ووفقاً للأرقام الرسمية، التي قدّمتها قيادة الجيش اللبناني، فقد بلغ عدد الناجين 45 شخصاً تمّ إنقاذهم، فيما تمّ انتشال خمس جثث الأحد، إضافة الى جثة طفلة انتشلت مساء السبت، فيما يستمر البحث عن مفقودين محتملين ومعرفة هوياتهم.
روايات لا رواية
وشهدت أحياء مدينة طرابلس توتراً شديداً مع بدء تشييع الضحايا في منطقة البقار في القبة، وسمعت أصوات إطلاق نار كثيف، كما قطعت الطرق توازياً بالإطارات المشتعلة.
لكن "طرابلس، التي فقدت 14 شخصاً حتى الساعة، تعاني مثلها مثل غيرها من المناطق اللبنانية وأكثر، فمنذ 6 أيام لم تحظَ إلّا بساعتين من التيار الكهربائي فقط، إضافة إلى الغلاء الفاحش والتسرب المدرسي والمستقبل المعدوم، وغياب المشاريع والإنماء، كما تعرضت ولا تزال للشيطنة بشكل مرعب"، بحسب الصحافي اللبناني صهيب جوهر، الذي حمّل نواب ووزراء المدينة مسؤولية ما حصل.
وقال جوهر، في حديث لـ"جسور"، إن "المسؤولين في طرابلس لم ينفّذوا أي مشروع حيوي في المدينة، يُمكنه أن يؤمن فرص عمل للشباب الذين باتوا عرضة للمخدرات والتشبيح أو للهجرة غير الشرعية". ولفت جوهر إلى أن ذلك يحصل "برضوخ تام للمسؤولين في المدينة لرغبة بعض الزعماء السياسيين الحاكمين بقوة السلاح، بعدم تنفيذ أي إنماء في طرابلس"، مضيفاً "شباب المدينة أصبحوا ضحايا لأحد الأجهزة الأمنية الذي يقوم بإرسالهم إلى العراق لتوريطهم بأمور معينة".
الارتطام الكبير
وكشف أن "القبضة الأمنية والعسكرية ممسكة بالمدينة، وهناك تجار يتمرسون تنظيم الهجرة غير الشرعية تحت أعين الأجهزة الأمنية التي تعرفهم جيّدا".
وتعليقاً على رواية الأهالي وتحميلهم قيادة الجيش اللبناني مسؤولية الفاجعة التي حصلت، قال جوهر، "أتوقع أن ما حدث يُمكن وضعه في إطار تصرّف فردي لضابط معين، لأن الجيش وقائده لا يسمح بقتل الناس".
ولفت أيضا إلى أننا "في العامين الماضيين، كنا نشهد على السقوط الحر، واليوم نحن نشهد على الارتطام الكبير، والمدينة مقبلة على انفجار اجتماعي، وربما حوادث أمنية كبرى لأن الناس جاعت ولم تعد قادرة على تأمين ثمن ربطة الخبز". لافتاً إلى ضرورة أن يكون التعاطي العسكري منضبطاً مع المدنيّين، وهو "ما لا نشهده عادة، لاسيّما في الاحتجاجات إذ تلجأ الجهات الأمنية إلى القمع".
المواجهة بدل الهروب
بدوره، اعتبر الدكتور يحيى الحسن، وهو ناشط اجتماعي في طرابلس، في حديث لـ"جسور"، أن "السياسيين يتحملون مسؤولية ما جرى، فجميع القطاعات في لبنان انهارت، ومافيا السلاح والسلطة أوصلت اللبنانيين لتفضيل الموت على الحياة، ودفعتهم بنفسها إلى البحار".
وتابع: "إذ لم يعد بإمكان اللبناني العيش أو العمل أو حتى الزواج أو النجاح في أي مجال، لكن أدعو من يفكّرون بالمخاطرة بحياتهم إلى المواجهة بدلاً من الهروب وتعريض حياتهم وحياة أطفالهم للخطر".
وأضاف: "الرحمة للأموات والأحياء الذين باتوا بأمس حاجة للرحمة، نظرا لصعوبة الوضع، فرجال السياسة يتنعمون بثراوتهم بينما الشعب يعيش في العتمة والفقر والجوع من دون مستقبل، لكن المضحك المبكي أن هؤلاء يحاولون التجديد لأنفسهم وطلب الثقة مرة جديدة من الناس، الذين اعتادوا على العيش في نظام فاسد وزبائني، يطبق فيه القانون على الضعيف فقط".
رواية الناجين والجيش
وعكست رواية بعض الناجين، التي لم يتمّ التأكد من صحتها إلى حينه، عن اصطدام زورق لخفر السواحل اللبنانية بزورق "رحلة الموت"، توتراً في طرابس، حيثُ طالب الأهالي قيادة الجيش بتحديد المسؤوليات وإنهاء التحقيقات.
وكان والد فُجع بأطفاله الـ 3 الذين كانوا على متن زورق طرابلس، قد حمّل "نقيباً في الجيش اللبناني مسؤولية حادث غرق الزورق"، زاعماً أنّه "قام مركباً قام بملاحقتهم في البحر ما تسبب بالحادث"، وتوجه إلى قيادة الجيش لتحمّل مسؤولياتها. وأشار الوالد، إلى أنّهم استقلّوا قارباً ثمنه يفوق الـ 40 ألف دولار، وهو مجهز بكل سبل النجاة، إضافة إلى "GPS" لتحديد الوجهات.
