لاقى إعلان المحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان إنزال أقصى عقوبة بحق عضوين في حزب الله في قضيّة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، ترحيبًا شعبيًا كبيرًا من قِبل عدد من الدول العربيّة والغربيّة إضافة إلى عائلة الحريري، إلا أنّه افتقر إلى أيّ موقف رسمي لبنانيّ حتى الآن.
وعبر حسابها على منصة "تويتر"، أعلنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس أن "غرفة الاستئناف فرضت بالإجماع على السيدين مرعي وعنيسي عقوبة السجن المؤبد" مشيرة إلى "أشد العقوبات المنصوص عنها في النظام الأساسي والقواعد، وذلك عن كل جريمة من الجرائم الخمس التي أُدينا بها".
الإدانة أتت غيابيّة ولا يزال المتّهمان طليقين ويلف الغموض مكان إقامتها كما إقامة سليم عياش العضو الآخر في حزب الله، الذي أدين عام 2020 من محكمة أدنى درجة في ملف اغتيال الحريري وحكم عليه بالأشغال الشاقة مدى الحياة.
وكانت دائرة الاستئناف ألغت في مارس/آذار الماضي حكمًا يقضي ببراءة مرعي وعنيسي.
مفارقات ثلاث
مفارقات ثلاث سجّلها رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض في اتصال مع "جسور"، إذ أعاد أولاً التذكير بواقعة مشابهة حصلت عام 1994 "اتّهم حزب القوات اللبنانية حينها بتفجير كنيسة سيدة النجاة لإقحام رئيسه واعتقاله وبالفعل تم حل الحزب رغم ظهور الحقيقة والكشف لاحقًا عن ملفات ورطت القوات اللبنانية زورًا، لكن حل الحزب بقي قائمًا حتى خروج رئيسه من السجن".
في المقارنة يتابع محفوظ "يوجد اليوم ثلاث عناصر منضوين بشكل كلي في حزب الله وكان أمينه العام السيد حسن نصرالله أكد سابقًا رفضه اعتبار المتهمين في اغتيال الرئيس الحريري عناصر خارجة عن القانون الحزبي" بالتالي، يضيف محفوض "بالاستنتاج والتحليل المنطقي يعتبر حزب الله، كجسم عسكري وأمني وسياسي، متهمًا ومدانا".
ويسأل محفوظ "ماذا ستفعل الدولة اللبنانية إزاء هذا الحكم الصادر عن أعلى مرجعية قضائية في العالم وليس عن قضاء محلي؟ هل سترسل دورية من دوريات الضابطة العدلية للبحث أو السؤال عن عنوان المدانين وتسليمهم إلى المرجع القضائي الذي أصدر الحكم أي المحكمة الدولية"؟
ولفت إلى مفارقة ثانية ومهمة يتناساها كثيرون على حد قوله "هذه المحكمة أخذت دستوريتها ومشروعيتها من الحكومات المتعاقبة ومن مجلس النواب اللبناني الذي شارك فيها حزب الله من خلال وزراء ونواب بالتالي وافق وموّل هذه المحكمة" وأضاف محفوض "على الدولة اللبنانية استدعاء السيد حسن نصرالله وفتح محاكمة محلية، ولن نطالب بحل حزب الله باعتباره غير مرخص له من البداية".
أما عن مطالبته باستدعاء نصرالله في حين أن المحكمة الدولية لا تدين جمعيات أو أحزابًا يجيب محفوض "انطلاقًا من كلام نصرالله، يعتبر المدانون عناصر لدى حزب الله يأتمرون بأوامره بالتالي يفترض أن يُسأل عنهم بعد إدانتهم" لكنه أشار إلى أن الدولة لن تتخذ أي إجراء بحقّهم "رئيس الجمهورية يريد إنهاء ما تبقّى من أشهر عهده بسلام، رئيس الحكومة لا يهمه سوى إعادة انتخابه رئيسًا للحكومة أما رئيس مجلس النواب فهو شريك أساسي لنصرالله".
ولفت محفوض إلى مفارقة ثالثة ألا وهي صمت رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة كما رئيس مجلس النواب "صمتهم يضعهم في دائرة الاتهام وفقًا للقانون إذ من يخفي المتّهم يُسأل أمامه".
ومع كل ما تقدم لم يبدِ محفوض حماسة في مطالبة الدولة القيام بأي إجراء بل طالب فقط "باستقالة رئيس الجمهورية وبانتخابات رئاسة جمهورية مبكرة".
من جهته أعلن المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري وابن الشهيد رفيق الحريري حسين الوجه أن تيار المستقل بات خارج السلطة، لافتًا إلى أن الحكومة ورئاسة الجمهورية "تسألان عن الاجراءات التي يتوجّب اتخاذها بعد قرار المحكمة الدولية" مشيرًا إلى "تعاون أقر سابقًا بين المحكمة الدولية والسلطات اللبنانية"، بالتالي "يفترض بالسلطات اللبنانية أن تكون قد تبلّغت هذا القرار وعليها واجب التعاون مع المحكمة الدولية والقيام بالإجراءات اللازمة للبحث عن المدانين".