مع بداية شهر رمضان، يزداد الطلب على الطعام والشراب، ربطاً بالعادات والتقاليد الرمضانية ووجبات الإفطار والسحور واجتماع العائلة أو الأصدقاء، لكن في لبنان تبدو الأزمة أكثر حدة من غيرها من دول العالم بسبب الانهيار المالي والاقتصادي الذي يشهده البلد منذ نحو ثلاثة أعوام.
الانهيار في لبنان بلغ ذروته في العام الحالي، بسبب التقلبات الكبرى في سعر صرف الدولار، البالغ أخيرا 24 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد في السوق السوداء، مما انعكس على أسعار المواد الغذائية، ليكون شهر رمضان لهذا العام من الأصعب في البلد مقارنة بالسنوات السابقة.
دعوات كثيرة أطلقها ناشطون عبر مواقع التواصل في لبنان، كي لا ينام الصائمون وهم جائعون، فنحن لا نتحدث هنا عن أسعار البقلاوة (400 ألف ليرة للكيلو الواحد)، أو الكنافة (50 ألف ليرة للكعكة الواحدة)، أو حلاوة الجبن (300 ألف ليرة)، أو التمر (250 ألف ليرة للكيلو)، ولا عن أسعار القطائف والكلاج الرمضاني والمعجنات، بل عن أسعار الخضار واللحوم والخبز، التي تعدّ أساسية على المائدة اللبنانية.
رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك، أشار في حديث لـ"جسور"، إلى أن "أسعار الخضار المنتجة في بيوت بلاستيكية زراعية سجّلت ارتفاعاً ملحوظاً، مثل البندورة (28 ألف ليرة للكيلو)، الخيار (22 ألف ليرة)، الكوسا (17 ألف ليرة)، الباذنجان (25 ألف ليرة)، كذلك الحشائش ارتفع سعرها بشكل هائل، فبلغ سعر كل من باقة البقلة والفجل والروكا 10 آلاف ليرة، وهذه جميعها أسعار جملة".
وتابع: "لكن من جهة أخرى، لا زال سعر كيلو الموز مستقرّاً عند عتبة الـ10 آلاف ليرة، والحمضيات على أنواعها أسعارها متدنية جدّاً، بسبب القرار السعودي بمنع استيراد المنتجات الزراعية من لبنان مما انعكس انخفاضاً على أسعارها في الداخل. أما بالنسبة لباقي الخضار والفاكهة فنتوقع أن تتحسن أسعارها بشكل عام مع تحسن الإنتاج والطقس".
وأشار الحويك، في حديثه لـ"جسور"، إلى أن "ارتفاع أسعار المنتوجات الزراعية اليوم أسبابه عديدة، ومنها تراجع كمية المحاصيل الزراعية عن السنوات السابقة بسبب الأزمة المالية وارتفاع سعر صرف الدولار، مما أجبر المزارعين على تخفيض المساحات المزروعة، إضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات، والطقس البارد الذي ألحق الأضرار بالمزروعات وأدّى إلى تراجع نسبة الإنتاج"، إضافة "إلى بداية شهر رمضان الذي يزيد فيه الإقبال والتهافت على شراء الخضار والفاكهة، وعندما يزيد الطلب بشكل عام ترتفع الأسعار"، وهو ما يضعه الحويك في إطار "الأمر الطبيعي وغير الجديد".
أرقام قياسية
من جهة ثانية، ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء المستوردة أكثر من خمسة أضعاف، حتى إن الكيلوغرام الواحد من لحم البقر بات يعادل نحو نصف قيمة الحد الأدنى للأجور المحدد بـ675 ألف ليرة أي 33 دولاراً.
وتخطت بعض الأنواع المستوردة والأفضل جودة قيمة الحد الأدنى للأجور بالكامل، في بلد فقدت فيه العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار خلال عامين فقط.
