فصلٌ جديد من فصول التحقيق في انفجار مرفأ بيروت كُتب، بعد أن حررت محكمة الاستئناف القضية، بردٍ واضح على المدعى عليهم الساعين إلى عرقلة العدالة. إلا أن المعركة لم تنتهِ بعد، فالمدعى عليهم لن يقفوا مكتوفي اليدين بعد الهزيمة الأخيرة التي مُنيوا بها، فمن المتوقع أن تنهال دعوات وطلبات الردّ أمام الغرفة الأولى من محكمة التمييز، ودعاوى مخاصمة الدولة أمام الهيئة العامة التمييزية، خلال الأيام القليلة المقبلة.
تستمر عملية البحث المضني عن الحقيقة والعدالة في لبنان، في انفجار 4 أغسطس/آب 2020، وفي أول إجراء بعد استئناف التحقيقات، أعاد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، إلى النيابة العامة التمييزية مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحق وزير المالية السابق علي حسن خليل، المقرب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأمر بتنفيذها بشكل فوري من قبل الأجهزة الأمنية، بحسب ما أفاد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس، لافتًا إلى أن امتناع جهاز أمني عن تنفيذ المذكرة القضائية يُعد سابقة خطيرة وتمردًا على قرارات السلطة القضائية.
البيطار عاد
التحقيق في انفجار بيروت، غرق بمتاهات السياسة، ثم في فوضى قضائية، فمنذ إدعاء المحقق العدلي البيطار، على رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزراء سابقين وطلبه ملاحقة مسؤولين وأمنيين، تنتقد قوى سياسية عدة، على رأسها حزب الله اللبناني وحركة أمل، عمله. ومنذ تسلمه التحقيق، لاحقت البيطار، 16 دعوى، ومطالبة بكفّ يده عن القضية. وأدت تلك الدعاوى إلى تعليق التحقيق مرات عدة، قبل أن يُستأنف مجدداً تحقيقاته هذا الأسبوع.
وفي ظل تشكيك كثر في إمكانية تنفيذ مذكرة التوقيف في حق خليل في بلد تطغى عليه ثقافة "الإفلات من العقاب"، يؤكد أحد وكالاء أهالي الضحايا، المحامي جيلبير أبي عبود، أنه من المقلق أن يطلب رئيس جهاز أمني تفسير القوانين والنصوص الدستورية فيما دوره يقتضي بتفيذ المذكرات فقط.
وتابع أبي عبود شارحاً في اتصال مع "جسور"، أن "المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء عماد عثمان، رفض تنفيذ مذكرة التوقيف بحق خليل، بحجة الاستفسار عن المادة 40 من الدستور في حين يفترض به تنفيذها من دون أي إعتراض. لأن القانون يُملي عليه أن يكون خاضعاً لسلطة الملاحقة، إلا أنه وللأسف هي أيضاً تحاول تمييع الأمور وكأنه هناك تنسيق مسبق لعدم تنفيذ المذكرة".
واعتبر أبي عبود، أنه "بظل الانحلال المؤسساتي والدولة البوليسية التي نعيش بها، أعتقد أن الكرة في ملعب اللواء عثمان، فإذا رُفع الغطاء السياسي سيتمكن من تنفيذ المذكرة إلا أن الضغط واضح والتهديد بالفتنة والحرب الأهلية وارد، والدليل حوادث الطيونة الأخيرة التي أثبتت أنه ثمة استعداد لمنع مسار العدالة وإزاحة البيطار وحرف مسار التحقيق".
حطيط مهدد؟
توازياً، أفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" في لبنان، أن والد أحد ضحايا انفجار مرفأ بيروت، يوسف المولى، تقدم بواسطة وكيله المحامي سلمان بركات، بدعوى طلب رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، أمام محكمة التمييز الجزائية، برئاسة القاضية رنده الكفوري، وذلك على خلفية التسبب بـ "تأخير التحقيق والاستنسابية التي يتبعها البيطار من خلال استدعاء البعض وغض النظر عن البعض الآخر مما يعوق التحقيق العدلي" بحسب ما ورد في نص الدعوى.
وفي السياق، اعتبر المحامي جيلبير أبي عبود، لـ "جسور"، أن "هذه الدعوى التي تقدم بها المولى، هي بدعم وتنسيق مع إبراهيم حطيط الناطق الرسمي السابق باسم ضحايا الانفجار".
وأشار أبي عبود، إلى "أن العائلات السبع التي انشقّت عن عائلات الضحايا الآخرين وعلى رأسهم حطيط، ستعتمد قريباً خطاباً مشابهاً أكثر للثنائي حزب الله حركة أمل، وكما تشير المعطيات ستُطالب العائلات أسوةً بهم بمحامكة المدعى عليهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء"، وهو المجلس الذي يعتبره الحقوقيون بدون فعالية وملاذاً للإفلات من العقاب.
