اللبناني اليوم بات مهدداً بقوته اليومي بعدما بات الرغيف في السوق السوداء . أزمة تلو أخرى تلاحق اللبنانيين وتنغّص عليهم يومياتهم من السياسة إلى الاقتصاد، إذ يرتفع سعر رغيف الخبز بشكل مستمر في ظل استفحال الأزمة السياسية والاقتصادية، ومعها يبدو ان لبنان مقبل مجددا على ازمة رغيف بحسب ما كشف نقيب أصحاب الأفران في جبل لبنان، أنطوان سيف، لـ "جسور"، في ظل التحذيرات المستمرة من قبل نقابة الافران والمطاحن مع ارتفاع اسعار المحروقات التي أصبحت خيالية .
في الايام الاخيرة ، كان قد وصل سعر ربطة الخبز إلى 9500 ليرة رسمياً، وفي بعض المحال تباع الربطة بـ10 آلاف، ولا قدرة لوزارة الاقتصاد على ضبط الوضع، لا سيّما وأن وزارة الطاقة التي يفترض بها معالجة ملف تأمين المازوت، غير قادرة هي الأخرى على إيجاد حل والجميع متّفق على أن لبّ الأزمة هو شحّ الدولار.
رغيف الخبز بخطر!
وأمام هذا الواقع المأزوم، تأخذ الامور مسارا تصعيدياً وقد أعلن نقيب أصحاب الافران في لبنان الشمالي، طارق المير، عن التوجه الى التصعيد في حال بقاء الأمور على حالها من التعقيد.
وقال: "الحاجة ملحة لتعاطي الجميع باهتمام أكبر برغيف الناس المادة الوحيدة التي يعتبر التقصير بحقها تجاهلا لمصير الناس وقوتهم".
ولفت الى أن "هناك نقصا حادا في مادة الطحين فئة (85) نتيجة التقنين الكهربائي القاسي الذي تعاني منه المطاحن إضافة الى عدم استعمال مادة المازوت بسبب ارتفاع سعره وعدم اعطاء وزير الاقتصاد حقوق المطاحن مما يتسبب بشح في انتاج الرغيف في عدد كبير من الافران في الشمال، والتي لا تحصل على ربع القيمة التي كانت تحصل عليها سابقا الأمر الذي يشجع ويسهل عمل السوق السوداء".
وطالب المير وزير الاقتصاد بـ"إيجاد حل لهذه المشكلة، لجهة تسهيل أمور المطاحن وتسليم الافران الكميات الصادرة عن وزارة الاقتصاد"، محذرا من "عودة أزمة الرغيف وتحويل لقمة العيش الى السوق السوداء وفي ذلك غلاء إضافي جديد لا يقدر الناس على احتماله".
أزمة خبز مطلع الأسبوع؟
للطوابير أمجادها في لبنان الذي تحّول إلى ما يُشبه مقبرة لأبنائه الذين يقاتلون في سبيل قوتهم المغمّس بالذل، وعن التطورات الأخيرة لأزمة الرغيف، تحدث نقيب أصحاب الأفران في جبل لبنان، أنطوان سيف، لـ "جسور" كاشفا عن وجود مشكلة بين المطاحن ووزارة الإقتصاد حول موضوع تكلفة الطحن، فالمطاحن لا تناسبها التكلفة التي حددتها وزراة الإقتصاد، لهذا السبب تراجع أنتاج المطاحن إلى النصف ، وبالتالي يسلمون الأفران نصف كمية الطحين.
وحذّر سيف من أزمة رغيف مطلع الأسبوع المقبل، نظرا لعدم توفر كميات كافية من الطحين لدى الأفران لتلبية حاجة السوق، مؤكد أنه على الجهات المعنية العمل فورا على إيجاد حل للأزمة، فالمواطن لم يعد باستطاعته تحمل تبعات الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تضرب بعرض الحائط ما تبقى من أمل للنهوض بالبلد.
ويعاني لبنان من أزمة نقص الوقود وسط انهيار مالي تسبب في نقص السيولة اللازمة لاستيراد الوقود، والأزمة الاقتصادية الحالية في لبنان هي أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990.
أسوأ انهيار اقتصادي
من جهته، قال الخبير الإقتصادي، لويس حبيقة، في حديث لـ "جسور" إنّه لم يعد بإمكان اللبنانيين إحصاء الأزمات التي تضربهم، فما كان يصل فرادى، بات اليوم لائحة تضرب البلاد بالجملة، على وقع أسوأ انهيار اقتصادي في تاريخها، ووسط انعدام للحلول بفعل عمق الأزمة السياسية بين أركان السلطة اللبنانية، داعيا نقابة الأفران ووزارة الإقتصاد إلى التعاون والتنازل لمصلحة المواطن.
واضاف حبيقة أنه عقب أزمة البنزين وطوابيرها التي شلّت المواصلات وقطعت الطرقات وأوصلت البلاد إلى فوضى أمنية واجتماعية متنقلة بين محطات الوقود، يبدو أن أزمة الخبز مادة ستكون أكثر تأثيرا على حياة المواطنين.
ويصنف البنك الدولي أزمة لبنان على أنها أسوأ من أزمة اليونان، التي اندلعت في عام 2008، وتسببت في تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص ودخول سنوات من الاضطرابات الاجتماعية، وأكثر حدة من أزمة عام 2001 في الأرجنتين، والتي أسفرت أيضا عن اضطرابات واسعة النطاق.
ويقول البنك الدولي إن لبنان قد يأتي بعد تشيلي، التي احتاجت إلى 16 عاما للتعافي من انهيارها عام 1926، وإسبانيا خلال حربها الأهلية في الثلاثينيات والتي استغرق تعافيها 26 عاما، وقدر البنك أن لبنان قد يستغرق ما بين 12 و19 عاما للتعافي.
وفي حين أن العديد من الأزمات الاقتصادية تنبع من الحروب والكوارث الطبيعية، أو الوباء في الآونة الأخيرة، فإن انهيار لبنان "يكشف عن قدرة الحكومة التي لا حدود لها على إلحاق الضرر بنفسها".