وبحسب مرصد الجامعة الأميركية للأزمة، ارتفعت أسعار اللحوم حتى نهاية العام 2021 بنسبة تراوحت بين 440 و530%، كما سجل الدجاج ارتفاعاً تراوح بين 328 و425%.
وأوضح نقيب أصحاب السوبرماركت في لبنان نبيل فهد، في حديث صحافي، أن الزبائن "أبدلوا اللحوم الحمراء بالدجاج في المرتبة الأولى وبالدرجة الثانية بالحبوب"، خصوصاً بعد رفع الحكومة الدعم عنها مع سلع أخرى قبل نحو عام.
وكان قد حذّر نقيب أصحاب الأفران في لبنان، علي ابراهيم من أنّ "المنقوشة وطعام الفقير بات مهدّداً اليوم بسبب أزمة القمح"، وأضاف "الناس عم تاكل خبز تتشبع".
ولفت إلى أنّه "عندما تأتي كميّة جديدة من القمح، من الطبيعي أن يرتفع سعر ربطة الخبز، وقد يصل إلى 20 أو 25 ألفاً في حال رفع الدعم".
المحروقات أيضاً
إضافة إلى الرواتب المتدنية والأسعار المرتفعة للسلع، بلغت أسعار المحروقات أرقاماً قياسية، حيثُ بلغ سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان سعر 462 ألف ليرة، و98 أوكتان بـ473 ألف ليرة، وصفيحة المازوت بـ521 ألف ليرة، وقارورة الغاز بـ328 ألف ليرة، وهذا الأمر سيؤثر بشكل مباشر على الزيارات العائلية التي أصبحت نادرة منذ فترة ما قبل العيد وقد تبقى كذلك خلاله وبعده أيضاً، لأن الحلول للأزمات الإقتصادية والمالية والسياسية في لبنان يبدو أنها بعيدة.
الوضع زاد تعقيداً، مع استمرار أزمة الكهرباء الحادة في لبنان إلى جانب أزمة الوقود، مما أدّى إلى تخطي ساعات التقنين من مؤسسة كهرباء لبنان الـ22 ساعة في اليوم، وجراء رفع الدعم عن استيراد المازوت بات أصحاب المولدات الخاصة يطلبون مبالغ هائلة لتأمين التيار الكهربائي بدلاً من الدولة، فباتت كلفة حفظ الطعام أغلى من الطعام نفسه.
واقع مرير
ذكر مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت، أن كلفة الإفطار في رمضان الماضي عام 2020، قُدرت بمليون و800 ألف ليرة، حينها، كان سعر صرف الدولار نحو 12500 ألف ليرة، وكانت الحكومة توفر عبر مصرف لبنان المركزي دعم استيراد السلع الأساسية، ما يعني أن كلفة الإفطار لعام 2022، ارتفعت لأكثر من 100% مقارنة برمضان الماضي.
وأظهرت نتائج دراسة أجراها المرصد، عمق الأزمة في البلاد، وجزمت الدراسة أن أكثرية العائلات في لبنان ستعاني في تأمين السلع والمكونات الأساسية لموائدها خلال شهر رمضان هذا العام.
وفي مقارنة مع السنوات الماضية، يظهر الارتفاع في كلفة وجبة الإفطار الأساسية خلال شهر رمضان من حوالي 445 ألف ليرة عام 2018، و467 ألف عام 2019، و600 ألف ليرة عام 2020، ليقفز بشكل تصاعدي الى مليون و435 ألف عام2021، وإلى 5 ملايين و804 آلاف ليرة عام 2022.
وخلصت الدراسة الى أن الأسر في هذا الشهر ستتكبد 8,6 % الحد الأدنى للأجور لتأمين إفطارها.
ويوازي في لبنان المعدل التقريبي للأجور أقل من 100 دولار، فيما يبلغ الحدّ الأدنى للأجور 28 دولارا بحسب سعر صرف السوق السوداء.
