ليست المرة الأولى التي تشهد فيها المعركة القضائية في ملف تفجير مرفأ بيروت، في لبنان، محاولات حثيثة لعرقلتها وكف يد المحقق العدلي في القضية، القاضي طارق البيطار.
منذ مطلع شهر يوليو/تموز من العام الجاري، بدأت الحملة على المحقق العدلي بعد ادّعائه على رئيس وزراء لبنان السابق حسان دياب، إضافة الى وزراء سابقين وضباط أمنيين حاليين ومتقاعدين. وترافقت الحملة مع تهديدات للقاضي، ومواقف مطالبة باستبداله على اعتبار انه "مسيس" و"مرتهن لصالح دول خارجية".
"توقيف مؤقت"
بعد ظهر الخميس، أبلغ أحد موظفي قصر العدل المحقق العدلي، القاضي طارق البيطار، في منزله بقرار كف يده عن الملف بشكل "مؤقت"، وتوقيف تحقيقاته، إلى حين تبلغه قرار محكمة الاستئناف وصدور قرارها النهائي.
وذلك، بعد أن قبلت محكمة الاستئناف طلب الردّ المقدم من الوزيرين المدعى عليهما في الملف، علي حسن خليل وغازي زعيتر، ضد رئيس الغرفة رقم 12 في محكمة الاستئناف القاضي نسيب إيليا، الناظر في طلبات الردّ المقدّمة ضد البيطار. ولأن إيليا سبق أن ردّ شكلا كل الدعاوى التي قُدمت بحق البيطار، تنحى عن الملف وتمت إحالة الدعوى المقامة من الوزير السابق المدعى عليه يوسف فنيانوس، الى الرئيس الاول في محكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله. الأخير كلَّف القاضي حبيب مزهر بالقضية، بدلا من القاضي إيليا، لكن وبعد تكليفه قرّر مزهر مع الهيئة في محكمة الاستئناف، إبلاغ القاضي البيطار بهذه الدعوى ومنحه مهلة 3 ايام، للردّ عليها على أن تبتّ بها محاكم الاستئناف في ما بعد. وتبعاً لهذا القرار سيتم إرجاء الجلسة المقررة للنائب والوزير السابق غازي زعيتر، في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
سيناريو صوان ام إيليا؟
وفي حديث خاص لـ "جسور"، أكد المستشار القانوني المحامي وسام عيد، أنه "من الناحية التقنية ما قام به وكلاء الوزير يوسف فينيانوس، قانوني، فلكل شخص حقه في الدفاع عن نفسه عبر الوسائل المتاحة كافة". وتابع "الا انه على المستوى الانساني ما يحصل غير مقبول بظل وجود اكثر من 200 ضحية واكثر من6000 جريح وعاصمة مدمرة ويبقى السؤال ماذا سيفعل القاضي حبيب مزهر؟".
واعتبر عيد، أن الزوبعة الحاصلة اليوم، غير مجدية، اذ ان القرار هو "لزوم ما لا يلزم"، وعلّق "عندما يتبلغ القاضي البيطار طلب الرد بحقه تلقائيًا ترفع يده عن التحقيقات، واذا لم يتبلغ طلب الرد يكمل تحقيقاته بشكل طبيعي، وتالياً لا لزوم لإصدار قرار بتوقيف مؤقت للتحقيقات".
وأضاف المحامي عيد، "لا يوجد قرار نهائي صادر عن محكمة الاستئناف، يُفيد بكف يد القاضي البيطار عن التحقيقات في ملف المرفأ، ونحن بانتظار قرار قبول طلب الرد او رد طلب الرد من قبل القاضي مزهر".
وأشار عيد لـ "جسور"، إلى أنه "في حال قبول طلب الرد تكف يد القاضي البيطار عن التحقيقات ويتكرر بذلك سيناريو ما حصل مع سلفه القاضي فادي صوان". مشيراً إلى أن "الاحتمالات كلّها واردة، فمن الممكن أن يتكرر سيناريو القاضي صوان، ومن الممكن ان يتكرر سيناريو القاضي ايليا بالتنحي؛ لذلك يجب انتظار قرار المحكمة النهائي ليبنى على الشيء مقتضاه ونعطي موقفنا القانوني منه".
توازيا، عمم المحامي العام التمييزي، القاضي عماد قبلان، على الأجهزة الأمنية مذكرة التوقيف الصادرة عن القاضي طارق البيطار بحق وزير المالية السابق علي حسن خليل.
استنكار الأهالي
هذا ونظم أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت، وقفة رمزية في الذكرى الشهرية للانفجار، أمام تمثال المغترب في محيط الانفجار.