هذا الأمر يتعارض مع بيان للجيش وحديث لقائد القوات البحرية في الجيش اللبناني العقيد الركن هيثم ضناوي، الذي أكد في مؤتمر صحافي، الأحد، أن "المركب الذي غرق هو مركب صغير صنع في العام 1974، طوله عشرة امتار وعرضه 3 امتار والحمولة المسموح بها هي 10 اشخاص فقط".
وتابع العقيد الركن أنه "لم يكن هناك سترات انقاذ ولا اطواق نجاة" في المركب، وشدد على ان "الجيش حاول منع المركب من الانطلاق ولكنه كان اسرع منا"، وقال: "حمولة المركب لم تكن تسمح له بان يبتعد عن الشاطىء ولم يقتنعوا من عناصرنا الذين يعانون معاناتهم نفسها، وقائد المركب اتخذ القرار بتنفيذ مناورات للهروب من الخافرة بشكل ادى الى ارتطامه".
شتائم وصراخ
على صعيد آخر، توترت الأجواء في المدينة عند مرفأ طرابلس، بعدما حاول الأهالي منع وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني هيكتور حجار، موفداً من رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، من إكمال تصريحه الصحافي.
وانهال الأهالي عليه وعلى المسؤولين بالشتائم والصراخ. كما نشب توتر على حاجز الريفا – طرابلس بين الأهالي والجيش.
وفي وقت سابق، أعلن المكتب الإعلامي لوزارة الصحة العامة في لبنان ببيان، أن "الوزارة أبلغت مستشفيات منطقة الشمال إستقبال جرحى حادثة الزورق كما جثامين الضحايا وإتمام الإجراءات اللازمة لتسليم الجثامين إلى الأهالي".
وأوضح مدير العناية الطبية في الوزارة الدكتور جوزف الحلو أن "الفرق الطبية التابعة للوزارة تنسق إجراءات الإغاثة مع الجيش والصليب الأحمر في مرفأ طرابلس، حيث تمت المعالجة الفورية في المكان نفسه لـ36 شخصا أصيبوا بجروح طفيفة ونقل ثمانية جرحى إلى المستشفيات التي اتمت علاجهم قبل مغادرتهم فجرا".
هذا وتم إدخال جريحين إضافيين قبل الظهر إلى المستشفى الإسلامي.
مواقع التواصل
وأثارت هذه الحادثة غضب رواد مواقع التواصل الإجتماعي الذين أعربوا عن امتعاضهم، محملين الدولة والمسؤولين الطامحين إلى تجديد ولايتهم في الانتخابات النيابية المقبلة كامل المسؤولية، كما تصدر وسم #طربلس موقع "تويتر" منذ مساء السبت.
يا بحرُ لُطفًا بمن خاض غمارك هاربا... مِن جور مَن في الأرض بالظُلم قد حَكموا... #طرابلس #مراكب_المهاجرين #لبنان pic.twitter.com/IpwtQBBJGH
— kameel Rayes (@KameelRayes) April 24, 2022
بكاء وصرخات ووجع اهالي #طرابلس وقائع تكسرنا وتدمينا.. لا وصف لما يعيشه الناس في كل بقعة من لبنان. خصوصا في طرابلس المدينة التي تدفع دائما الثمن الاكبر عن كل الناس عن لكل هذا اليأس والوجع والفقر الذي سببته هذه السلطة وحيتانها.. انهم يبتلعوننا احياء.. الله يساعد طرابلس..
— Salman Andary (@salmanonline) April 24, 2022
كم شخص بلبنان العظيم عندو نفس الفكرة؟ الهرب من الموت البطيء للموت السريع 😓🤦🏻♀️💔#طرابلس#زورق_طرابلس #طرابلس_حزينة pic.twitter.com/MpYVKIeCdr
— Carmen Lebbos - كارمن لبس (@C_lebbos) April 24, 2022
الصلاة لضحايا #طرابلس والدعاء بالصبر لاهلهم واقاربهم 🙏🏼 غير هيك كلام فارغ وعواطف كاذبة!
— 🇱🇧 Rachel Karam 🇱🇧 (@KaramRachel) April 24, 2022
ويلي بدو يرّد عوقاحة السياسيين، الانتخابات جايي وصناديق الاقتراع فيا تتحول لصناديق موت لكل مسؤول عن الاهمال والفقر واليأس بهالمدينة الحلوة#طرابلس_تنزف pic.twitter.com/hBJoqLookm
من مرفأ بيروت لمرفأ #طرابلس المجرم دولتي! pic.twitter.com/ukAzvgmZAO
— Samia Khaddaj (@samiakhaddaj) April 23, 2022
#طرابلس اليوم تختصر ماساة كل الوطن
— Hassan Moukalled - حسن مقلد (@hasmokaled) April 24, 2022
مدينة كما #لبنان عندها كل مقومات القوة والازدهار والنجاح ..
تدفن كما لبنان في البحر