وتتفاقم تحديات عشرات آلاف الأسر منذ العام 2019، في خضم أزمة فرضت واقعا مريرا دفع أكثر من 80% من السكان نحو الطبقات الفقيرة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
الانهيار في لبنان بلغ ذروته في العام الحالي، بسبب التقلبات الكبرى في سعر صرف الدولار، البالغ أخيرا 24 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد في السوق السوداء، مما انعكس على أسعار المواد الغذائية، ليكون شهر رمضان لهذا العام من الأصعب في البلد مقارنة بالسنوات السابقة.
دعوات كثيرة أطلقها ناشطون عبر مواقع التواصل في لبنان، كي لا ينام الصائمون وهم جائعون، فنحن لا نتحدث هنا عن أسعار البقلاوة (400 ألف ليرة للكيلو الواحد)، أو الكنافة (50 ألف ليرة للكعكة الواحدة)، أو حلاوة الجبن (300 ألف ليرة)، أو التمر (250 ألف ليرة للكيلو)، ولا عن أسعار القطائف والكلاج الرمضاني والمعجنات، بل عن أسعار الخضار واللحوم والخبز، التي تعدّ أساسية على المائدة اللبنانية.
رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك، أشار في حديث لـ"جسور"، إلى أن "أسعار الخضار المنتجة في بيوت بلاستيكية زراعية سجّلت ارتفاعاً ملحوظاً، مثل البندورة (28 ألف ليرة للكيلو)، الخيار (22 ألف ليرة)، الكوسا (17 ألف ليرة)، الباذنجان (25 ألف ليرة)، كذلك الحشائش ارتفع سعرها بشكل هائل، فبلغ سعر كل من باقة البقلة والفجل والروكا 10 آلاف ليرة، وهذه جميعها أسعار جملة".
وتابع: "لكن من جهة أخرى، لا زال سعر كيلو الموز مستقرّاً عند عتبة الـ10 آلاف ليرة، والحمضيات على أنواعها أسعارها متدنية جدّاً، بسبب القرار السعودي بمنع استيراد المنتجات الزراعية من لبنان مما انعكس انخفاضاً على أسعارها في الداخل. أما بالنسبة لباقي الخضار والفاكهة فنتوقع أن تتحسن أسعارها بشكل عام مع تحسن الإنتاج والطقس".
وأشار الحويك، في حديثه لـ"جسور"، إلى أن "ارتفاع أسعار المنتوجات الزراعية اليوم أسبابه عديدة، ومنها تراجع كمية المحاصيل الزراعية عن السنوات السابقة بسبب الأزمة المالية وارتفاع سعر صرف الدولار، مما أجبر المزارعين على تخفيض المساحات المزروعة، إضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات، والطقس البارد الذي ألحق الأضرار بالمزروعات وأدّى إلى تراجع نسبة الإنتاج"، إضافة "إلى بداية شهر رمضان الذي يزيد فيه الإقبال والتهافت على شراء الخضار والفاكهة، وعندما يزيد الطلب بشكل عام ترتفع الأسعار"، وهو ما يضعه الحويك في إطار "الأمر الطبيعي وغير الجديد".
أرقام قياسية
من جهة ثانية، ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء المستوردة أكثر من خمسة أضعاف، حتى إن الكيلوغرام الواحد من لحم البقر بات يعادل نحو نصف قيمة الحد الأدنى للأجور المحدد بـ675 ألف ليرة أي 33 دولاراً.
وتخطت بعض الأنواع المستوردة والأفضل جودة قيمة الحد الأدنى للأجور بالكامل، في بلد فقدت فيه العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار خلال عامين فقط.
وبحسب مرصد الجامعة الأميركية للأزمة، ارتفعت أسعار اللحوم حتى نهاية العام 2021 بنسبة تراوحت بين 440 و530%، كما سجل الدجاج ارتفاعاً تراوح بين 328 و425%.
