تخصّ المؤسسات الصحية والاجتماعية العالمية شهر أكتوبر/تشرين الأول للتوعية تجاه سرطان الثدي، الذي تُصاب به قُرابة امرأة واحدة من بين كل 12 امرأة، وذلك وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
ويعدّ سرطان الثدي أكثر أنواع السرطانات شيوعًا مع أكثر من 2.2 مليون حالة عام 2020، وهو السبب الأول للوفيات الناجمة عن السرطان في أوساط النساء، وقد توفّيت بسببه 685 ألف امرأة تقريبا عام 2020.
ويقع لبنان في منطقة الشرق الأوسط التي تسجّل أرقامًا مرتفعة جدًا في الإصابة بمرض السرطان وخصوصًا سرطان الثدي لدى النساء. العلاجات وإن ارتفعت كلفتها، إلّا أنّها كانت متوافرة بكثرة في لبنان قبل انطلاقة "ثورة تشرين" عام 2019 وأزمة الدواء وانقطاعه جرّاء ارتفاع سعر صرف الدولار من جهة ورفع دعم من جهة أخرى، فبدأت صرخات المرضى ترتفع، تارةً لفقدان العلاجات وطورًا من الوجع المتزايد!
معاناة المرضى
"ليلى" (45عامًا) أمًّا لثلاثة أولاد، خضعت للصور الشعاعية والصوتية بعد شعورها بتغيّر فجائي في أعلى يدها اليمنى وتصبّغات في الثدي، ليتبيّن أنّها مصابة بسرطان الثدي.
وتقول في حديث لـ "جسور": كم هي صعبة هذه اللحظة.. لحظة معرفة المريضة بأنّ طريق العذاب والوجع مع سرطان الثدي انطلق... بدأت أودّع أطفالي مع كلّ نظرة أرمقهم بها... فكانت البداية صعبة جدًا، وبعدما بدأت بالعلاجات الكيمائية قبل خضوعي للعملية، أصبحت في حالة تأقلم مع واقعي، إلا أنه لم يخطر ببالي أن أصل وجميع المصابين الى مرحلة فقدان العلاج أو عدم تمكننا من شرائه نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار، ففي لبنان الدواء غير موجود ومن المستحيل تكبّد تكاليف تأمينه من الخارج، فأنا اليوم أعيش مع المرض والوجع بانتظار الفرج القريب."
ووفقًا لجمعية السرطان الأميركية، فإنه عند اكتشاف سرطان الثدي مبكرًا، وفي المرحلة الموضعية، يكون معدل البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات هو 99%.
ويمكن أن يصيب سرطان الثدي الرجال أيضا، لكن ذلك نادر، ففي الولايات المتحدة مثلا، يصيب أقل من 1% من حالات سرطان الثدي الرجال، وذلك وفقا لموقع بريست كانسر دوت أورغ (breastcancer.org)، ويبلغ متوسط خطر إصابة الرجل بسرطان الثدي في حياته حوالي واحد من كل ألف.
12 ألف حالة سنويًا
من جانبه، قال رئيس جمعية بربارة نصّار، هاني نصّار في اتصال مع "جسور"، يعدّ شهر أكتوبر/تشرين الأول شهر التوعية للوقاية من سرطان، والهدف الأساسي توعية المجتمع اللبناني للكشف المبكر عنه لتخفيف نسبة الإصابات. ودائمًا، تقوم بهذه الحملة وزارة الصحة بالتنسيق مع الجمعيات من خلال دعوة السيدات اللواتي تراوح أعمارهن ما بين 40 عامًا وما فوق، بحيث يخضعن للصورة الشعاعية للثدي".
وأضاف نصّار، أن تكريم الدولة اللبنانية لمصابات سرطان الثدي هو في حرمانهم من العلاج اللازم، قائلا: على وقع الأزمة الاقتصادية المتمادية التي يشهدها لبنان منذ نحو 3 أعوام والتي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، لم يبق قطاع بمنأى عن تداعيات الانهيار وبينها قطاع الاستشفاء والأدوية المستوردة بمعظمها من الخارج.
وأدى شحّ الأدوية بحسب نصّار الى ارتفاع ثمنها بشكل كبير جراء انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وتفاقمت معاناة المرضى الذين باتوا بغالبيتهم عاجزين عن توفير علاجاتهم أو تحمّل كلفة شرائها، كاشفًا في الوقت عينه، عن تسجيل 12 ألف حالة جديدة سنويًا بمرضى السرطان.
وتابع: إذًا، على كل سيدة واجبٌ تجاه نفسها أولاً، وتجاه عائلتها ثانيًا، ألا تتذكّر سرطان الثدي في شهر تشرين الأول/أكتوبر فقط، ولا يجب التراخي والإهمال في موضوع الفحص الذاتي والصور الضرورية، كما يجب على الأم أن تشرح لبناتها ماذا يعني هذا المرض، وكيفية معرفة أي تغييرات في الشكل.
"السرطان الأكثر انتشارًا"
وكان رئيس قسم أمراض الدم والسرطان في الجامعة الأميركية ببيروت، البروفيسور ناجي الصغير، قال في وقت سابق إنّه في لبنان تعاني حوالي 40 بالمئة من النساء المصابات بالسرطان من سرطان الثدي، أما النسبة الأكبر من الرجال فيصابون بسرطان المثانة، وسرطان الرئة بسبب التدخين.
وكشف الصغير أن هناك حوالي 12 إلى 14 ألف إصابة بالسرطان سنويا في لبنان، مضيفا: لا نملك إحصائيات دقيقة منذ عام 2015 وهنا تكمن المشكلة، وهناك حوالي 2500 حالة سرطان ثدي جديدة سنويا.
وعزا الصغير تفشّي السرطان في لبنان والعالم العربي لعدة أسباب، أبرزها وتيرة الحياة ونظام التغذية، كاشفا أنّ 90 بالمئة من أسباب مرض سرطان الرئة هي بسبب التدخين.