العداء المستحكم بين الخصمين اللدودين في البيت الشيعي العراقي، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، على أشده؛ خصوصا بعدما أُسندت إلى الصدريين مهمة تشكيل الحكومة كونهم حققوا أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
يبدو أن المعركة ستكون طويلة بين التحالفات السياسية الراغبة في انتشال العراق من طريق الهاوية. علاوة على الصراعات الإقليمية والدولية التي تتنازع في البلاد، فإن صراع الصدر المالكي وما خلّفه من رياح شديدة وأعاصير سياسية، لا يزال قائما خصوصا مع تمسّك الصدر بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، وإبعاد جزء من الإطار التنسيقي عنها وفي مقدمهم رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
وفي حين تقول مصادر مطلعة إن الإطار متمسك بوحدته، فإن التوقعات ترجّح انضمام أعضاء في الإطار الى تحالف الصدر، بسبب الضغوط والخوف من انقسام شيعي سياسي خطير.
صراع زعامات
وعن هذا الصراع، تحدث الكاتب والباحث العراقي عدنان أبو زيد القاضي في تدوينة له على "فيسبوك"، قائلاً: "إن العلاقة بين الصدر والإطار لا سيما المالكي، تختبر تجاوز عقد الماضي حيث اشترك الجميع ما بعد 2003، في الصراعات والنزاعات، مما تتطلب تجاوز الوقوف على أطلال الصراعات، لكن هذا لا يعني نسيان التاريخ، بل الاستفادة من تجاربه، باتجاه المستقبل، لا البقاء داخل دائرة أحداث ماضية كان لها أسبابها وظروفها الخاصة جدا".
وسأل: "تمت تسوية خلافات عميقة وخطيرة مع شخصيات سنية مثل خميس الخنجر، فلماذا لا تتم بين الأطراف الشيعية؟".
والخلافات استمرت في اجتماع الحنانة الأخير، الذي ضم الصدر ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، ورئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي.
حرب إقصاء
وتقول تسريبات إن الصدر، أبلغ قادة الإطار التنسيقي أن بإمكانهم جميعاً، التحالف مع الإطار، لكنه استبعد مشاركة المالكي فيها.
وانتقدت النائبة في ائتلاف دولة القانون، حنان الفتلاوي، تمسّك الصدر بالأغلبية الوطنية في تشكيل الحكومة.
وأصبح واضحاً، أن حرب إقصاء باردة يشنها التيار الصدري ضد المالكي، لكن هناك من يرى إن هذه الحرب تفتقر الى الأخلاقية السياسية، إذا ما وُضع على الطاولة، تاريخ التحالفات وتشكيل الحكومات في العراق منذ العام 2003.
في إشارة إلى أن المالكي في انتخابات العام 2010 كان يملك 89 مقعداً ورفض إقصاء التيار الصدري الحاصل على 31 مقعداً.
لكن حالياً، يصر الصدر بعد حصوله على 74 مقعداً فقط، على إقصاء المالكي ذي الـ 34 مقعداً، كما يقوم البيت الشيعي على تحالفات في أغلبها قصيرة المدى، حالها حال التحالفات السنية والكردية وتقوم على التخادم وتبادل المصالح.
ولم تسفر أي من الوساطات، عن نتائج حاسمة وواضحة في إيجاد تفاهمات بين الصدر والمالكي.
لكن هذا الإصرار يُخفي بحسب مراقبين، الصراع الحقيقي على زعامة البيت الشيعي، وهو أساس عدم اتفاق الصدر مع قوى الإطار التنسيقي على المضي بتشكيل الحكومة وتوزيع المناصب كما يحصل بعد كل انتخابات في العراق.
أصل الخلاف
ويعود الخلاف بين الصدر والمالكي إلى العام 2008، (إبان الاحتلال الأميركي للعراق) عندما أطلق المالكي خلال ترؤسه الحكومة الأولى له، عملية عسكرية واسعة في البصرة ومحافظات جنوبية أخرى سُميت "صولة الفرسان"، جرى خلالها قتل واعتقال المئات من عناصر "التيار الصدري" خلال مواجهات واسعة استمرت أسابيع عد.
حصلت العملية تحت عنوان ضبط الأمن وسيادة القانون في تلك المناطق، لكن مراقبين أكدوا أنّ صراع النفوذ كان هو المحرك الأول لها آنذاك.
وبعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مارس/آذار 2010، عارض الصدر بشدة التجديد للمالكي لولاية ثانية، إلا أنّ الضغوط الإيرانية التي مورست على الصدر (الذي كان متواجداً في إيران)، وعلى قوى سياسية أخرى، أدت إلى تمرير حكومة المالكي الثانية التي استمر خلالها الشد والجذب بينهما.
وعام 2011 عاد الصدر إلى منزله في منطقة الحنانة بالنجف، جنوبي العراق، بعد أربع سنوات قضاها في إيران لدراسة العلوم الدينية.
