوقت نفسه، وواجباته مكافحة تبييض الأموال، فيما تبيّن أنه هو نفسه ارتكب تبييض أموال ومُتهم بست دول خارج لبنان والسابعة قريبًا.. وهو متهم لدى النيابة العامّة التمييزيّة في لبنان وكذلك لدى النيابة العامة الإستئنافيّة برئاسة القاضية غادة عون، وهي تقوم بواجباتها ولا تعتدي على أحد".
استعراض أم محاولة؟
وردًّا على ما أثير حول مداهمات القاضية عون وإن كانت لا تنمّ عن محاولات حثيثة للقبض على سلامة بل عن استعراضات أمام الكاميرات، يقول عقل إن "معظم المرتشين من قبل رياض سلامة ولسنوات طويلة، هم الاستعراضيون ويعملون لحمايته وحماية أنفسهم لأنهم خائفون من سقوطه".
ويشير عقل، الى أن المستفيدين هم "السياسيّون ورجال دين والأمنيّون وقضاة وكبار الموظفين والكثير من الإعلاميّين، والكثير منهم كانوا يرتشون من شركات يملك فيها المصرف المركزي ومنها شركة الميدل إيست وإما عبر كازينو لبنان بعقود أو استشارات وسفرات وقيود ميسّرة وغيرها".
"جيوفاني فالكوني" لبنان
وختم عقل قائلًا: "من الطبيعي ببلد مثل لبنان أن يتمّ الدفاع عن الفاسد والهجوم على من يُكافح الفساد، لبنان يشبه اليوم جنوبي ايطاليا في أواخر السبعينات قبل أن يقوم القاضي جيوفاني فالكوني بتنظيف البلاد من المافيا"، في إشارة منه إلى "أوجه الشبه" بين عمل عون في لبنان وفالكوني في إيطاليا.
المحامي عقل وهو عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو الفريق السياسي الذي يحسب البعض عليه القاضية عون، اعتبر أن "الإيجابيّة اليوم تكمن في الرأي العام اللبناني الذي يُساند القضاة الأوادم وعلى رأسهم القاضية عون والذين يخوضون معركة صعبة جدا ضد دولة الفساد".
وكانت نقابة موظفي مصرف لبنان، قد أعلنت في بيان لها، "الإضراب واقفال المصرف مع اعتصام للموظفين داخل حرم المصرف، وذلك اعتراضًا على التجاوزات القانونية والطريقة الملشيوية التي تمارسها القاضية غاده عون". وإضرابهم لمدّة ثلاثة أيام مع تهديد بالإضراب المفتوح.
دهمت مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، منزل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ولم تجده، فاتجهت إلى مصرف لبنان بمرافقة عناصر من جهاز أمن الدولة وفتّشت داخل الخزنات والمكاتب، وخرجت من دون القبض على سلامة. والأخير، بات لا يخرج للعلن إلا لإصدار التعاميم للقطاع المصرفي الذي ينازع في لبنان ويعاني معه المودعون في لبنان وخارجه. وبعد المداهمة، أعلن موظفو مصرف لبنان الإضراب، الأمر الذي أثار المخاوف من توقف منصة صيرفة التابعة للمصرف المركزي.
قصة القاضية عون والحاكم سلامة، تحولت إلى مطاردة مستمرة، تتخللها مداهمات بين الأسبوع والآخر؛ في حين يسأل المواطنون عن ألغاز وخبايا هذه المطاردة التي لم تتمكن خلالها أجهزة الدولة، بالرغم من تقدّم التقنيات التي تمتلكها في مجالي المعلوماتية والاستخبارات، من تحديد مكان حاكم مصرف لبنان. حتى أن البعض لم يعد يأمل خيراً في أي تحرّك مهما كانت النوايا خلفه جسنة، طالما أن المسؤولين السياسيين متحكمين بمفاصل الدولة، ويبقى المواطن بصفة المُتفرّج في حلبة مصارعة لا تنتهي.
اللاعب الأكبر
تعليقاً على المستجدات الأخيرة وانعكاساتها على القطاع المصرف والسوق المالية، قال الصحافي والكاتب الاقتصادي منير يونس، في حديث لـ"جسور"، إن "سعر الصرف أصبح سعرا سياسيا، فإذا أراد حاكم مصرف لبنان الضغط ممكن أن يرتفع بالسوق السوداء، وإذا أراد التهدئة فباستطاعته حتى لو كانت منصة صيرفة مغلقة لجم السعر بشكل أو بآخر". ويضيف: "طبعًا يبقى هناك مضاربة ولكن سواء لسعر المنصّة أو لسعر السوق الموازية فإن سعر الدولار ممسوك بشكل كبير بيد حاكم مصرف لبنان، لما له من قدرة على التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في الأسواق".
