على الرّغم من التطوّر الهائل الذي بلغناه في هذا العالم، إلا أن تعدّد القضايا النسائيّة الشائكة لا تزال تعيق ذلك التطوّر، بل تشغل الرأي العام حدّ الازدحام. العنف الجنسي هو واحد من تلك القضايا التي تعانيها المرأة في مختلف المجتمعات العربيّة، حتى تحوّلت إلى مشكلة جديّة مثيرة للقلق.
فزواج القاصرات في العالم العربي ظاهرة اجتماعية قديمة يمكن وصفها بالكارثة، تختصر معاناة مئات الفتيات اللواتي يقعن ضحايا المجتمع الذي تهيمن عليه الأعراف والتقاليد بل تطغى على القوانين، فتصبح الدولة عاجزة عن حماية الفتيات.
ورغم أن الكثير من القوانين تمنع الزواج في سنّ مبكرة، إلا أنها تبقى غير فعّالة تمامًا ولا يمكنها منفردة أن تضع حدًا للعدد المرتفع لزيجات الأطفال، حيث ان الكثير من الفتيات يُجبرن على الزواج ويواجهن الكثير من المخاطر.
وتُختزَل الأفكار بين تيّار رافض لتجريم زواج القاصرات من باب معيار السلامة الجسدية والعقلية، في مواجهة تيار آخر يطالب بتطبيق أقسى العقوبات بحقّ من يجبر فتاة على الزواج في سنٍّ مبكرة.
وفي حديثٍ لـ "جسور" علّقت الباحثة الاجتماعيّة سمر الفيلي على هذه المسألة قائلةً "من أكبر الجرائم التي تُرتكب بحق الطفولة تزويج الفتيات بهذا السن وحرمانهم من ممارسة طفولتهم. فأغلب زواج القاصرات ينتهي بالفشل وذلك لعدم إدراكهم للحياة الزوجيّة ومسؤوليّات المترتّبة عليهم، ناهيك عن انعدام القدرة على تحمّل المسؤولية العائلية."
تقول الباحثة إن المسؤولية تتشاركها الجهات الدينيّة التي تشجع على هذا الزواج، جنبًا إلى جنب الأهل الذين لا يملكون الوعي الكافي فيرتكبون هذه الجريمة بحق أطفالهم بهدف التخلّص من مسؤولية البنت، وفي بعض الأحيان يقف الفقر والجهل خلف زواج القاصرات.
وعن العمر المناسب لزواج الفتاة قالت الفيلي إن "الوقت الأنسب هو بعد انتهاء الفتاة من المرحلة الجامعية وذلك لثلاثة أسباب، أولها تسليح الفتاة بشهادة تستطيع من خلالها الاعتماد على نفسها، ثانيها، تحريرها اقتصاديًا لتكون عونًا لزوجها، وليعيشون برفاهية سيّما في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة، وثالثها حتى اكتمال الوعي الكافي لاختيار الزوج المناسب، فضلاً عن استطاعتها تحمّل مسؤولية الزوج والأطفال وبناء أسرة متكاملة متكافأة ."