وتجددت الخلافات بين الطرفين، بعد مشاركة نواب من كتلة "الأحرار" الصدرية في حراك لاستجواب وإقالة المالكي عام 2012 على خلفية اتهامات بالفساد وسوء استخدام السلطة.
وبعد سقوط الموصل ومدن عراقية أخرى بيد "داعش" عام 2014، وجه الصدريون اتهامات للمالكي بالتسبب بسيطرة التنظيم الإرهابي على ثلث الأراضي العراقية.
وكان الصدر من المؤيدين لتولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة التي تشكلت عام 2014، مما أثار غضب المالكي الذي كان يبحث عن ولاية ثالثة.
ووضع الصدر الذي تصدرت كتلته "سائرون" نتائج انتخابات 2018 شروطاً وُصفت بـ "التعجيزية" على المالكي، للمشاركة في الحكومة التي تشكلت من دون "ائتلاف دولة القانون".
"البطة"
ومطلع عام 2021، عاد التراشق بالتصريحات بين المالكي والصدر، وبدأ التراشق بتصريحات أدلى بها المالكي لمحطة فضائية عراقية، قال فيها إنه لن يسمح لـ "البطة أن تُرعب الناس مجدداً كما لم أسمح لها في السابق"، مؤكداً أنه يريد "شعباً آمناً وأمة تعيش بسلام"، وأشار إلى أنه سيتصدى للخارجين عن القانون، وسيقف ضد أي قوة سياسية تتبنى منهج القوة في إدار
ة البلاد.
و"البطة" هي تسمية شعبية في العراق لنوع من السيارات يُنسب استخدامه إلى عناصر ميليشيا "جيش المهدي" التابعة للصدر، في جرائم الخطف والقتل خلال فترة الفتنة الطائفية في العراق عامي 2006 و2007.
وجاء الرّد سريعاً على المالكي، من قبل المقرّب من الصدر، صالح محمد العراقي، الذي كتب في تغريدة على موقع "تويتر": "من الممكن القول إنّ البطة هي الحلّ الوحيد للفاسدين، ولمن باعوا ثلث العراق لداعش"، في إشارة منه إلى الاتهامات التي وُجِّهت للمالكي بالتسبب في سقوط الموصل ومدن عراقية أخرى بيد "داعش" منتصف عام 2014.
وتابع العراقي، "إلا أنّ أخلاقنا، نحن الصدريين القح (الخالصين)، لا تسمح لنا بذلك، فهي سيرة المنشقين والميليشيات الوقحة، وهم أجمع ليسوا أسوة لنا".
واستمر التنافر بين الجانبين حتى الانتخابات التي جرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وشهدت الحملات الانتخابية تهديداً ووعيداً من قبل الطرفين.
يبدو أن المعركة ستكون طويلة بين التحالفات السياسية الراغبة في انتشال العراق من طريق الهاوية. علاوة على الصراعات الإقليمية والدولية التي تتنازع في البلاد، فإن صراع الصدر المالكي وما خلّفه من رياح شديدة وأعاصير سياسية، لا يزال قائما خصوصا مع تمسّك الصدر بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، وإبعاد جزء من الإطار التنسيقي عنها وفي مقدمهم رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
وفي حين تقول مصادر مطلعة إن الإطار متمسك بوحدته، فإن التوقعات ترجّح انضمام أعضاء في الإطار الى تحالف الصدر، بسبب الضغوط والخوف من انقسام شيعي سياسي خطير.
صراع زعامات
وعن هذا الصراع، تحدث الكاتب والباحث العراقي عدنان أبو زيد القاضي في تدوينة له على "فيسبوك"، قائلاً: "إن العلاقة بين الصدر والإطار لا سيما المالكي، تختبر تجاوز عقد الماضي حيث اشترك الجميع ما بعد 2003، في الصراعات والنزاعات، مما تتطلب تجاوز الوقوف على أطلال الصراعات، لكن هذا لا يعني نسيان التاريخ، بل الاستفادة من تجاربه، باتجاه المستقبل، لا البقاء داخل دائرة أحداث ماضية كان لها أسبابها وظروفها الخاصة جدا".
وسأل: "تمت تسوية خلافات عميقة وخطيرة مع شخصيات سنية مثل خميس الخنجر، فلماذا لا تتم بين الأطراف الشيعية؟".
والخلافات استمرت في اجتماع الحنانة الأخير، الذي ضم الصدر ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، ورئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي.
حرب إقصاء
وتقول تسريبات إن الصدر، أبلغ قادة الإطار التنسيقي أن بإمكانهم جميعاً، التحالف مع الإطار، لكنه استبعد مشاركة المالكي فيها.
وانتقدت النائبة في ائتلاف دولة القانون، حنان الفتلاوي، تمسّك الصدر بالأغلبية الوطنية في تشكيل الحكومة.
وأصبح واضحاً، أن حرب إقصاء باردة يشنها التيار الصدري ضد المالكي، لكن هناك من يرى إن هذه الحرب تفتقر الى الأخلاقية السياسية، إذا ما وُضع على الطاولة، تاريخ التحالفات وتشكيل الحكومات في العراق منذ العام 2003.
