بينما ينشغل لبنان بالبحث عن جثامين أبنائه الطرابلسيين الذين غرقوا في بحر الهروب من جهنم، وفي وقت تتخبط فيه بلاد الأرز في أسوأ الأزمات الاقتصادية والإجتماعية والسياسية والأمنية مع اقتراب الإستحقاق الانتخابي، أصرّ المجلس النيابي على المضي قدماً بمناقشة مشروع قانون الكابيتال كونترول، متجاهلاً صرخات المواطنين والنقابات الرافضة له.
إلّا أن جلسة اللجان المشتركة المخصصة للبت بالقانون لم تر النور، بسبب عدم اكتمال النصاب والضربة الثلاثية التي تلقاها مشروع الكابيتال كونترول برلمانيا من كتل "لبنان القوي" و"الجمهورية القوية" و"اللقاء الديمقراطي" بعد امتناعهم عن مناقشة المشروع "قبل الإطلاع على خطة التعافي"، الأمر الذي وضعه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في خانة الشعبوية الانتخابية.
لكن بحسب عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب عماد واكيم، انهم كتكتل ليسوا ضد الكابيتال كونترول بالمطلق، ولكن "مع قانون مدروس ومنظم بالشكل الذي يحمي أموال المودعين"، لافتاً إلى أن "هذا القانون كان يجب إقراره منذ بداية الأزمة، لكن ما حصل هو أنه عُملَ به بشكل مقنّع وغير منظم، حيث وضعت المصارف السقوف لنفسها، وبدأت عملية "Haircut" في السوق".
وقال واكيم في حديث لـ"جسور"، "يجب أن يكون هناك خطة نهوض إقتصادية وعلى أساس ذلك يُقرّ هذا القانون بشكل يراعي الخطة، التي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار الاتفاق العام والدرس الكامل وإعادة بناء الإقتصاد بشكل منتج ونقاط القوة والضعف وتوزيع الخسائر".
ولفت إلى أن "القوى السياسية التي تريد السير بهذا القانون بشكله الحالي من دون تعديل هي القوى التي لا تهتم إلّا بصورتها الشخصية السياسية أمام صندوق النقد الدولي الذي ينتظر منّا إصلاحات".
الحفاظ على الودائع
من جهته، رأى عضو تكتل "لبنان القوي" النائب إدغار طرابلسي، في حديث لـ"جسور"، أن "التكتل ضد الكابيتال كونترول بشكله الحالي"، مؤكداً أن الأهم اليوم هو الحفاظ على ودائع الناس".
وأشار إلى أن "هذا القانون بشكله اليوم، يعفي الدولة من ديونها على حساب ما تبقى من أموال المودعين".
وغرد رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل عبر حسابه على "تويتر" قائلأ :"الكابيتال كونترول هو من بديهيات الأيام الاولى للأزمة، ونحن من فضح وواجه تهريب الاموال وتقدّمنا بقوانين لوقف التحاويل واستعادتها من الخارج … عرقلها المستفيدون ونحن لا زلنا نقاتل لأجلها".
وأضاف: "إقراره بعد سنتين ونصف السنة من المماطلة لا يعني تشريع سرقة أموال المودعين وحماية المصارف بمفعول رجعي وتشكيل لجان مشبوهة. المطلوب بالحاح قانون يوقف نزف الأموال، لا يقونن السطو ولا يحمي المنظومة... بإختصار، الكابيتال كونترول لضبط تحويل الأموال لا لتشريع تهريبها، لن نقبل!"
وقفة إحتجاجية
وتجمع عدد من الشخصيات النقابية والمواطنين في وقفة إحتجاجية أمام مدخل مجلس النواب في بيروت، رفضاً للكابيتال كونترول بصيغته الحالية.
وقال نقيب الصيادلة جو سلوم من أمام المجلس: "نحن لسنا ضد الكابيتال كونترول ولكن لسنا مع صيغة تكبد خسائر إضافية للمودعين". وأضاف: "سنحاصر مداخل مجلس النواب، ونحن مع كابيتال كونترول عادل".
بدوره، قال نقيب أطباء الاسنان الدكتور رونالد يونس: "هذا القانون مجحف بحقّ المودعين وسنوقف كل محاولات مد اليد على ما تبقى من أموالهم".
من جهته، قال نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار:"لن نقبل بهذه المشاريع، ونقول بصراحة هم يأخذوننا إلى معارك جانبية من أجل الإستفادة، وسنبقى حتى الرمق الأخير نكافح ونجاهد رفضاً لمشروع قانون الكابيتال كونترول".
هروب إلى الأمام
وكان الخبير الاقتصادي، الدكتور لويس حبيقة، قد اعتبر في حديث لـ"جسور"، أن إقرار هذا القانون غير مفيد وهو هروب إلى الأمام ومن الواقع.
وقال حبيقة، إن "بعض اللبنانيين يظن أن هذا القانون سينطبق على الأموال التي خرجت من لبنان عام 2019، ولكن الحقيقية هي أن "من ضرب ضرب ومن هرب هرب"، وهذا القانون ينطبق على المستقبل فقط ولا يمكنه العودة إلى الماضي".
كما أشار إلى أن "الكابيتال كونترول هو إخضاع الأموال الخارجة من لبنان والداخلة إليه إلى رقابة، لكن مشكلتنا الأساسية هي أن الذين يتحكمون بزمام الأمور في البلد هم أشخاص لا يتمتعون بالكفاءة المطلوبة".