وأكد المتحدث باسم لجان أهالي الضحايا، "أن هذه الوقفة ستبقى مستمرة كل شهر إلى حين ظهور الحقيقة، وفي ظل مضي السلطة في طمس الجريمة". وقال:" تشكيككم بالمحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار والتهجم على سير عمله يشمل إدانة واضحة لكم ونستنكر التهجم عليه".
الأهالي طالبوا النيابة العامة التمييزية، بالقيام بواجباتها وتنفيذ مذكرات التوقيف، كما طالبوا وزارة الداخلية والمجلس الاعلى للدفاع بإعطاء الاذونات بالملاحقة.
في المقابل، نظّمت اللجنة التأسيسية لعوائل ضحايا انفجار مرفأ بيروت التي يترأسها ابراهيم حطيط، وقفة احتجاجية أمام البوابة رقم 3 في المرفأ. وقال حطيط:" لا للتسييس ولا للتمييع بالتحقيقات ونريد معرفة من أتى بالنيترات ومن حماها وصولا إلى تفجيرها"، محذرة من رفع الدعاوى على البيطار في حال لم يغير مسار التحقيق. وكانت وسائل إعلام محلية في لبنان، اعتبرت أن حطيط خضع للتهديد من قبل حزب الله وحركة أمل، المعارضين للقاضي البيطار، عقب حوادث الطيونة في بيروت، وهو ما دفعه إلى اتباع خط جديد في مواقفه من القضية.
أمام هول الكارثة التي أصابت اللبنانيين في الرابع من أغسطس / آب 2020، عقب انفجار مرفأ بيروت، اعتقد اللبنانيون أن العدالة والمحاسبة آتيتان، في أكبر كارثة شهدتها العاصمة اللبنانية في تاريخها الحديث، أدّت إلى مقتل نحو 220 ضحية وجرح المئات وتهجير الآلاف.
إلا أن تكرار محاولات إحباط التحقيقات، وحتى محاولات التفرقة بين الأهالي، فنّ لا تتقنه سوى الطبقة السياسية في لبنان. طلبات لكف يد القاضي، وحجج بالارتياب المشروع، وإفلات من المثول أمام القضاء، وطمس للحقائق ولحقّ الضحايا والجرحى والمهجّرين، كما أهلهم الذين لم يتركوا مناسبة إلا ونزلوا فيها إلى الشارع.
منذ مطلع شهر يوليو/تموز من العام الجاري، بدأت الحملة على المحقق العدلي بعد ادّعائه على رئيس وزراء لبنان السابق حسان دياب، إضافة الى وزراء سابقين وضباط أمنيين حاليين ومتقاعدين. وترافقت الحملة مع تهديدات للقاضي، ومواقف مطالبة باستبداله على اعتبار انه "مسيس" و"مرتهن لصالح دول خارجية".
"توقيف مؤقت"
بعد ظهر الخميس، أبلغ أحد موظفي قصر العدل المحقق العدلي، القاضي طارق البيطار، في منزله بقرار كف يده عن الملف بشكل "مؤقت"، وتوقيف تحقيقاته، إلى حين تبلغه قرار محكمة الاستئناف وصدور قرارها النهائي.
وذلك، بعد أن قبلت محكمة الاستئناف طلب الردّ المقدم من الوزيرين المدعى عليهما في الملف، علي حسن خليل وغازي زعيتر، ضد رئيس الغرفة رقم 12 في محكمة الاستئناف القاضي نسيب إيليا، الناظر في طلبات الردّ المقدّمة ضد البيطار. ولأن إيليا سبق أن ردّ شكلا كل الدعاوى التي قُدمت بحق البيطار، تنحى عن الملف وتمت إحالة الدعوى المقامة من الوزير السابق المدعى عليه يوسف فنيانوس، الى الرئيس الاول في محكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله. الأخير كلَّف القاضي حبيب مزهر بالقضية، بدلا من القاضي إيليا، لكن وبعد تكليفه قرّر مزهر مع الهيئة في محكمة الاستئناف، إبلاغ القاضي البيطار بهذه الدعوى ومنحه مهلة 3 ايام، للردّ عليها على أن تبتّ بها محاكم الاستئناف في ما بعد. وتبعاً لهذا القرار سيتم إرجاء الجلسة المقررة للنائب والوزير السابق غازي زعيتر، في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
سيناريو صوان ام إيليا؟
وفي حديث خاص لـ "جسور"، أكد المستشار القانوني المحامي وسام عيد، أنه "من الناحية التقنية ما قام به وكلاء الوزير يوسف فينيانوس، قانوني، فلكل شخص حقه في الدفاع عن نفسه عبر الوسائل المتاحة كافة". وتابع "الا انه على المستوى الانساني ما يحصل غير مقبول بظل وجود اكثر من 200 ضحية واكثر من6000 جريح وعاصمة مدمرة ويبقى السؤال ماذا سيفعل القاضي حبيب مزهر؟".