ويعتبر يونس أنه "اذا أراد سلامة الضغط بسبب قضيّته أو بسبب سياسي آخر، فهو قادر على ذلك والعكس صحيح، والتجارب السابقة أثبتت أنه اللاعب الأكبر في هذه السوق".
لا ثقة
وفيما خصّ قضية رياض سلامة وتداعياتها داخليًّا وخارجيًّا، يعتبر يونس أنه "بالنسبة للقضاء اللبناني "لا ثقة" حتى لو كانت الاتهامات الموجهّة له صحيحة ويجب التحقيق فيها، ولكن لا ثقة في القضاء اللبناني والأمثلة كثيرة فلم يصل أصحاب الحق الى حقوقهم". موضحًا أن "القضاء مُسيّس ويعمل وفق أجندات منها طائفيّة ومنها لها علاقة بالتوازنات السياسية وغيرها، القضاء يُستخدم بيد السياسيّين رغم وجود بعض القضاة المستقلّين النادرين." ويضيف: "فيما خص القضاء الخارجي، تلاحق دول عدّة سلامة بتهم اختلاس وتبييض أموال والقضايا تأخذ مجراها ويلزمها وقت".
ويوضح يونس أننا "أمام سنة أخيرة لرياض سلامة في حاكميّة مصرف لبنان، سيتحكّم بها بما يتبقى له من دولارات ويستغلّ التوازنات السياسيّة بعدم ملاحقته في القضاء، وحين يأتي وقت الملاحقات الخارجيّة فهو يقول بإنه سيتدبّر أمره ويدافع عن نفسه بنفسه".
القاضية عون "لا تعتدي"
من جهته، يقول عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر المحامي وديع عقل لـ"جسور"، إن "الذي تعدّى على أموال اللبنانيّين هو رياض سلامة ونهب أموال الناس، وقبل 17 أكتوبر/تشرين الأول كان لدينا دولاراتنا الحقيقيّة واليوم يُقنعون الناس بأنها تُسمّى لولار فالمُعتدي هو سلامة والذي يُخبّئه"؛ وذلك رداً على اعتبار أن مداهمة القاضية عون لمصرف لبنان تعدّت "الصلاحيات المكانيّة".
ويضيف: "رياض سلامة لا يتحمّل المسؤولية لأن حاكم مصرف لبنان هو رئيس هيئة التحقيق الخاصّة في الوقت نفسه، وواجباته مكافحة تبييض الأموال، فيما تبيّن أنه هو نفسه ارتكب تبييض أموال ومُتهم بست دول خارج لبنان والسابعة قريبًا.. وهو متهم لدى النيابة العامّة التمييزيّة في لبنان وكذلك لدى النيابة العامة الإستئنافيّة برئاسة القاضية غادة عون، وهي تقوم بواجباتها ولا تعتدي على أحد".
استعراض أم محاولة؟
وردًّا على ما أثير حول مداهمات القاضية عون وإن كانت لا تنمّ عن محاولات حثيثة للقبض على سلامة بل عن استعراضات أمام الكاميرات، يقول عقل إن "معظم المرتشين من قبل رياض سلامة ولسنوات طويلة، هم الاستعراضيون ويعملون لحمايته وحماية أنفسهم لأنهم خائفون من سقوطه".
ويشير عقل، الى أن المستفيدين هم "السياسيّون ورجال دين والأمنيّون وقضاة وكبار الموظفين والكثير من الإعلاميّين، والكثير منهم كانوا يرتشون من شركات يملك فيها المصرف المركزي ومنها شركة الميدل إيست وإما عبر كازينو لبنان بعقود أو استشارات وسفرات وقيود ميسّرة وغيرها".
"جيوفاني فالكوني" لبنان
وختم عقل قائلًا: "من الطبيعي ببلد مثل لبنان أن يتمّ الدفاع عن الفاسد والهجوم على من يُكافح الفساد، لبنان يشبه اليوم جنوبي ايطاليا في أواخر السبعينات قبل أن يقوم القاضي جيوفاني فالكوني بتنظيف البلاد من المافيا"، في إشارة منه إلى "أوجه الشبه" بين عمل عون في لبنان وفالكوني في إيطاليا.
المحامي عقل وهو عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو الفريق السياسي الذي يحسب البعض عليه القاضية عون، اعتبر أن "الإيجابيّة اليوم تكمن في الرأي العام اللبناني الذي يُساند القضاة الأوادم وعلى رأسهم القاضية عون والذين يخوضون معركة صعبة جدا ضد دولة الفساد".
وكانت نقابة موظفي مصرف لبنان، قد أعلنت في بيان لها، "الإضراب واقفال المصرف مع اعتصام للموظفين داخل حرم المصرف، وذلك اعتراضًا على التجاوزات القانونية والطريقة الملشيوية التي تمارسها القاضية غاده عون". وإضرابهم لمدّة ثلاثة أيام مع تهديد بالإضراب المفتوح.