الفراغ في سدّة الرئاسة أو الشغور الرئاسي أصبح وكأنه مسألة اعتياديّة ككل المسائل في لبنان. في بلد انهار اقتصاديًّا وماليًّا وأفلس سياسيًّا، تبقى الوطنيّة حاضرة رغم غيابها في القصر الجمهوري. وبدل لمّ الشمل حول انتخاب رئيس، يتمّ لمّ الشمل حول التعطيل عمدًا وتحوّل المجلس النيابي الى مجلس تعطيلي قسرًا!
وإن كان شعار رئاسة الجمهورية برموزه المتجذّرة في الذاكرة الوطنية اللبنانية وأهمّها شجرة الأرز الرمز الخالد للبنان الوطن، يبقى شعار النواب الجدد والقُدامى و"القيّمين" على البلد في انتخاب رئيس: التعطيل.
فماذا يقول القانون؟ وماذا عن دور النواب في التعطيل إلى حين التوافق على إسم المرشّح المُناسب؟ وكيف يمكن صدّه قانونًا؟
المشترع والفكر الأساسي
وفي السياق، يقول المحامي اللبناني أنطوان صفير في حديث لـ"جسور"، "مؤسف حصول الشغور الرئاسي بسبب عدم انتخاب رئيس بعدم إلتآم الجلسة الإنتخابيّة التي لم تفضِ على انتخابه". ويشير صفير الى أن "المشترع في فكره الأساسي عندما تحدّث عن شغور الرئاسة وانتقال الصلاحيّات وكالةً الى الحكومة لم يكُن بباله أن المجلس لن ينعقد لانتخاب رئيس إنما ممكن أن يحصل الشغور لأسباب أخرى مثل وفاة الرئيس وعدم قدرته على ممارسة الحكم أو استقالته أو أسباب أخرى"، مشدّدًا على أن "حالة الشغور في الدستور ليست عملا طبيعيًّا بل هو ظرف استثنائي يجب أن لا يطول لأن ذلك يُناقض المواقف الدستورية والمُهل التي حدّدها الدستور".
التصدي للتعطيل
وعشية محاولة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، وردًّا على سؤال عن كيفية التصدّي لهكذا تعطيل في الجلسات، يوضح صفير انه "يمكن صدّ هذا الموضوع تحديدًا في تحديد النصاب على أنه موجب على النائب أن يحضر إذا كان في لبنان، وأن يأخذ الموقف الذي يراه مناسبًا، لا أن يُعطّل النصاب لأن النصاب وُجد ليُعطي قوّة لانتخاب الرئيس وليس للتعطيل، يعني في حال كان هناك حالة طوارىء أو غيرها لم يتمكّن معها النواب من الحضور لكي لا تستأثر فئة في الرئاسة، لا أن يكون نائبًا موجودًا في لبنان ولا ينتخب".
حتى اليوم، أخفق البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس للجمهورية للمرة الرابعة، في الوقت الذي انتهت فيه ولاية ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول الحالي مع تزايد التحذيرات من أزمة دستورية.
وتشهد البلاد أزمة سياسية واقتصادية عميقة، وفقدت العملة المحلية (الليرة اللبنانية) أكثر من 90% من قيمتها بسبب الاضطرابات الاقتصادية والسياسية، وتفشى الفقر. وأصيبت المنظومة المالية بالشلل، وحُرم المودعون من مدخراتهم في أكثر الأزمات زعزعة للاستقرار منذ الحرب الأهلية.