في الأزمة السابقة، علت الأصوات حول فقدان الأدوية من الصيدليات، أما اليوم، وفي وقت يتوافر بعضها إلا أن المواطن لم يعد قادراً على شرائها نظراً لأسعارها المضاعفة والباهظة، نسبة إلى الحدّ الأدنى للأجور وانهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار. اللبنانيون يصفون الوضع بأنه "إبادة جماعية"، ومعظمهم قلق من "القتل العمد" الذي سيُصيب مرضى القلب والكلى والأمراض المزمنة والمستعصية وسواهم، لعدم قدرة كثيرين منهم على مواصلة أدويتهم.
شهادات "قاتلة"
"أبي والدمعة بعينيه: خلص يا بنتي ما تتعذبي لتأمنيلي الدواء لإلي ولأمك.. قد ما نعيش نعيش". بغصّة وحرقة قلب غرّدت المذيعة اللبنانية سيدة عرب، مختصرة مدى القهر والمرارة في عيون الأهل في لبنان، بعد رفع الدعم عن الدواء. وأضافت :"أحقر طبقة سياسية ومنظومة طاغية فاسدة". وسألت: "لماذا نحن بدنا نموت كل لحظة وانتو بدكن تعيشوا؟ ما هذا الظلم؟".
بيي والدمعة بعيونو:" خلص يا بنتي ما تتعذبي لتأمنيلي الدوا الي ولأمك... قد ما نعيش نعيش "...
— saydeh arab (@ArabSaydeh) November 17, 2021
ولك أحقر طبقة سياسية ومنظومة طاغية فاسدة...انشالله بآخرتكن ما تلاقوا حدا يعطيكن كبّاية مي.
ليه نحن بدنا نموت كل لحظة وانتو بدكن تعيشوا شو هالظلم😥#رفع_الدعم_عن_الدواء #لبنان_ليس_بخير
بدوره، كتب الدكتور فيصل القاق: " وكأن اللبناني لم تكفه الويلات ليختار الآن بين الخبز والدواء. هل تعلم هذه المنظومة الشعور بالموت البطيء والذليل؟".
وكأن #اللبناني لم تكفه الويلات ليختار الآن بين #الخبز و #الدواء هل تعلم هذه المنظومة الشعور بالموت البطيء والذليل #لبنان_ليس_بخير pic.twitter.com/1a9x6L4Tb4
— Dr Faysal ElKak فيصل القاق (@Drelkak) November 18, 2021
فيما لفت طبيب آخر، إلى أنه يتابع مريضاً مسنّاً وعمره 85 سنة "يأخذ 17 دواء: ثلاثة أدوية سكري، 3 أدوية ضغط، 2 أدوية لتنظيم طرقات القلب، دواء للسيلان، دواء ضد التجلطات، 2 أدوية بروستات، دواء فاريز، دواء كوليسترول، دواء تري-غليسيريد، دواء ملوحات ودواء غدة. وفاتورته الشهرية 1،700،000 ل. ل (مليون و700 ألأف ليرة).
بتابع مريض عمرو 85 سنة بياخذ 17 دواء
— Dr MAJ (@MAJalaplageMD) November 17, 2021
3 أدوية سكري
3 أدوية ضغط
2 أدوية لتنظيم طرقات القلب
1 دواء سيلان
1 دواء ضد التجلطات
2 أدوية بروستات
1 دواء فاريز
1 دواء كوليسترول
1 دواء تري-غليسيريد
1 دواء ملوحات
1 دواء غدة
الفاتورة الشهرية 1،700،000 ل. ل.
هذا وقال المحامي أنطونيو فرحات، عبر "تويتر"، "إن أصابنا داء فلا قدرة لنا على شراء الدواء. رفع الدعم عن الدواء دون خطة بديلة أو تأمين الجينيريك يعني مجزرة صحية جماعية بحق المواطنين المتروكين لقدرهم نتيجة السياسات الحكومية المتعاقبة"، واعتبر في تغريدة له، "أن التغيير آتٍ في صناديق الاقتراع لنستعيد كرامتنا وعزتنا (في إشارة إلى الانتخابات النيابية المقبلة)".
إن أصابنا داء فلا قدرة لنا على شراء الدواء.
— Antoniofarhat (@farhatantonio) November 18, 2021
رفع الدعم عن #الدواء دون خطة بديلة أو تأمين الجينيريك يعني مجزرة صحية جماعية بحق المواطنين المتروكين لقدرهم نتيجة #السياسات_الحكومية المتعاقبة. #التغيير_آتٍ_في_صناديق_الاقتراع لنستعيد كرامتنا وعزتنا #جبيل #لبنان #ثورة #بيروت
واعتبرت فاطمة الشوهاني، في تغريدة لها، أن "في لبنان الوجع مضاعف والدواء يُحفظ بعيداً عن متناول الفقراء".