وأوضح نقيب أصحاب السوبرماركت في لبنان نبيل فهد، في حديث صحافي، أن الزبائن "أبدلوا اللحوم الحمراء بالدجاج في المرتبة الأولى وبالدرجة الثانية بالحبوب"، خصوصاً بعد رفع الحكومة الدعم عنها مع سلع أخرى قبل نحو عام.
وكان قد حذّر نقيب أصحاب الأفران في لبنان، علي ابراهيم من أنّ "المنقوشة وطعام الفقير بات مهدّداً اليوم بسبب أزمة القمح"، وأضاف "الناس عم تاكل خبز تتشبع".
ولفت إلى أنّه "عندما تأتي كميّة جديدة من القمح، من الطبيعي أن يرتفع سعر ربطة الخبز، وقد يصل إلى 20 أو 25 ألفاً في حال رفع الدعم".
المحروقات أيضاً
إضافة إلى الرواتب المتدنية والأسعار المرتفعة للسلع، بلغت أسعار المحروقات أرقاماً قياسية، حيثُ بلغ سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان سعر 462 ألف ليرة، و98 أوكتان بـ473 ألف ليرة، وصفيحة المازوت بـ521 ألف ليرة، وقارورة الغاز بـ328 ألف ليرة، وهذا الأمر سيؤثر بشكل مباشر على الزيارات العائلية التي أصبحت نادرة منذ فترة ما قبل العيد وقد تبقى كذلك خلاله وبعده أيضاً، لأن الحلول للأزمات الإقتصادية والمالية والسياسية في لبنان يبدو أنها بعيدة.
الوضع زاد تعقيداً، مع استمرار أزمة الكهرباء الحادة في لبنان إلى جانب أزمة الوقود، مما أدّى إلى تخطي ساعات التقنين من مؤسسة كهرباء لبنان الـ22 ساعة في اليوم، وجراء رفع الدعم عن استيراد المازوت بات أصحاب المولدات الخاصة يطلبون مبالغ هائلة لتأمين التيار الكهربائي بدلاً من الدولة، فباتت كلفة حفظ الطعام أغلى من الطعام نفسه.
واقع مرير
ذكر مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت، أن كلفة الإفطار في رمضان الماضي عام 2020، قُدرت بمليون و800 ألف ليرة، حينها، كان سعر صرف الدولار نحو 12500 ألف ليرة، وكانت الحكومة توفر عبر مصرف لبنان المركزي دعم استيراد السلع الأساسية، ما يعني أن كلفة الإفطار لعام 2022، ارتفعت لأكثر من 100% مقارنة برمضان الماضي.
وأظهرت نتائج دراسة أجراها المرصد، عمق الأزمة في البلاد، وجزمت الدراسة أن أكثرية العائلات في لبنان ستعاني في تأمين السلع والمكونات الأساسية لموائدها خلال شهر رمضان هذا العام.
وفي مقارنة مع السنوات الماضية، يظهر الارتفاع في كلفة وجبة الإفطار الأساسية خلال شهر رمضان من حوالي 445 ألف ليرة عام 2018، و467 ألف عام 2019، و600 ألف ليرة عام 2020، ليقفز بشكل تصاعدي الى مليون و435 ألف عام2021، وإلى 5 ملايين و804 آلاف ليرة عام 2022.
وخلصت الدراسة الى أن الأسر في هذا الشهر ستتكبد 8,6 % الحد الأدنى للأجور لتأمين إفطارها.
ويوازي في لبنان المعدل التقريبي للأجور أقل من 100 دولار، فيما يبلغ الحدّ الأدنى للأجور 28 دولارا بحسب سعر صرف السوق السوداء.
وتتفاقم تحديات عشرات آلاف الأسر منذ العام 2019، في خضم أزمة فرضت واقعا مريرا دفع أكثر من 80% من السكان نحو الطبقات الفقيرة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.