فوق المعاناة التي يتكبدها الأهل لتأمين حق التعليم لأولادهم، وفقدان الطلاب اللبنانيين الأمل في بلد لن يستطيع تحقيق أحلامهم أو حتى تأمين أدنى حقوقهم، تأتي كارثة لا بل مجزرة في مدرسة الأميركان في طرابلس شمال لبنان، حيث سقط سقف جدار على الفتاة "ماغي محمود" البالغة من العمر ستة عشر عاماً لتفارق الحياة على الفور.
ماغي كان تجلس على كرسيها، تتابع صفوفها حين وقع الحائط الاسمنتي على رأسها فلم تكن تدري أنه اليوم الأخير لها في هذه المدرسة.
فعن اي بنى تحتية نتحدث وهل كل تلميذ مشروع شهيد في لبنان؟ وهل تعب الاهل في تربية أولادهم لخسارتهم بأتفه الاسباب؟ وكم ماغي بعد سيخسر لبنان والمعلومات تشير الى مئات المباني التي تحتاج الى صيانة ويدخلها مئات الطلاب يومياً!
مبنى متهالك
في حديثٍ لجسور يقول المحامي "أمين بشير": "من الناحية الهندسيّة، هذه المدرسة قديمة وتشهد على تاريخ مدينة طرابلس. كانت مركزا عسكريا للقوات السورية وشهدت على الكثير من المجازر والتعذيب. فقد مرّت سنوات طويلة على حجارة المدرسة من النوع الرملي سريعة التفتيت".
وتابع "تم تأجير المدرسة للدولة اللبنانية وهي ملك لبناني مغترب. فقانونيّاً، وزارة التربية في كل مرّة تريد تمديد الايجار أو تجديده عليها إرسال فرق هندسيّة للكشف على وضع المدرسة وصلابة جدرانها."
وفيما يتعلّق بتحمّل المسؤوليّة قال المحامي "تقع المسؤوليّة الأولى على وزارة التربية التي يجب عليها الكشف والتأكد من سلامة الوضع الهندسي للمدرسة. أمّا في المرتبة الثانية فقد تقع المسؤوليّة على مدير المدرسة، فهو المراقب اليومي للمبنى وواجبه تبليغ وزارة التربية في حال شك بأي أمر يهدد سلامة التلاميذ، علماً أن الطلاب أكدوا رؤيتهم لتشققات موجودة على جدران المدرسة وسماعهم لتفتت الحجارة في الآونة الأخيرة".
واعتبر بشير أن تصريح وزير التربية بوصف للكارثة بقضاء وقدر غباء قانوني لا بل غباء انساني مطالباً بتشكيل لجنة مؤلفة من أهالي الطلاب للمطالبة بتحقيق شفّاف. فقد يسعى مدير المدرسة والإدارة إلى لملمة الموضوع وتحويله لحادث قضاء وقدر وهنا يأتي دور لجنة الأهالي بالضغط على لجنة التحقيق للقيام بعمل نزيه وصريح."
شهيدة التقصير
في أجواء من الحزن والغضب شيّع أهالي وطلاب مدارس جبل محسن في طرابلس شمال لبنان جثمان التلميذة ماغي محمود، والفاجعة لا تخصّ طرابلس فقط، فقد خيّم الحزن على جميع الأراضي اللبنانيّة.
ماغي شهيدة إهمال الدولة اللبنانيّة التي يسيطر عليها الفساد والمحسوبيّة، فالمواطن يمكن أن يتحّمل سرقة أمواله من المصارف أو عدم التأمين لأبسط حقوقه لكن لن يقبل المسّ بحياة أبنائه.