واعتبر عيد، أن الزوبعة الحاصلة اليوم، غير مجدية، اذ ان القرار هو "لزوم ما لا يلزم"، وعلّق "عندما يتبلغ القاضي البيطار طلب الرد بحقه تلقائيًا ترفع يده عن التحقيقات، واذا لم يتبلغ طلب الرد يكمل تحقيقاته بشكل طبيعي، وتالياً لا لزوم لإصدار قرار بتوقيف مؤقت للتحقيقات".
وأضاف المحامي عيد، "لا يوجد قرار نهائي صادر عن محكمة الاستئناف، يُفيد بكف يد القاضي البيطار عن التحقيقات في ملف المرفأ، ونحن بانتظار قرار قبول طلب الرد او رد طلب الرد من قبل القاضي مزهر".
وأشار عيد لـ "جسور"، إلى أنه "في حال قبول طلب الرد تكف يد القاضي البيطار عن التحقيقات ويتكرر بذلك سيناريو ما حصل مع سلفه القاضي فادي صوان". مشيراً إلى أن "الاحتمالات كلّها واردة، فمن الممكن أن يتكرر سيناريو القاضي صوان، ومن الممكن ان يتكرر سيناريو القاضي ايليا بالتنحي؛ لذلك يجب انتظار قرار المحكمة النهائي ليبنى على الشيء مقتضاه ونعطي موقفنا القانوني منه".
توازيا، عمم المحامي العام التمييزي، القاضي عماد قبلان، على الأجهزة الأمنية مذكرة التوقيف الصادرة عن القاضي طارق البيطار بحق وزير المالية السابق علي حسن خليل.
استنكار الأهالي
هذا ونظم أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت، وقفة رمزية في الذكرى الشهرية للانفجار، أمام تمثال المغترب في محيط الانفجار.
وأكد المتحدث باسم لجان أهالي الضحايا، "أن هذه الوقفة ستبقى مستمرة كل شهر إلى حين ظهور الحقيقة، وفي ظل مضي السلطة في طمس الجريمة". وقال:" تشكيككم بالمحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار والتهجم على سير عمله يشمل إدانة واضحة لكم ونستنكر التهجم عليه".
الأهالي طالبوا النيابة العامة التمييزية، بالقيام بواجباتها وتنفيذ مذكرات التوقيف، كما طالبوا وزارة الداخلية والمجلس الاعلى للدفاع بإعطاء الاذونات بالملاحقة.
في المقابل، نظّمت اللجنة التأسيسية لعوائل ضحايا انفجار مرفأ بيروت التي يترأسها ابراهيم حطيط، وقفة احتجاجية أمام البوابة رقم 3 في المرفأ. وقال حطيط:" لا للتسييس ولا للتمييع بالتحقيقات ونريد معرفة من أتى بالنيترات ومن حماها وصولا إلى تفجيرها"، محذرة من رفع الدعاوى على البيطار في حال لم يغير مسار التحقيق. وكانت وسائل إعلام محلية في لبنان، اعتبرت أن حطيط خضع للتهديد من قبل حزب الله وحركة أمل، المعارضين للقاضي البيطار، عقب حوادث الطيونة في بيروت، وهو ما دفعه إلى اتباع خط جديد في مواقفه من القضية.
أمام هول الكارثة التي أصابت اللبنانيين في الرابع من أغسطس / آب 2020، عقب انفجار مرفأ بيروت، اعتقد اللبنانيون أن العدالة والمحاسبة آتيتان، في أكبر كارثة شهدتها العاصمة اللبنانية في تاريخها الحديث، أدّت إلى مقتل نحو 220 ضحية وجرح المئات وتهجير الآلاف.
إلا أن تكرار محاولات إحباط التحقيقات، وحتى محاولات التفرقة بين الأهالي، فنّ لا تتقنه سوى الطبقة السياسية في لبنان. طلبات لكف يد القاضي، وحجج بالارتياب المشروع، وإفلات من المثول أمام القضاء، وطمس للحقائق ولحقّ الضحايا والجرحى والمهجّرين، كما أهلهم الذين لم يتركوا مناسبة إلا ونزلوا فيها إلى الشارع.