كشف بول بريمر، الحاكم المدني الأميركي للعراق بعد سقوط النظام العراقي السابق، تفاصيل "خدعة ضابط" خلال غزو العراق، وبعد سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين، والتي أدّت إلى قتل 4 ضباط أميركيين وتعليق جثثهم على جسر في الفلوجة. كما تحدّث عن تأثير زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على العراقيين وتفاصيل مذكرة اعتقاله أثناء حكم بريمر. فلمَ عانى صدام حسين الأمرين من الفلوجة؟ ومن أصدر مذكرة اعتقال بحق الصدر ومن كان أبرز خصوم الجيش الأميركي و أكثرهم فعالية؟
فقد أوضح بول برمير، في حديث لقناة MBC، أن الفلوجة لم تكن تحت سيطرة حكومية حتى أثناء حكم صدام حسين، وقال: "كنت أسمع ذلك من العراقيين والأميركيين مرارا وتكرارا، لقد كانت الفلوجة دائما مركزا للعديد من الأنشطة الإجرامية، وكنا نسميها (الغرب الجامح)، فهي تشبه تلك المدن المليئة بالمتاعب بالغرب الأميركي"، مشيراً إلى أن صدام حسين عانى الأمرين من تلك المدينة، وهم أيضا، بحسب قوله. وأضاف: "كانت طلائع القوة المحتلة من الفرقة "82" المجوقلة تواجه الكثير من المتاعب في محاولة السيطرة على البلدة، وفي نهاية مارس/آذار عام 2004، كانت قوات مشاة البحرية هي من تقود العمليات في المدينة، وحين ذلك تعرض 4 من الخبراء الأمنيين الأميركيين للتصفية، وعلّقت جثثهم على جسر في الفلوجة كنوع من الإهانة للقوات الأميركية والعراقية، حيث كانت قوات مشاة البحرية متلهفة للقيام بعملية فرض الأمن داخل المدينة ولكنها واجهت مقاومة شرسة".
التصفية
واوضح أنه في اليوم الثالث من العملية، "قامت (القوات الأميركية) بالاستعانة بضابط من الجيش العراقي السابق، وهذه كانت أول محاولة لاستعادة وحدة من الجيش السابق، وقام العسكريون بذلك من دون استشارتي أو استشارة أحد آخر، وبمجرد دخوله للمدينة انضم الضابط العراقي بسرعة إلى صفوف العدو، وانقلب علينا فحدث ما حدث، ودائما كنت استخدم ذلك الموقف كمثال لما يمكن أن يحدث إن قمنا بإعادة جيش صدام للعمل". واضاف الحاكم المدني الأميركي السابق للعراق: "كانت هذه مشكلة لا يمكن أن تحل بالطرق السلمية قبل تسليم السلطة إلى العراقيين نهاية شهر يوليو/تموز، وكنا نعلم أننا تركنا مشكلة كبيرة للحكومة العراقية المقبلة، لكننا ارتأينا أن ندع لهم حرية اختيار القرار المناسب، مع علمنا أنهم سيلجأون للقوة وهذا ما حدث بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني".
لا سلطة
وأكّد بريمر أن "السيد مقتدى الصدر كان أبرز خصوم الجيش الأميركي في العراق وأكثرهم فعالية بعد سقوط نظام صدام حسين". وفي مطلع إجابته عما إذا كان قد أصدر مذكرة اعتقال بحق الصدر وأسباب عدم تنفيذها، أوضح بريمر أنه "ليس هو من أصدر مذكرة اعتقال بحق الصدر في عام 2003، وأنه لم تكن لديه السلطة لإصدار هذه المذكرة"، مشيرا إلى أن "المذكرة صدرت عن سلطة عراقية مستقلة، وفق أدلة تثبت تورط الصدر في عملية اغتيال إبن العالم أبو القاسم الخوئي (المرجع الإسلامي الشيعي الأعلى قبل علي السيستاني) الذي كان عاد تواً من منفاه في لندن في 10 أبريل/نيسان عام 2003".
مساعدة
وفي التفاصيل، لفت الحاكم المدني الأميركي السابق للعراق إلى أن "دور القوات الأميركية المقرر آنذاك كان يقتصر على عزل منطقة إقامة الصدر في النجف أو كربلاء، بعد طلب من الشرطة العراقية لمساعدتها، لعدم وجود العدد الكافي من عناصر الشرطة العراقية الناشئة لتنفيذ المهمة، ولم يطلب منهم القبض المباشر عليه، وأنهم كانوا على تواصل مع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) من أجل مساعدة الشرطة العراقية". وأضاف: "وفي تلك الأثناء تعرض مقر الأمم المتحدة في بغداد إلى التفجير، ليتم تأجيل تنفيذ أمر الاعتقال"، موضحاً أننا "كنا حينها نتعامل مع معضلة مغادرة بعثة الأمم المتحدة للعراق، وبعدها لم نعد إلى فكرة مساعدة الشرطة العراقية للقبض على مقتدى الصدر". كما نفى إلغاء عملية القاء القبض على مقتدى الصدر بناء على طلب من رئيس الوزراء العراقي آنذاك، إياد علاوي، قائلا: "لا أتذكر أني تحدثت معه حول ذلك على الإطلاق، لقد كانت هناك مشاكل أكبر تشغل تفكيرنا، كتفجير مقر الأمم المتحدة، كانت هنالك ملفات أكبر".
أبرز الخصوم
وعما إذا كان الصدر، هو الوحيد في الطبقة السياسية الشيعية الذي كان يواجه قوات الجيش الأميركي آنذاك، أجاب بريمر قائلا: "لا أستطيع القول بأنه الوحيد بالتأكيد كان هناك آخرون، ولقد تزامن ذلك مع صعود تنظيم القاعدة وظهور أبي مصعب الزرقاوي في عام 2004 ، وكان هدفهم الشيعة بشكل أساسي وليس قوات الجيش الأميركي"، وختم قائلاً: "المهم استطيع القول أن مقتدى الصدر كان أبرز خصوم الجيش الأميركي وأكثرهم فاعلية من الأوساط الشيعية".