انحرفت الإنتخابات النيابية في لبنان المقررة في 15 مايو/أيار المقبل عن مسارها، بفعل الرياح العاتية التي أنتجها عزوف زعيم تيار المستقبل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن خوضها.
صدمة التيار الأزرق أعادت خلط الأوراق الإنتخابية تحالفاً واقتراعاً فيما بدأ الحديث في الكواليس عن "ميثاقية" الاستحقاق في غياب المكون السني الأكبر.
ويواجه السباق الانتخابي خطر التأجيل أو الترحيل وفيما باب التحليلات والاجتهادات مفتوح على مصرعيه، فجر المحامي والمحلل السياسي اللبناني، جوزف أبو فاضل قنبلة من العيار الثقيل، عبر تغريدة على "تويتر"، جاء فيها : "بدأ العمل بشكل جدي من قبل مرجعيات سياسية ورؤساء أحزاب وازنة على التمديد لمجلس النواب بحجة عدم الميثاقية وغياب مكون كبير.."بعد إعلان الرئيس الحريري وتيار المستقبل عدم المشاركة، وكذلك كيفية تأمين ثلثي أعضاء المجلس النيابي للتمديد لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون".
وكان أبو فاضل استصعب حصول الانتخابات بعد خروج الحريري وتيار المستقبل من الحياة السياسية داعياً الى الانتظار والترقب.
لقاءات جدية
وعن التغريدة التي أثارت جدلاً في الأوساط اللبنانية قال أبو فاضل لـ "جسور"، : لا أعبّر عن موقف خاص بل اعكس معطيات ومعلومات مبنية على لقاءات بين مسؤولين كبار وبحث جدي وحقيقي للتجديد لمجلس النواب.
وقال: "هذا واقع الحال بعد عزوف الرئيس الحريري وعلى الرغم من أن رأي الشخصي داعم للإنتخابات رافض للتمديد إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن؛ فالكتل الكبرى في المجلس النيابي تريد مصلحتها والانتخابات النيابية تشكل خطرا فهي غير ضامنة للعودة الى البرلمان بكتل وزانة كما هي الحال الان".
ومن الناحية القانونية أشار أبو فاضل، الى أن "التمديد لمجلس النواب يحتاج إلى نصف عدد أعضاء مجلس النواب زائدا واحدا (عدد نواب مجلس النواب اللبناني 128) وما يتم البحث فيه الان هو التمديد لرئيس الجمهورية وهو ما يحتاج لثلثي أعضاء مجلس النواب لتعديل المادة 49 من الدستور اللبناني ليصبح التمديد نافذاً".
وجدد التأكيد أن التغريدة لا تعبر عن موقفه، فشخصياً يدعم إجراء الانتخابات نظراً لأهمية هذا الاستحقاق الدستوري إضافةً لكونها المخرج الوحيد لإنقاذ لبنان من التخبط الداخلي الحاصل من جراء البطولات الوهمية لبعض المسؤولين في البلد".
مقاطعة سنية؟
في المقابل، اعتبر نائب رئيس تحرير صحيفة "النهار" اللبنانية، الصحافي والمحلل السياسي، نبيل بو منصف، أن سيناريو التمديد للمجلس النيابي وللرئيس عون خصوصاً غير وارد ابداً مشيراً إلا أن لبنان أمام معطيات شبيهة بتلك التي رافقت القرار 1559.
وفي حديثٍ لـ "جسور"، أكد بو منصف، "أن احداً غير قادر على تأجيل الانتخابات فالجو الاقليمي والدولي لا يسمح بذلك كما وان التمديد للرئيس عون غير وارد خصوصاً بعد الانهيار المريع والشامل الذي حصل في عهده".
وتابع قائلاً: زمن الوصاية السورية ولى إلى غير رجعة ونحن أمام معطيات شبيهة بقرار مجلس الأمن رقم 1559 الذي طالب جميع القوات الأجنبية المتبقية بالانسحاب من لبنان عام 2004 وحل جميع الميليشيات اللبنانية ونزع سلاحها".
وبحسب الصحافي اللبناني، السيناريو الأقرب للواقع هو انخفاض نسبة الإقتراع في الانتخابات المقبلة، وبعد عزوف الرئيس الحريري الذي يمثل أغلبية الطائفة السنية قد نشهد مقاطعة سنية للاستحقاق مشابهة لردة فعل المسيحيين ومقاطعتهم الانتخابات سنة 1992 لكن ذلك لا يعني ان الانتخابات ستؤجل بسبب عدم مشاركة تيار المستقبل والحريري فيها".
معادلات سطحية
لن تخلو العملية الإنتخابية في لبنان من المفاجآت وبعد إحجام القيادات السنية الرئيسية عن خوضها، يؤكد محللون أن خريطة البرلمان المقبلة ستكون "عرجاء"، إلا أن اشكاليات أخرى ترتبط بالاستحقاق المرتقب وأهمها ترسيم الحدود مع اسرائيل.
وعن طرح معادلة ترسيم الحدود مقابل تأجيل الإنتخابات يصف بو منصف الكلام بـ"السطحي والخفيف"، نظراً للمعطيات الداخلية والإقليمية الواضحة، لافتا الى أن "تفريخ النظريات" والتسريبات وكأن البعض يملك الحقائق أو معطيات معينة، سببه قلق دفين تعاني منه بعض القوى السياسية التي لا مصلحة لها من اجراء الانتخابات.
ويبقى "المحظور الأساسي، عمل أمني خطير الذي من شأنه حصراً الإطاحة بالانتخابات وهذا الأمر يحصل عادة في الدقائق الأخيرة وفيما لو حصل لن يؤدي الى عدم انتخاب رئيس جمهورية جديد والتمديد للرئيس عون بل الذهاب نحو الفراغ".