بدوره، أوضح فيصل نصولي أن "جائحة كورونا تضرب أوروبا والعالم من جديد. سيدخل لبنان حتماً في موجتها الجديدة، لكن هذه المرّة ستكون الأوضاع أسوأ، بسبب الانهيار المالي والاقتصادي من جهة، وبسبب هجرة الأطباء من ناحية ثانية، بالإضافة إلى غلاء وانقطاع الدواء بسبب إقفال شركات أدوية عالمية في لبنان".
جائحة كورونا تضرب أوروبا والعالم من جديد. سيدخل لبنان حتماً في موجتها الجديدة، لكن هذه المرّة ستكون الأوضاع أسوأ، بسبب الانهيار المالي والاقتصادي من جهة، وبسبب هجرة الأطباء من ناحية ثانية، بالإضافة إلى غلاء وانقطاع الدواء بسبب إقفال شركات أدوية عالمية في لبنان.
— FAISAL NSOULI 🇱🇧🇺🇸 (@fmnsouli) November 18, 2021
وقال الكتاب عمر جابر، في تغريدة، "الله لا يسامحكن... يا لطيف عدعوة المظلوم قديش عند الله قوية".
ولفتت ميا عطوي، معالجة نفسيّة عياديّة وعضو مؤسِّس في جمعية Embrace، إلى أن "شخص واحد من بين كل 4 أشخاص يعاني في لبنان من مشاكل نفسية، وستؤدي القرارات غير المسؤولة التي تتخذها حكومة غير كفوءة إلى كوارث أكبر في الرعاية الصحية وستشتد في الأسابيع القليلة المقبلة، الصحة النفسية ستتدهور أكثر لأن الأدوية الشائعة مكلفة".
1 out 4 persons in #Lebanon live with a mental illness.Irresponsible decisions taken by an incompetent government will lead to bigger catastrophes in #healthcare that will shoot up in the next few weeks#mentalhealth will deteriorate further as common medications are unaffordable
— Mia Atoui (@MiaAtoui) November 17, 2021
الاستشفاء
وكان نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون، قد أوضح أن "فاتورة المريض في المستشفى تخضع للمستلزمات المستخدمة وأسعارها، ويمكن أن تصل إلى عشرات ملايين الليرات"، مؤكداً في الوقت عينه أن "القسم الأكبر من اللبنانيين لا يستطيع تحمل هذه الكلفة"، مشيراً إلى أن "نسبة الدخول إلى المستشفيات انخفضت بشكل ملحوظ عن السابق بسبب عجز الناس عن دفع قيمة الفاتورة الطبية. وهناك حالات تصل إلى قسم الطوارئ على آخر نفس، ووضعها الصحي متفاقم، وكان من المفترض أن تقصد المستشفى قبل أسبوع أو أسبوعين لكن بسبب ارتفاع الفاتورة الطبية يحاولون مداواة أمراضهم في البيت".
أمراض جديدة
بلمحة سريعة تفقّدنا أسعار بعض الأدوية الاكثر استعمالاً، فمثلاً دواء السكري أصبح سعره 474.272 أما دواء الضغط (الحبة الواحدة) فأصبح 132.938 ودواء الأعصاب كان بـ94 الفاً وأصبح بـ430 ألفاً (مئة حبة)، وابرة بدل الدم 280 الف ليرة. إلا أن وزير الصحة اللبناني، فراس أبيض، أعلن ان "الدعم للمواد الأولية سيستمرّ ومصانع الدواء في لبنان تؤمن نحو 500 دواء للأمراض المزمنة وملتزمون بدعمها".
وبظل غياب وزارة الصحة العامة إلا لقرارات رفع الدعم بطريقة مباشرة عن الادوية، ومع تجاهل وضع خطة بديلة لتأمين الأدوية اللازمة للمواطنين المصابين بالأمراض المزمنة، والمماطلة في اقرار البطاقة التمويلية، وفقدان اللقاحات للأطفال، بذلك يواجه لبنان أزمة جديدة وموجة من تفشي الأمراض، كما يواجه لبنان موجة تفشّي فيروس الانفلوانزا، وهو ما تمّ تأكيده في محافظة بعلبك الهرمل، بقاعاً.
تكاليف شراء الدواء، الاستشفاء، التنقل، الكهرباء، والغذاء ارتفعت أضعافاً لا يُمكن لـ84% من سكان لبنان ممّن يعانون من الفقر المدقع (بحسب الاسكوا) تحمّلها، في حين أن الرواتب لا تزال على حالها. مشهد يسأل البعض أمامه: لماذا يصمت المواطنون، ولأي حدٍّ سيتمادى المسؤولون؟.