وعن تصرفات حطيط الأخيرة بعد أن أكد مراراً دعمه للقاضي البيطار واستقلالية القضاء، اعتبر عبود، أن "حطيط والعائلات السبع قلة قليلة من أهالي ضحايا الإنفجار وهم من إتجاه سياسي واحد. ففي حين اعتقدنا أن دماء الشهداء ألغت كل الإعتبارات والإتباطات العقائدية والحزبية، إلا أننا على ما يبدو كنا مخطئين؛ فحطيط إما تمّ تهديده بعد واقعة الطيونة، وإما له رأي مخالف من البداية بين أهالي الضحايا".
وتابع، "تصرفات حطيط مريبة جداً، إذ انقلبت أراؤه رأساً على عقب بسرعة، إذ كنا نتواصل معه بشكل دائم ومباشر ويومي وكان دوماً يؤكد لنا دعمه للقاضي الذي كان يعتبر أنه يمثل الشهامة والاستقلالية ولا يخضع لأي أجندة سياسية".
شكوى موقوفي المرفأ
في الإطار عينه، أعلنت المتخصصة في القانون الجنائي والعضو في نقابتي المحامين في باريس ومدريد وفي المحكمة الجنائية الدولية، المحامية راشيل لندون، أنه "بالتزامن مع حلول اليوم العالمي لحقوق الإنسان، قدم كل من المدير العام السابق للجمارك اللبنانية شفيق مرعي، المدير العام للجمارك بدري ضاهر، المدير العام للجنة الموقتة لإدارة وإستثمار مرفأ بيروت حسن قريطم، ومدير الخدمات الجمركية حنا فارس.. شكوى إلى فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي". وذلك في العاصمة الفرنسية، باريس، وبواسطة المحامية لندون، التي أشارت إلى أن "موضوع الشكوى يأتي في خانة اعتبار الموقوفين معتقلين من قبل الحكومة اللبنانية بشكل تعسفي وغير قانوني".
ولفتت لندون، إلى أن "عدم وجود أي سبيل للمراجعة في مذكرات التوقيف الصادرة بحقهم واستمرار حبسهم الإحتياطي لأجل غير مسمى، يشكلان دليلا إضافياً على إعتقالهم التعسفي؛ إضافة إلى تدخل الطبقة السياسية من أجل عرقلة أي محاولة لمحاكمتهم بصورة مستقلة ومحايدة في هذه القضية، مما أدى بلا شك إلى أن يُحول رافعو الشكوى إلى محكمة استثنائية، وهي المجلس العدلي، على الرغم من عدم اختصاصها".
تستمر عملية البحث المضني عن الحقيقة والعدالة في لبنان، في انفجار 4 أغسطس/آب 2020، وفي أول إجراء بعد استئناف التحقيقات، أعاد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، إلى النيابة العامة التمييزية مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحق وزير المالية السابق علي حسن خليل، المقرب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأمر بتنفيذها بشكل فوري من قبل الأجهزة الأمنية، بحسب ما أفاد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس، لافتًا إلى أن امتناع جهاز أمني عن تنفيذ المذكرة القضائية يُعد سابقة خطيرة وتمردًا على قرارات السلطة القضائية.
البيطار عاد
التحقيق في انفجار بيروت، غرق بمتاهات السياسة، ثم في فوضى قضائية، فمنذ إدعاء المحقق العدلي البيطار، على رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزراء سابقين وطلبه ملاحقة مسؤولين وأمنيين، تنتقد قوى سياسية عدة، على رأسها حزب الله اللبناني وحركة أمل، عمله. ومنذ تسلمه التحقيق، لاحقت البيطار، 16 دعوى، ومطالبة بكفّ يده عن القضية. وأدت تلك الدعاوى إلى تعليق التحقيق مرات عدة، قبل أن يُستأنف مجدداً تحقيقاته هذا الأسبوع.
وفي ظل تشكيك كثر في إمكانية تنفيذ مذكرة التوقيف في حق خليل في بلد تطغى عليه ثقافة "الإفلات من العقاب"، يؤكد أحد وكالاء أهالي الضحايا، المحامي جيلبير أبي عبود، أنه من المقلق أن يطلب رئيس جهاز أمني تفسير القوانين والنصوص الدستورية فيما دوره يقتضي بتفيذ المذكرات فقط.
وتابع أبي عبود شارحاً في اتصال مع "جسور"، أن "المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء عماد عثمان، رفض تنفيذ مذكرة التوقيف بحق خليل، بحجة الاستفسار عن المادة 40 من الدستور في حين يفترض به تنفيذها من دون أي إعتراض. لأن القانون يُملي عليه أن يكون خاضعاً لسلطة الملاحقة، إلا أنه وللأسف هي أيضاً تحاول تمييع الأمور وكأنه هناك تنسيق مسبق لعدم تنفيذ المذكرة".
