ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب بخبر مفاده أن "فتاة قاصر تبلغ من العمر 16 عامًا، حاولت الإنتحار بإلقاء نفسها من الطابق الأول في مدرستها الثانوية في مدينة طنجة، وذلك بعد مشادة وملاسنة كلامية مع معلّمتها بسبب مصادرتها لهاتفها النقال.
وفي التفاصيل، كانت القاصر تستخدم هاتفها بشكل متكرر خلال فترة الدراسة. وبعدما نبهتها المعلمة مرات عدّة، أقدمت على حجزه فقامت الطالبة بالقفز من الطابق الأول أمام طلاب المدرسة.
وانتقلت عناصر الشرطة القضائية إلى المكان فور علمها بالحادث، وباشرت تحقيقًا دقيقًا لمعرفة التفاصيل، كما قامت عناصر الوقاية المدنية بنقل الفتاة التي أصيبت بكسور ورضوض وصفت بالحرجة، إلى قسم المستعجلات في المستشفى الجامعي محمد الخامس في طنجة.
وهذه الحادثة أعادت مخاطر إدمان المراهقين على الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي إلى الواجهة من جديد.
إدمان وجنون
وبحسب الأخصائية النفسية د. دنيز أبي راشد، فإن "مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية (الهواتف والإلكترونيات) ممكن أن يكون تأثيرها سيئ جدًّا على المراهقين والأطفال، فهي قادرة أن تؤثر على شخصية الفرد وطريقة تفكيره وقناعاته واهتماماته، فضلاً عن خطورة الألعاب والمواقع التي من الممكن أن تؤدي إلى إدمان، خصوصًا في ظل غياب رقابة الأهل وعدم معرفتهم كيف يمضي ولدهم وقته على الإنترنت ومع من يتواصل".
وحذّرت أبي راشد، في حديث لـ"جسور"، من أن "المراهق هو الأكثر عرضة للتأثر بالمعلومات التي يتلقاها، خصوصًا وأنه في مرحلة يناء شخصيته، وممكن أن يؤثر تواصله مع بعض الأشخاص سلبًا على نموه العاطفي والفكري، كما أنه ممكن أن يتعلّق باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي إلى درجة الإدمان، وفي حال تم منعه عن ذلك، قد يصل به الأمر إلى مرحلة الجنون أو الإكتئاب أو الإصابة بنوبات ومنها إلى محاولة الإنتحار".
كما شدّدت على "أهمية دور الأهل في مراقبة أبنائهم منذ صغرهم، وتنظيم هيكلية البيت والقواعد واتفاق الوالدين على المنهجية نفسها".
تشرّد وإجهاد
وكان باحثون من الأكاديمية المجرية للعلوم وجامعة إيوتفوس لوراند، في بودابست، قد أجروا تجارب على 87 من أصحاب الهواتف الذكية، الذين لا يتجاوز عمرهم الـ26 عامًا.
وبعد ربطهم بأجهزة مراقبة القلب، تعرض المشاركون لاختبار رياضيات بسيط تم إعداده بالكمبيوتر، بغرض إكماله بمساعدة آلة حاسبة على هواتفهم.
وأظهرت التحليلات أن الذين انفصلوا عن هواتفهم كانوا أكثر عرضة لظهور أنماط من ضربات القلب، غالبًا ما ترتبط باضطراب ما بعد الصدمة.
وثلاثة أرباع الذين تركوا بدون الهاتف النقال أظهروا سلوكًا يدل على التشرد، مثل التململ والخدش، والذي هو علامة منبهة تشير إلى شعور بالإجهاد.
ومخاطر الهواتف الذكية على المراهقين عديدة منها، بطء التطور الاجتماعي والعاطفي لدى المراهق، بالتالي تَراجع المهارات لديه، واضطرابات في النوم مثل الأرق، قلّة النوم، نوعية النوم السيئة وغيرها، والكسل، الخمول والهذيان الذِّهني.
ولها أيضًا تأثير على قوة الذاكرة والقدرة على التركيز، إضافة إلى تأثيرها على العلاقات داخل الأسرة، وزيادة العدوانية والعنف.
وبقاء الجهاز الذكي مع الطّفل أو المراهق بشكل مُستمر، يجعله على اتصال دائم بالإنترنت في كل الأوقات، ممّا يمنحه ذلك القدرة على الوصول إلى أيّ نوع من أنواع المحتوى غير الملائم، مثل المواقع الإباحية، الفيديوهات الداعية للعنف، الألعاب الخطيرة المُسبِّبة للإدمان، بالإضافة إلى التواصل مع الغرباء وشخصيات يجب ألا يتواصل معهم.