بين بكركي وحارة حريك تشنج وتقاطع تزداد وتيرتهما حدة، فبموازاة الزحف البشري والسياسي باتجاه الديمان مقر البطريركية المارونية الصيفي تضامناً معها وتنديداً بما تعرض له أحد أساقفها من توقيف وحملة تشويه، رفع البطريرك بشارة بطرس الراعي سقف المواجهة في قداس الأحد وخلال عظة تميزت بالحسم والصرامة وإن طغى عليها الهدوء، موجهاً سهامه نحو حزب الله من دون تسميته ومطلقاً سلسلة من المواقف السياسية مع التذكير بدور ورسالة الكنيسة المارونية عبر التاريخ.
ولم يكتفِ الراعي بالعظة بل توجه بعد القداس إلى الموجودين في ساحة الصرح معيداً التأكيد أن ما حدث يعد سابقة وتجاوزاً للكنيسة كما اعتبره إهانة شخصية له، مكرراً مطالبته بما تمت مصادرته من المطران الحاج.
وأتى الزحف البشري للتنديد بما تعرض له راعي أبرشية حيفا والأراضي المقدسة والنائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشمية في الطائفة المارونية موسى الحاج بعد عودته من زيارة رعوية إلى إسرائيل من توقيف ومصادرة لأموال ومساعدات وكان سبقه سبت ردود على لسان مسؤولين وقياديين في حزب الله تتهم المطران الحاج بالعمالة لإسرائيل حيث أعلن رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" في البرلمان اللبناني النائب محمد رعد، في خلال احتفال حزبي أن "التعامل مع العدو خيانة وطنية وجريمة" وأن "المتعامل لا يمثل طائفة" أما رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين فأكد في احتفال آخر أن "لبنان لن يسقط ولن يخضع ولن يكون في ركب المُطبّعين والمستسلمين"
وأثار توقيف المطران الحاج لمدة اثنتي عشرة ساعة استنكاراً كبيراً في لبنان إذ اعتبر سابقة تنذر بخطر كبير كما بدا على أنه رسالة تهديد واضحة إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي على مسافة ثلاثة أشهر من الإنتخابات الرئاسية
العملاء في مكان آخر
أمام مئات من المؤمنين تقاطروا إلى الديمان منذ الصباح الباكر، استهل البطريرك الماروني بشارة الراعي عظة الأحد بالتشديد على دور الكنيسة المارونية التاريخي وثباتها على رسالتها المدافعة عن الحق والحقيقة كما الإنسان ومديناً توقيف المطران الحاج البوليسي قائلا: " من غير المقبول التعرض لأسقف من غير العودة إلى مرجعيته وهي البطريركية ونرفض هذه التصرفات البوليسية ذات الأبعاد السياسية".
الكلمة الهادئة والرصينة ارتفعت حدتها حين توجه البطريرك الراعي إلى حزب الله من دون أن يسميه بالقول: "ابحثوا عن العملاء في مكان آخر فأنتم تعلمون أين هم ومن هم" في إشارة منه إلى أن معظم عملاء إسرائيل ينتمون إلى بيئة حزب الله، ليعلو التصفيق الحار داخل الكنيسة
الملف اللبناني
ومن الملف الخاص انتقل الراعي إلى الوضع السياسي في لبنان معلناً أن الوقت حان لتغيير الواقع الطافح بالأحقاد والكيديات "لبنان لا يُبنى ولا ينمو ويتوحد بهذا النهج المنحرف عن قيم شعبه وتاريخه ويا ليت من يقترفون هذه السياسات ويفبركون الملفات يتّعظون ممّن سبقهم ومن التجارب التي تؤكد أنّ غير الصالحين لا يدخلون تاريخ لبنان المشرّف"
كذلك كشف الراعي عن أن الكنسية المارونية تواصل دعوتها إلى تشكيل حكومة جديدة في أسرع ما يمكن وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في المهلة الدستورية "فلبنان يستحقّ حكومة جديدة ورئيساً جديداً" على حد قوله.
وشدّد على أن البطريركيّة “صامدة على مواقفها وستُتابع مسيرتها” مجدداً دعوته إلى "عقد مؤتمر دوليّ خاصّ بلبنان لبتّ الملفّات الخلافيّة التي يعجز لبنان عن حلّها"، ومعاهداً اللبنانيّين بالوقوف إلى جانبهم "مهما عصفت التحدّيات"
تجدر الإشارة الى أن نحو 7 آلاف ماروني يقيمون في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وتضم حيفا العدد الأكبر منهم وقد قدموا إليها من لبنان عام 1677 حيث تشير آخر إحصاءات لـ"مركز المعلومات الوطني الفلسطيني" الى أن عددهم يصل إلى 3500 نسمة.