بعد يوم واحد على كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله التي تناول فيها الانتخابات النيابية اللبنانية التي جرت في 15 مايو/ أيار، وتأثيرها على المشهد السياسي في لبنان، استضافت منصة "جسور" عبر مساحات "تويتر" Twitter Spaces نقاشا بعنوان: "خطاب السيد حسن نصرالله.. مهادنة أم إقرار بالهزيمة؟"، شارك فيه الإعلامي والناشط السياسي في حركة "سوا للبنان"، د. هادي مراد، والمستشار في العلاقات الدولية د. قاسم حدرج، والإعلامي ومنسق "التجمع من أجل السيادة"، نوفل ضو.
وتعليقا على خطاب السيد حسن نصرالله، الأربعاء، الذي دعا فيه الكتل النيابية في البرلمان اللبناني الجديد إلى "التعاون بعد انتخابات لم ينجح فيها أي طرف في تحقيق غالبية صريحة، وشهدت صعود تمثيل النواب المستقلين والمحسوبين على المجتمع المدني"، قال الإعلامي والناشط السياسي في حركة "سوا للبنان"، د. هادي مراد، إن "هذا الخطاب كان واضحا ويشير إلى أن هناك تراجعا ونوعا من إقرار بالهزيمة، لأن نصرالله اعترف بأنه لم يعد لديه الأكثرية المطلقة في البرلمان، بعدما كان يتدرع بقوته في المجلس النيابي وبالأكثرية الحاكمة، ويقول على مدى ثلاث سنوات انه هو الذي يحمي الحكومة والعهد ولا يمكن إسقاطه".
وتابع: "كنا نتوقع أن يتحدث كما تحدث الخاسر الأكبر في هذه الإنتخابات، رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لكنه اعتمد الواقعية والعقلانية ولم يسكر في نشوة عد المقاعد النيابية التي حصل عليها وهي أقل من الإنتخابات السابقة".
وأضاف: "كما وصف لشعبه أن هناك مرحلة أخرى تكتب اليوم في مجلس النواب، حيث قال إنه ليس هناك من أكثرية مطلقة في مجلس النواب، بل هناك قوانين ممكن أن نصوت معها أو ضدها، الأمر الذي يعتبر إقرارا بالخسارة، فاليوم أدرك أن عليه أن يعود خطوة إلى الوراء وأن هناك معادلات أخرى في المشهد السياسي، وان السلاح ووجهته وشرعيته بات موضوعا على الطاولة أمام أكثر من 64 نائبا لا يؤمنون بخيار آخر غير خيار الدولة".
معادلة ثابتة
من جهته، أشار المستشار في العلاقات الدولية د. قاسم حدرج، إلى أنه "ما قبل الإنتخابات، الشعارات التي رفعتها القوى المعارضة للمقاومة، كانت "الإحتلال الإيراني" و"الهيمنة الإيرانية"، وبالتالي لو كان هناك مثل هذه الهيمنة، لما سمحت المقاومة بتمرير قانون المغتربين الذي يعطيهم الحق بانتخاب الـ128 نائبا، والأمر الذي كان معلوما سلفا بأنه سيغير المعادلات ويصب بغير مصلحة المقاومة لاعتبارات عديدة".
وسأل: "عن أي هزيمة تتحدثون؟ نحن لم يتراجع عدد مقاعدنا بل استردينا مقعدا في جبيل، ولماذا دائما تتحدثون عن الأكثرية السابقة على أنها أكثرية حزب الله؟ فهناك التيار الوطني الحر الذي كان على خصام دائم مع حركة أمل في البرلمان وفي بعض الأحيان مع حزب الله، وهناك الحزب السوري القومي الإجتماعي، ومجموعة من حلفائنا لم نكن معها على قلب رجل واحد".
