حط عدد من الدبلوماسيين السعوديين في لبنان، تمهيداً لعودة السفير السعودي وليد البخاري الى بيروت. خطوة قد تفتح كوة في جدار القطيعة الدبلوماسية بين لبنان ودول الخليج التي اشتعلت منذ خمسة اشهر.
توتر العلاقات اللبنانية الخليجية وعلى رأسها السعودية جاء لأسباب عدة منها تهريب المخدرات الى الرياض، إلى أن بلغ الخلاف ذروته أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على خلفية تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي الذي وصف قتال جماعة الحوثي المقربة من إيران في اليمن بالدفاع عن النفس في وجه اعتداء خارجي من السعودية والإمارات.
ويقول رئيس تحرير صحيفة اللواء صلاح سلام في حديث لـ"جسور" : إن عودة البخاري الى بيروت قد تعيد المياه الى مجاريها بين لبنان والسعودية شرط أن ينفذ لبنان تعهداته فيما يتعلق بمحاربة تهريب المخدرات ووقف الهجمات السياسية ضد السعودية، لاسيما وأن الحكومة اللبنانية تعهدت بمنع أي نشاط معاد للسعودية أو لأي دول خليجية.
مسعى فرنسي
فرنسا استطاعت إقناع الجانب السعودي بضرورة استئناف الاهتمام بلبنان بحسب سلام، مؤكدا ان الحديث عن عودة البخاري أبصر النور منذ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السعودية ولقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وماكرون يدرك جيداً صعوبة نهوض لبنان إقتصاديا من دون دعم دول الخليج.
وفي هذا الاطار، لفت وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بو حبيب الى أن الوساطة الفرنسية ساهمت في الانعطافة الخليجية الجديدة تجاه لبنان، وسأل: هل الفراغ الذي أحدثه الخليجيون بانكفائهم عن لبنان أدى الى إضعاف من يسمونه خصمهم أم زاده قوة ؟ فإذا كانوا غير موجودين فإن خصمهم سيقوى، وأعتقد ان هذا الأمر أثّر على موقفهم.
مساعدات مشتركة
وتشعّبت الاسئلة حول سبب العودة الخليجية الى لبنان وما إذا كانت مرتبطة بالانتخابات النيابية، وهنا أكد سلام أن عودة البخاري في هذا التوقيت لا تتعلق بالانتخابات، لان باب الترشح قد أقفل وموعد اعلان اللوائح في ساعاته الاخيرة، ليتأكد أن العودة مرتبطة بالمساعدات السعودية الفرنسية التي ستصل الى الشعب اللبناني عبر مؤسسات غير حكومية خلال شهر رمضان.
وعن الاتصال بين السفير السعودي وليد بخاري والرئيس فؤاد السنيورة الذي تم من خلاله تبادل التهاني بمناسبة شهر رمضان، فرأى سلام أنه يحمل رسالة سياسية قصد فيها البخاري السنيورة للملمة الساحة السنية عشية الانتخابات النيابية.
موقف حزب الله
وأوضح سلام أن حزب الله لا يعارض العودة الدبلوماسية السعودية وأن هناك تهدئة في علاقة الحزب مع الخليج، لذلك مسار العودة سيمضي بسلاسة لا سيما وأن المفاوضات اليمنية - اليمنية حققت النتائج المرجوة في الرياض وتم الاعلان عن هدنة لمدة شهرين قابلة للتجديد ما يؤدي الى تحسين العلاقات اللبنانية الخليجية.
ويعتقد سلام أن عودة البخاري قد تليها عودة سفراء البحرين والكويت الى لبنان، اضافة الى تراجع الامارات عن سحب دبلوماسييها من بيروت.
المبادرة الكويتية
واعتبر سلام أن المبادرة الكويتية لاعادة العلاقات بين لبنان والخليج بدأت تؤتي ثمارها وان الكويت لعبت دورا بارزا في تحسين مسار العلاقات منذ زيارة وزير الخارجية الكويتية أحمد الناصر لبنان.
وكانت المبادرة الكويتية تضمنت مجموعة مطالب خليجية، ابرزها الالتزام بمسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي في لبنان، وإعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة اللبنانية، واحترام سيادة الدول العربية والخليجية ووقف التدخل السياسي والإعلامي والعسكري فيها، واحترام قرارات الجامعة العربية والالتزام بالشرعية العربية.
وأبدى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي استعدادا لبنانيا للتجاوب مع المبادرة الكويتية في أكثر من مناسبة، وشدد على التزام الحكومة بإعادة العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي إلى طبيعتها.
كلام ميقاتي لاقى أصداء خليجية مرحبة، وفي منتصف الشهر الماضي، أعلنت السعودية التبرع بمبلغ 36 مليون دولار، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، لشعب لبنان.