بعد حوالي أربع سنوات من الإعلان عن هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، وانتهاء سيطرته على مناطق شاسعة في العراق، يبدو ان التنظيم يعود إلى واجهة الأحداث تدريجيا ما يثير مخاوف مراقبين وأمنيين.
وفي هذا الإطار، كشف المتحدث باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، عن إحباط مخطط واسع لـ"داعش"، كان يستهدف مدناً وبلدات عديدة خلال شهر رمضان، بعد الإيقاع بعدد من خلايا التنظيم التي كانت تستعد للمشاركة بتلك الهجمات.
وتعليقا على نشاط داعش في الفترة الأخيرة، رأى الكاتب والمحلل السياسي، علي البيدر، أنّ التنظيم يبدأ تصعيد عملياته خلال شهر رمضان، ضمن ما يُطلق عليه اسم "غزوة رمضان"، إذ يستغل هذا الشهر لكثرة التجمعات البشرية فيه.
غزوة رمضان
وبيّن البيدر في حديث لـ"جسور"، أن داعش دائما ما يستغل المناسبات الدينية لتوظيفها في استدراج حماس ومشاعر عناصره، تحت مسمى "غزوة رمضان"، مؤكدا أن الأسلوب أصبح من ضمن ثوابته، إذ يعمد في كل موسم رمضاني وخصوصا في هذا التوقيت على افتعال ضربات أمنية، وإحباط مخطط داعش الخميس يأتي بعد رمضان سابق شهد مقتل شخصيتين مهمتين في قيادة التنظيم، أحدهم أمير داعش وعدد من القيادات، لذا يرجّح البيدر أن يقوم داعش بشن هجمات إرهابية كردة فعل انتقامية يحاول من خلالها الثأر لمقتل عناصره وإلحاق الهزيمة .
ويتحدث البيدر، عن مشاكل داخلية تتعلق بالإدارة والقيادة، فضلا عن غياب الحاضنة الاجتماعية وفقدانه السيطرة على الكثير من المناطق التي كان يهيمن عليها وعدم امتلاكه موارد دعم وتمويل، مثنيا على التطور الكبير في قوة وإمكانية المؤسسة الأمنية العراقية التي أثبتت امتلاكها خبرة وتجربة كبيرة في محاربة التنظيم واختراقه.
من هنا يستبعد البيدر حصول أي خرق أمني، كون الاستعدادات التي تجري على المستويات كافة للقضاء على الإرهاب، هي أكبر من القدرات والامكانيات التي تمتلكها هذه الجماعات الإرهابية، خصوصا مع وجود دعم دولي يتمثل بمشاركة التحالف الدولي لمحاربة داعش وما له من دور كبير في كشف العديد من مخططات هذا التنظيم الإرهابي.
هجمات مرتقبة؟
من جهته، رأى المحلل السياسي، ورئيس قسم الصحافة في جامعة أهل البيت، الدكتور غالب الدعمي، أنّ داعش دائما يختار المناسبات الدينية والمناسبات الوطنية لتحقيق بعدٍ إعلامي على أنه لا يزال موجودا.
وأضاف الدعمي أنّ الفترة الأخيرة أصابت العديد من الأوكار الحقيقية لداعش في كثير من المحافظات، قائلا: لا أستبعد حصول عمل إرهابي ببصمات داعشية مع بداية شهر رمضان، لكن في المقابل القوات الأمنية يقظة وتمتلك إمكانية واسعة في متابعة الإرهابيين.
وتابع الدعمي: التنظيم الإرهابي كان يعتزم شن عمليات داخل بغداد، عبر تفجيرات بعبوات ناسفة، وسيارات مفخخة، تستهدف الأسواق الشعبية ، لافتا إلى انّ داعش لا يزال ينشط في بعض المحافظات الشمالية والشرقية، في وقت تكافح حكومة بغداد لاحتواء هجمات التنظيم عبر شن عمليات أمنية وعسكرية شمال وغرب وشرق البلاد.
وأوضح الدعمي، أنه منذ مطلع العام الحالي، كثّفت القوات العراقية عمليات التمشيط والمداهمة لملاحقة فلول "داعش" في البلاد.
الإرادة الصلبة
وبدأت وحدات من الجيش العراقي، مدعومة بغطاء جوي واسع، منذ أربعة أيام، عملية مشتركة تحت اسم "الإرادة الصلبة" مع وحدات قتالية خاصة إلى جانب قوات الشرطة والحشد الشعبي، في ثلاث محافظات شمالي وغربي البلاد، هي الأنبار وصلاح الدين ونينوى، تستهدف خلايا وبقايا تنظيم "داعش"، في أول حملة عسكرية من نوعها منذ نحو شهرين.
وأعلن العراق عام 2017 عن تحقيق النصر على "داعش"، باستعادة كامل أراضيه التي كان التنظيم قد اجتاحها في صيف عام 2014، وكانت تقدر بنحو ثلث مساحة البلاد، إلا أن التنظيم لا يزال يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق واسعة في العراق ويشن هجمات في فترات متباينة.