تشهد ليبيا هسيتريا سياسية يبدو أن تداعياتها ستكون كارثية في المدى المنظور ما استدعى تدخلا امميا لتدارك الامور قبل وقوع المحظور.
فقد أدت الحكومة الليبية الجديدة برئاسة فتحي باشاغا قبل أيام اليمين القانونية أمام مجلس النواب المنعقد في طبرق، في ظل غياب عدد من الوزراء، وبعدما اتهمت الحكومة المنافسة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بمحاولة عرقلة العملية.
ومنح مجلس النواب الثلاثاء الثقة حكومة باشاغا الثقة، لتحل محل حكومة الدبيبة الذي يرفض التنازل عن منصبه إلا "لسلطة منتخبة". وحدد موعد لأدائها اليمين القانونية اليوم.
وتعاني ليبيا من حالة من الانقسام منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 وزادت حدة التشرذم هذا الأسبوع مع تشكيل سلطتين تنفيذيتين متنافستين: حكومة جديدة عينها البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، وحكومة ناتجة عن الاتفاقات التي ترعاها الأمم المتحدة مقرها في طرابلس ويقودها عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض التنازل عن السلطة.
احتجاز وزراء
وأدّى فتحي باشاغا مع عدد من وزرائه اليمين القانونية أمام مجلس النواب. ولم يتمكن ثلاثة وزراء من حضور الجلسة بعد احتجازهم من طرف مسلحين، وفق ما ذكرت تقارير إعلامية وباشاغا نفسه، فيما أعلن وزير الاقتصاد انسحابه من الحكومة قبل الجلسة. وتغيّب وزراء آخرون من دون معرفة الأسباب.
وتتألف التشكيلة الحكومية من أربعين وزيرا. وقال باشاغا في كلمة ألقاها عقب أداء اليمين القانونية، "أدين حالة التصعيد غير المبررة من بعض الأطراف لمنع بعض الوزراء من أداء اليمين، كما أدين العمل الجبان الذي نفذته مجموعة مسلحة بالاعتداء وحجز حرية ثلاثة وزراء، ومنعهم من الوصول إلى طبرق لأداء اليمين". وكان يشير الى وزراء الخارجية والثقافة والتعليم التقني.
التشكيك والرفض والتحذيرات
وأعلن وزير الاقتصاد الليبي جمال شعبان رفض منصبه "رفضاً مطلقاً تضامناً مع الشعب الليبي"، مشككاً بعملية التصويت التي حصلت في جلسة الثقة.
وكانت الأمم المتحدة عبّرت عن قلقها من الأجواء التي رافقت عملية منح الثقة للحكومة الجديدة. ويوجد حاليا رئيسان للوزراء في السلطة، ولم يتضح بعد موقف المجتمع الدولي من ذلك، وتتصاعد التحذيرات من أن يكون وجود حكومتين بداية لانقسام سياسي جديد كالذي شهدته البلاد مع "رأسين تنفيذيين" على مدى أعوام طويلة قبل التوصل الى اتفاق سياسي برعاية الأمم المتحدة بدأ تنفيذ مساره مع تولي الدبيبة رئاسة حكومة "وفاق وطني".
وتعارض أطراف سياسية وعسكرية في غرب البلاد حيث مقرّ الحكومة ومؤسسة النفط والبنك المركزي ومعظم المؤسسات السيادية، تولي باشاغا رئاسة حكومة جديدة، معتبرين أنها جاءت بموجب صفقة أبرمها مع الفريق أول خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد. وترفض معظم الأطراف المؤثرة في غرب ليبيا أن حفتر هو جزء من المشكلة وليس الحل.
الامم المتحدة تقترح وساطة
واقترحت مبعوثة الأمم المتحدة في ليبيا وساطة بين المعسكرين المتنافسين لتسهيل إجراء الانتخابات التي أدى تأجيلها في ديسمبر/ كانون الأول إلى تعميق الانقسامات في البلاد في ظل حكومتين متنافستين.
وفي محاولة للتقريب بين الأطراف، اقترحت الأميركية ستيفاني وليامز، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، إنشاء لجنة تضم ممثلين عن هيئتين متنافستين هما مجلس النواب ومقره في طبرق في الشرق، والمجلس الأعلى للدولة ومقره في طرابلس. وكتبت وليامز على تويتر "أرسلت ليلة البارحة رسائل إلى رئاسة كل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لدعوتهما إلى تسمية ستة ممثلين عن كل مجلس لتشكيل لجنة مشتركة مكرسة لوضع قاعدة دستورية توافقية".
وأوضحت وليامز في الرسائل التي نشرتها أن هذه "القاعدة الدستورية" يجب أن تضع أسس تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تريد الأمم المتحدة إجراءها في أقرب الآجال. واقترحت أن تجتمع هذه اللجنة اعتباراً من 15 مارس/ آذار للعمل "لمدة أسبوعين لتحقيق هذا الهدف".