في إشارة إلى أن المالكي في انتخابات العام 2010 كان يملك 89 مقعداً ورفض إقصاء التيار الصدري الحاصل على 31 مقعداً.
لكن حالياً، يصر الصدر بعد حصوله على 74 مقعداً فقط، على إقصاء المالكي ذي الـ 34 مقعداً، كما يقوم البيت الشيعي على تحالفات في أغلبها قصيرة المدى، حالها حال التحالفات السنية والكردية وتقوم على التخادم وتبادل المصالح.
ولم تسفر أي من الوساطات، عن نتائج حاسمة وواضحة في إيجاد تفاهمات بين الصدر والمالكي.
لكن هذا الإصرار يُخفي بحسب مراقبين، الصراع الحقيقي على زعامة البيت الشيعي، وهو أساس عدم اتفاق الصدر مع قوى الإطار التنسيقي على المضي بتشكيل الحكومة وتوزيع المناصب كما يحصل بعد كل انتخابات في العراق.
أصل الخلاف
ويعود الخلاف بين الصدر والمالكي إلى العام 2008، (إبان الاحتلال الأميركي للعراق) عندما أطلق المالكي خلال ترؤسه الحكومة الأولى له، عملية عسكرية واسعة في البصرة ومحافظات جنوبية أخرى سُميت "صولة الفرسان"، جرى خلالها قتل واعتقال المئات من عناصر "التيار الصدري" خلال مواجهات واسعة استمرت أسابيع عد.
حصلت العملية تحت عنوان ضبط الأمن وسيادة القانون في تلك المناطق، لكن مراقبين أكدوا أنّ صراع النفوذ كان هو المحرك الأول لها آنذاك.
وبعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مارس/آذار 2010، عارض الصدر بشدة التجديد للمالكي لولاية ثانية، إلا أنّ الضغوط الإيرانية التي مورست على الصدر (الذي كان متواجداً في إيران)، وعلى قوى سياسية أخرى، أدت إلى تمرير حكومة المالكي الثانية التي استمر خلالها الشد والجذب بينهما.
وعام 2011 عاد الصدر إلى منزله في منطقة الحنانة بالنجف، جنوبي العراق، بعد أربع سنوات قضاها في إيران لدراسة العلوم الدينية.
وتجددت الخلافات بين الطرفين، بعد مشاركة نواب من كتلة "الأحرار" الصدرية في حراك لاستجواب وإقالة المالكي عام 2012 على خلفية اتهامات بالفساد وسوء استخدام السلطة.
وبعد سقوط الموصل ومدن عراقية أخرى بيد "داعش" عام 2014، وجه الصدريون اتهامات للمالكي بالتسبب بسيطرة التنظيم الإرهابي على ثلث الأراضي العراقية.
وكان الصدر من المؤيدين لتولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة التي تشكلت عام 2014، مما أثار غضب المالكي الذي كان يبحث عن ولاية ثالثة.
ووضع الصدر الذي تصدرت كتلته "سائرون" نتائج انتخابات 2018 شروطاً وُصفت بـ "التعجيزية" على المالكي، للمشاركة في الحكومة التي تشكلت من دون "ائتلاف دولة القانون".
"البطة"
ومطلع عام 2021، عاد التراشق بالتصريحات بين المالكي والصدر، وبدأ التراشق بتصريحات أدلى بها المالكي لمحطة فضائية عراقية، قال فيها إنه لن يسمح لـ "البطة أن تُرعب الناس مجدداً كما لم أسمح لها في السابق"، مؤكداً أنه يريد "شعباً آمناً وأمة تعيش بسلام"، وأشار إلى أنه سيتصدى للخارجين عن القانون، وسيقف ضد أي قوة سياسية تتبنى منهج القوة في إدار
ة البلاد.
و"البطة" هي تسمية شعبية في العراق لنوع من السيارات يُنسب استخدامه إلى عناصر ميليشيا "جيش المهدي" التابعة للصدر، في جرائم الخطف والقتل خلال فترة الفتنة الطائفية في العراق عامي 2006 و2007.
وجاء الرّد سريعاً على المالكي، من قبل المقرّب من الصدر، صالح محمد العراقي، الذي كتب في تغريدة على موقع "تويتر": "من الممكن القول إنّ البطة هي الحلّ الوحيد للفاسدين، ولمن باعوا ثلث العراق لداعش"، في إشارة منه إلى الاتهامات التي وُجِّهت للمالكي بالتسبب في سقوط الموصل ومدن عراقية أخرى بيد "داعش" منتصف عام 2014.
وتابع العراقي، "إلا أنّ أخلاقنا، نحن الصدريين القح (الخالصين)، لا تسمح لنا بذلك، فهي سيرة المنشقين والميليشيات الوقحة، وهم أجمع ليسوا أسوة لنا".
واستمر التنافر بين الجانبين حتى الانتخابات التي جرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وشهدت الحملات الانتخابية تهديداً ووعيداً من قبل الطرفين.