مخاوف كثيرة تثيرها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتحديدا في ما يتعلق بالأمن الغذائي، وهو ما نبه إليه برنامج الغذاء العالمي الذي حذّر مرارا من تداعيات الحرب، ولا سيما في مناطق الجوع الساخنة ومنطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا كونها قد تكون الأكثر تأثّراً بارتفاع أسعار القمح، مع اعتمادها على الصادرات من روسيا وأوكرانيا.
ولمواجهة ارتفاع أسعار السلع الغذائية نتيجة التداعيات الاقتصادية للأزمة الأوكرانية، اتخذ العراق حزمة من القرارات تضمنت الموافقة على تخصيص منحة حكومية بقيمة 100 ألف دينار عراقي (68 دولاراً) باسم "منحة غلاء المعيشة"، ستُمنح للمتقاعدين ممن يتقاضون أقل من مليون دينار شهرياً، وموظفي القطاع الحكومي الذين يتقاضون راتباً أقل من 500 ألف دينار عراقي، وكذلك المشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية.
تصفير الرسوم الجمركية
والإجراءات التي أعلنتها الحكومة ضمن "قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي"، شملت أيضاً تصفير الرسوم الجمركية ولمدة ثلاثة أشهر على البضائع الأساسية من المواد الغذائية ومواد البناء والمواد الاستهلاكية الضرورية، وتهدف سياسة تصفير الرسوم الجمركية إلى المحافظة على استقرار الأسعار، ووصول البضائع الى المستهلك بأسعار ثابتة من دون أن تتعرّض لزيادات متتالية.
كما أعلنت الحكومة العراقية وضمن الإجراءات التي تستهدف حماية الأمن الغذائي، عن إطلاق حصتين للمواد الغذائية في البطاقة التموينية، والبدء بإجراءات توفير حصة شهر رمضان، وضبط الأسعار في الأسواق واتخاذ الإجراءت القانونية بحق المخالفين.
تراجع الأمن الغذائي
وفي هذا السياق، رأى الكاتب والمحلل السياسي، علي البيدر، أنّ الأمن الغذائي العراقي تراجع كثيرا خلال السنوات الأخيرة بسبب انخفاض الناتج المحلي على المستوى الزراعي وكان للأزمة الأوكرانية الأثر الأكبر على الارتفاع الجنوني في اسعار بعض السلع.
وفي حديث لـ"جسور"، شرح البيدر الوضع الإقتصادي العراقي الحالي، قائلا إن بغداد تعتمد على الإستيراد نبسبة عالية، مشيرا إلى أنّ الموضوع يتعلق برفع سعر الدولار وهذا بطبيعة الحال تسبّب بشكل مباشر بثقل على كاهل المواطن العراقي، ولا يمكن معالجته الا عبر زيادة الناتج المحلي وخفض سعر صرف الدولار أمام الدينار.
وكشف البيدر عن اجراءات معيّنة يجري التداول بها تتعلق بضرورة فتح المنافذ الحدودية وإلغاء التعرفة الجمركية للعديد من المنتجات الاساسية، وهذا سيخفّف من سعر المواد الغذائية خصوصا في هذا الشهر الفضيل، مؤكدا أنّ مسألة توفير الأمن الغذائي للعراق باتت مسألة ملحة وضرورية ولا بد من الإهتمام بها وحماية الشعب من نقص الغذاء في الوقت الراهن مع تأمن الغذاء للمستقبل أيضا.
دعم البطاقة التموينية
ورأى البيدر لـ"جسور" أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية يتمثل في زيادة المعروض من المواد الغذائية، فلا بد للدولة أن تفعّل نظام البطاقة التموينية، مشددا على ضرورة أن تكون الحصة التموينية منتظمة ومستمرة بالوصول إلى المواطن كل شهر، على العكس من الوضع الحالي، إذ يشهد مشروع البطاقة التموينية خروقات كثيرة، ويتم إيصالها للمواطن كل ثلاثة أشهر، يحصل المواطن من خلالها على مادة واحدة أو اثنتين.
وأكد البيدر أنّ تجهيز البطاقة التموينية بكامل مفرداتها ستسهم في رفع الغبن عن الطبقات المهمشة، ومن خلال توفير هذا العرض للسلع الغذائية المجهزة عن طريق البطاقة التموينية، ستحافظ السوق على الاستقرار في أسعار السلع يختم البيدر.
صعوبات كبيرة
وتواجه مساعي الحكومة العراقية لزيادة الإنتاج عراقيل عدة، أبرزها توفير المياه، لا سيما في ظل موسم الجفاف الذي تعانيه البلاد، وعلى الرغم من التحسن النسبي في كميات الأمطار في العراق، فإنها لم تصل إلى مستوى يبشر بموسم زراعي صيفي واسع، كما حصل في السنوات السابقة، وقد يضطر إلى تقليص المساحات الزراعية بمحصول الأرز، التي تعتمد عليه بعض المحافظات، لا سيما محافظة النجف، حيث إن زراعته تستهلك كميات كبيرة من المياه.
وتعمل الحكومة العراقية على مواجهة أسوأ الاحتمالات من خلال تأمين مخزن استراتيجي من القمح عبر خطة لشراء 5 ملايين طن ضمن خطة طوارئ لمواجهة أي تطور يؤدي إلى نقصه عالمياً خلال الفترة المقبلة.
وكان المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، قال في وقت سابق إنّ هناك خططاً لتنمية إنتاج القمح والفواكه والخضر، وأنّ لدى الوزارة البرنامج الوطني لإكثار بذور الرتب العليا والبرنامج الوطني لتنمية محصول الحنطة يعمل حالياً لزيادة غلة الدونم الزراعي ليكون 1200 كيلو غرام بدلاً من 400 كيلو غرام ومشاريع أخرى لإنتاج الخضراوات.