الانتخابات النيابية المتوقع إجراؤها في شهر مايو/أيار المقبل في لبنان تشق طريقها بصعوبة، فصورة اللوائح لم تتبلور حتى الآن كما جاءت إنسحابات اللحظة الأخيرة لوجوه ناضلت لسنوات مع بعض الاحزاب والتيارات اللبنانية لتغيّر المشهد السياسي.
التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل غابت عنه أسماء برزت خلال حقبة النضال، حيث قرر النائب حكمت ديب الابتعاد لأسباب تتعلق بقيادة التيار في الآونة الأخيرة كما أقصيت وجوه أخرى. أما انسحاب مصطفى علوش الشخصية السنية المناضلة في تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري فجاء مفاجئاً.
لعبة الأوزان
وعن مدى انعكاس هذه الانسحابات المختلفة في الشكل والمضمون، على مصير الاحزاب في الانتخابات النيابية تواصلت "جسور" مع الصحافي اللبناني سيمون أبي فاضل الذي اعتبر أن رئيس الحزب يلعب الدور الأبرز في تحديد وزن الحزب وقوته في نتائج الانتخابات.
أما عن انسحاب النائب حكمت ديب فرأى أنه "لا يشكل ضربة موجعة للائحة التيار الوطني باعتبار أن حجمه الانتخابي لم يكن كبيراً بالتالي ينتهي حضوره في التيار مع اقصائه عنه".
لكن أبي فاضل أشار من جهة أخرى إلى أن "انسحاب ديب له ضرر معنوي على التيار الوطني الحرّ إذ يعكس سعي الأخير للمتاجرة بأصوات مناصريه عبر إسقاط مرشحين مقتدرين على اللائحة لاعتبارات انتخابية فقط".
أبعاد مغايرة
أما انسحاب النائب السابق مصطفى علوش من تيار المستقبل له أبعاد مختلفة، والهدف منه بحسب أبي فاضل "عدم السماح لحزب الله وفريق سوريا في لبنان للتمدد في طرابلس وإغلاق الطريق أمامهم في الانتخابات النيابية المقبلة" وعلوش من سنة طرابلس.
بالتالي يكاد يكون خوض علوش غمار الانتخابات النيابية شبه محسوم "ضمن لائحة يشكلها رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة" وفقاً لأبي فاضل، مع العلم أن السنيورة من مؤسسي تيار المستقبل.
نقطة مهمة لفت إليها أبي فاضل تتمثل بوجود عقبات كبيرة أمام الأحزاب في تشكيل لوائح كاملة "باستثاء الثنائي الشيعي إذ أن قاعدته الشعبية قادرة على تأمين وصول مرشحيه من دون عناء البحث عن تحالفات"
العوامل الثلاثة
في الموازاة رأى المسؤول في جهاز الإعلام في حزب القوات اللبنانية الصحافي شارل جبور، في اتصال مع "جسور" أن الأحزاب كافة تلجأ إلى تغيير عدد من الوجوه عند كل استحقاق نيابي وذلك وفقاً لمعايير معينة وأدوار محددة يراها الحزب مناسبة من دون أن يؤدي ذلك إلى خصومات" إلا أن ما يحصل داخل التيار مختلف، على حد قوله إذ "كل من لا يعاد ترشيحه يترك التيار".
وينطلق جبور في تفسير هذا الواقع بناء لثلاثة عوامل، الأول "أن ما يجمع مناصري التيار ليس قائماً على مصلحة سياسية إنما الهدف منه فقط المصلحة الذاتية والوصول إلى السلطة"
العامل الثاني "عدم اقتناع المناصرين بقيادة التيار" أما العامل الثالث، ربطه جبور بالرئيس اللبناني مؤسس التيار الوطني الحر "الذي تقدم في العمر ولم يعد باستطاعته احتواء المشاكل القائمة في التيار"
الصوت السني يحسم
أما عن انسحاب النائب السابق علوش فأكد جبور "أنه مختلف تماماً، وأهميته تكمن في تغيير موازين القوى في الانتخابات لصالح السياديين"
وأشار جبور الى أن "بعض الشخصيات السنية ترفض ترك الساحة السنية ليتم اختراقها من قبل حزب الله كما فريق سوريا في لبنان، ما استدعى استفاراً وتعبئة سنية من قبلها لأن السنة في لبنان شكلوا رأس حربة سيادية ضد حزب الله منذ عام 2005".
ويتوقع ألا تتوقف التعبئة لتنسحب هذه الديناميكية على كل الدوائر في لبنان.
قرار علوش خوض غمار الانتخابات النيابية، بحسب جبور "ينسجم مع دعوة مفتي الجمهورية إلى عدم مقاطعة الانتخابات كما مع دعوة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى عدم الترشح باسم تياره فقط" .
ولم يخف جبور تخوفه من خلط أوراق قبيل الانتخابات وأن يعمد حزب الله إلى الاطاحة بها لأن العامل السني سيحسم الأمور ضده من دون شك، لكنه رأى في الوقت نفسه أن الحصار على لبنان والانهيار الاقتصادي قد يدفعانه إلى تقبل النتيجة والتكيف معها بطريقة أو بأخرى".