وتابع: "قبل الإنتخابات، روج الخصوم لنظرية أن حزب الله سيأخذ أكثرية الأكثرية والأغلبية المطلقة التي تمكنه من انتخاب رئيس جمهورية، لكن السيد نصرالله قد قال في إحدى كلماته إن "البعض يتحدث عن أننا سننال الأكثرية المطلقة ولكننا لا نسعى إليها، وحتى لو نلناها، فالبلد له تركيبته الخاصة وهو محكوم بالشراكة، ولا يمكننا لوحدنا النهوض به والقيام بالمشاريع الإقتصادية والإنمائية فيه، لذلك فالجميع مدعو إلى المشاركة ونسيان حقبة المناكفات التي أودت بلبنان إلى هنا".
وأكد حدرج أن "السيد لم يغير خطابه أو لهجته قبل وبعد الإنتخابات النيابية، ودائما كانت ولا زالت هموم الناس والمعيشة والمشاكل الإقتصادية في باله، لكن ما طرأ اليوم هو أن البعض تحدث عن أنه يملك الحلول السحرية للنهوض بالبلد، لكننا لم نر ونسمع منه سوى الحديث عن هوية رئيس مجلس النواب المقبل والخطاب التخويني للفريق الآخر واحتفالات بانتصار زائف".
ولفت إلى أنه "في المجلس السابق كان لحزب الله وحلفائه 68 نائبا، بينما الفريق الآخر كان لديه 60 نائبا، لكن اليوم الفريق الآخر الذي يعتبر نفسه منتصرا ليس لديه إلا 41 نائبا، فعن أي فوز يتحدثون؟".
ورأى حدرج أن "دخول التغييريين والمستقلين إلى المجلس لونه بروح جديدة"، مضيفا "نحن نمد اليد للتعاطي مع الجميع، إذا كان برنامجهم الإنتخابي يبعد عن الإستعراضات والشعارات الكاذبة والفارغة في موضوع السلاح وغير السلاح".
وتوجه إلى هادي مراد، بالقول: "أنت قلت أن هناك 64 نائبا في المجلس الجديد، لا يؤمنون بشرعية هذا السلاح، لا أدري من أين أتيت بهذا الرقم، ولكنني أقول لك أن 128 دولة في الأمم المتحدة لا تؤمن بالملف النووي الإيراني ولم تستطع حل هذه المشكلة إلا بالمفاوضات وفقا لشروط إيران، بمعنى آخر، نائب بالزائد أم بالناقص لن يغير معادلة سلاح حزب الله، الذي نال نسبة أصوات في ثلاث دوائر تفوق نسبة أصوات مرشحي كل لبنان".
تعديل موازين القوى
من جانبه، قال منسق "التجمع من أجل السيادة"، نوفل ضو، إنه "بمجرد ما قال السيد نصرالله أن لا أكثرية لأي فريق في المجلس الجديد، فهذا يعني أنه تم تعديل موازين القوى التي كانت قائمة، لأن حزب الله اعترف سابقا أن لديه الأكثرية في المجلس السابق، وفي كل مرحلة التحضير للإنتخابات كان يقول إن شيئا لن يتغير والأكثرية باقية نفسها في مجلس النواب".
وتابع: "صحيح أن عدد نواب الثنائي الشيعي لم يتغير، ولكن لا يمكن لأحد أن ينكر بأي طريقة حقيقة أن الجنوب قد تم خرقه بـ3 مقاعد في جزين ومقعدين في الجنوب الثالثة، بعدما كان مقفلا من قبله ومن قبل حلفائه، فبالنتيجة السياسية، أصبح هناك فريق داخل المجلس النيابي لديه أطروحة واضحة تقضي برفض تشريع سلاح حزب الله، بغض النظر عن رأي الحزب بذلك".
وأضاف: "كما لا يمكن لنصرالله أن يدعو إلى الشراكة وإلى وفاق إقتصادي وانتخابي وسياسي وهو يمنع غيره من الحديث عن السلاح أو أي موضوع آخر، لأن موضوع الشراكة لا يكون إنتقائيا، فإما أن يكون السلاح موضع قبول لدى الجميع، وإما أن يكون موضوع غير وفاقي".
ختاماً، أكد ضو أن "كل احتلال ينكسر، وعلى حزب الله أن يحضر نفسه للإنكسار بمفهوم موازين القوى".