واعتبر أبي عبود، أنه "بظل الانحلال المؤسساتي والدولة البوليسية التي نعيش بها، أعتقد أن الكرة في ملعب اللواء عثمان، فإذا رُفع الغطاء السياسي سيتمكن من تنفيذ المذكرة إلا أن الضغط واضح والتهديد بالفتنة والحرب الأهلية وارد، والدليل حوادث الطيونة الأخيرة التي أثبتت أنه ثمة استعداد لمنع مسار العدالة وإزاحة البيطار وحرف مسار التحقيق".
حطيط مهدد؟
توازياً، أفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" في لبنان، أن والد أحد ضحايا انفجار مرفأ بيروت، يوسف المولى، تقدم بواسطة وكيله المحامي سلمان بركات، بدعوى طلب رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، أمام محكمة التمييز الجزائية، برئاسة القاضية رنده الكفوري، وذلك على خلفية التسبب بـ "تأخير التحقيق والاستنسابية التي يتبعها البيطار من خلال استدعاء البعض وغض النظر عن البعض الآخر مما يعوق التحقيق العدلي" بحسب ما ورد في نص الدعوى.
وفي السياق، اعتبر المحامي جيلبير أبي عبود، لـ "جسور"، أن "هذه الدعوى التي تقدم بها المولى، هي بدعم وتنسيق مع إبراهيم حطيط الناطق الرسمي السابق باسم ضحايا الانفجار".
وأشار أبي عبود، إلى "أن العائلات السبع التي انشقّت عن عائلات الضحايا الآخرين وعلى رأسهم حطيط، ستعتمد قريباً خطاباً مشابهاً أكثر للثنائي حزب الله حركة أمل، وكما تشير المعطيات ستُطالب العائلات أسوةً بهم بمحامكة المدعى عليهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء"، وهو المجلس الذي يعتبره الحقوقيون بدون فعالية وملاذاً للإفلات من العقاب.
وعن تصرفات حطيط الأخيرة بعد أن أكد مراراً دعمه للقاضي البيطار واستقلالية القضاء، اعتبر عبود، أن "حطيط والعائلات السبع قلة قليلة من أهالي ضحايا الإنفجار وهم من إتجاه سياسي واحد. ففي حين اعتقدنا أن دماء الشهداء ألغت كل الإعتبارات والإتباطات العقائدية والحزبية، إلا أننا على ما يبدو كنا مخطئين؛ فحطيط إما تمّ تهديده بعد واقعة الطيونة، وإما له رأي مخالف من البداية بين أهالي الضحايا".
وتابع، "تصرفات حطيط مريبة جداً، إذ انقلبت أراؤه رأساً على عقب بسرعة، إذ كنا نتواصل معه بشكل دائم ومباشر ويومي وكان دوماً يؤكد لنا دعمه للقاضي الذي كان يعتبر أنه يمثل الشهامة والاستقلالية ولا يخضع لأي أجندة سياسية".
شكوى موقوفي المرفأ
في الإطار عينه، أعلنت المتخصصة في القانون الجنائي والعضو في نقابتي المحامين في باريس ومدريد وفي المحكمة الجنائية الدولية، المحامية راشيل لندون، أنه "بالتزامن مع حلول اليوم العالمي لحقوق الإنسان، قدم كل من المدير العام السابق للجمارك اللبنانية شفيق مرعي، المدير العام للجمارك بدري ضاهر، المدير العام للجنة الموقتة لإدارة وإستثمار مرفأ بيروت حسن قريطم، ومدير الخدمات الجمركية حنا فارس.. شكوى إلى فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي". وذلك في العاصمة الفرنسية، باريس، وبواسطة المحامية لندون، التي أشارت إلى أن "موضوع الشكوى يأتي في خانة اعتبار الموقوفين معتقلين من قبل الحكومة اللبنانية بشكل تعسفي وغير قانوني".
ولفتت لندون، إلى أن "عدم وجود أي سبيل للمراجعة في مذكرات التوقيف الصادرة بحقهم واستمرار حبسهم الإحتياطي لأجل غير مسمى، يشكلان دليلا إضافياً على إعتقالهم التعسفي؛ إضافة إلى تدخل الطبقة السياسية من أجل عرقلة أي محاولة لمحاكمتهم بصورة مستقلة ومحايدة في هذه القضية، مما أدى بلا شك إلى أن يُحول رافعو الشكوى إلى محكمة استثنائية، وهي المجلس العدلي، على الرغم من عدم اختصاصها".