لم تؤد موجة التظاهرات الواسعة والمستمرة منذ ما يقارب الأسبوع في بغداد إلى تحريك الجمود السياسي، بل يزداد الوضع تعقيداً مع دخول الأزمة شهرها العاشر منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر/تشرين الأول من العام المنصرم. ويشتد تصلب الطرفين المتصارعين، التيار الصدري الداعي إلى التظاهرات من جهة، والإطار التنسيقي الموالي لإيران من جهة أخر، إذ يصر التيار الصدري على حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية جديدة فيما يشترط الإطار التنسيقي تشكيل حكومة جديدة وتعديل القانون الانتخابي للموافقة على طرح التيار.
في المقابل، بدا لافتاً حراك رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت في الأيام الأخيرة حيث أجرت سلسلة لقاءات مع قيادات سياسية شيعية، أبرزها السيد مقتدى الصدر في النجف، وهادي العامري زعيم تحالف "الفتح" المنضوي تحت لواء "الإطار التنسيقي"، بغية تهيئة أجواء للحوار بين الأطراف المتنازعة.
لا حلول مع بلاسخارت
لا يرى المحامي والخبير القانوني أمير الدعمي في حراك بلاسخارت أي فائدة، مشيراً في حديث لـ"جسور" إلى أنها "لم تكن يوماً جزءاً من الحل بل كانت أساس المشكلة، لعدم نقلها بمصداقية واقع الشعب العراقي، وعدم وقوفها على مسافة واحدة من كافة الأطراف بل تفضيلها كل مرة لجهة عراقية مختلفة بناءً لمصالحها"، مؤكدا ًبالتالي عدم قدرتها على فرض أي حلول "لن تنجح بدفع أي من الطرفين إلى التنازل لصالح الآخر رغم انقسام الإطار وميل قسم منه إلى طرح السيد مقتدى الصدر".
عقبات سياسية وقانونية
المشكلة في العراق، لا يمكن إنهاؤها عبر حل البرلمان كما يشرح الدعمي "إنها مشكلة ثقة بين طرفين يملكان تأثيراً كبيراً في الساحة العراقية" مؤكداً ضرورة "فوز طرف على آخر في نهاية المطاف".
وفي ظل "تمسك الإطار بتشكيل الحكومة ودعوة التيار إلى حل البرلمان" يتابع الدعمي أن عراقيل عديدة سياسية وقانونية تواجه الطرفين "فسياسياً لن يتمكن الإطار من عقد جلسة خصوصاً وأن بعض شركائه، وعلى رأسهم التقدم والسيادة، يرفضون هذه الخطوة ويدعون إلى حل البرلمان".
من جهة ثانية، لفت إلى أن "حل البرلمان" ما دونه عقبات قانونية ويستلزم اتخاذ إجراءات عديدة قبل المباشرة به " تبدأ بانتخاب رئيس جمهورية ثم تشكيل حكومة موقتة بكامل الصلاحيات مع احتمال تخصيص ميزانية لها لإجراء الانتخابات".
وكخبير قانوني أكد أنه "لا يمكن لرئيس الجمهورية الحالي طلب حل البرلمان لأنه غير منتخب من قبل المجلس الجديد كما لا يمكن لحكومة تصريف الأعمال ذلك باعتبار أنها ناقصة الصلاحية" بالتالي يترك القرار "للبرلمان في حل نفسه وفقاً للمادة 64 عبر النصف زائدا واحدا" كما أفادنا الدعمي.
الحل في تعديل الدستور؟
يرجح الدعمي أن يتخذ التيار الصدري، بعد العاشر من محرم "خطوة تصعيدية كبيرة للضغط شعبياً على الإطار التنسيقي العاجز لإجباره على حل البرلمان في ظل عجزه عن عقد أي جلسة أو تشكيل حكومة" إلا أنه يؤكد أن "حل البرلمان من شأنه تأجيل الأزمة وإطالة أمدها من خلال إعادة البلاد إلى دوامة حكومة الأغلبية والحكومة التوافقية" رغم اعتباره أن "لا حكومة مقبلة يمكنها مقاومة المد البشري الضاغط في الشارع".
لذلك يؤكد أن الحل يجب أن يكون جذرياً "المشكلة الرئيسية تكمن في الدستور والنظام العراقي الذي بني عام 2005 على أساس المحصاصات وغلبته الأعراف بالتالي الحل يبدأ من تعديل الدستور".
ويرفض الدعمي ما يروجه البعض أن الدستور العراقي جامد "هذا الكلام غير صحيح إذ ورد تعديل الدستور في مادتين، قد تكون الأولى جامدة لكن الثانية مرنة (المادة 142 و126 ) كما أن لجنة كلفت في البرلمان الماضي لتعديل الدستور تم تعطيل عملها لحسابات سياسية" لافتاً الى أن "معظم دول العالم العظمى عدلت دساتيرها عشرات المرات".
وأشار إلى أنه "يجدر بالطبقة السياسية الجلوس الى الطاولة ثم تعليق الدستور وتأليف لجنة لكتابة دستور جديد، على أن يعرض للاستفتاء من قبل الشعب العراقي فقرة فقرة."
من جهة أخرى أعلن الدعمي أن السيد مقتدى الصدر "في أول تغريدة له طرح تغيير النظام وتعديل الدستور ثم تراجع وانتقل للمطالبة بحل البرلمان بعد اعتراض شركائه الأكراد على الأمر لخشيتهم من فقدان المكاسب التي غنموها من هذا الدستور" كما أكد أن معظم الأطراف السياسية الأخرى في العراق تعترف أن المشكلة بالدستور وترغب بتعديله لكنها لا تملك الجرأة لذلك".