سياسات السرقة والفساد وتفقير المواطن اللبناني مستمرّة عن سابق تصوّر وتصميم. فرغم أن سعر صرف الدولار انخفض الى ما دون الـ20 ألفاً، لا زالت أسعار السلع تُباع بسعر الـ35 ألفا والقليل منها فقط انخفض سعره بنسبة ضئيلة جداً. وبالرغم من اعتراضات المواطنين والمناشدات للمعنيين للتحرك أمام هذا المشهد، يبقى دائماً وأبداً الصمت من الطبقة الحاكمة مدو ليطغى عليه جشع التجار وأصحاب السوبرماركت.
فلماذا لم تنخفض أسعار السلع مع انخفاض الدولار؟ ولماذا الإصرار على نهب واستجرار المواطن الى الحضيض؟ وما هو الاقتراح لمواجهة دولة شريعة الغاب؟
التواطؤ والمافياوية
يجيب رئيس جمعية حماية المستهلك في لبنان زهير برو عن هذه الأسئلة في حديث لـ "جسور"، ويقول ان الجمعية ترى أن هذه المقاربة اثبتت فشلها منذ ما قبل الانهيار الكبير وعلاج النتائج لا ينفع بل هو تعمية وابتعاد عن علاج الأسباب الرئيسية." موضحاً أن "الاسعار الجنونية هي واحدة من اعراض السرطان اللبناني الذي سببته طبيعة النظام الطائفي المافيوي واعراض هذا المرض كثيرة اهمها: تواطئ السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية مع المصارف وكبار التجار والهجرة والفقر وانهيار الخدمات الاساسية التي وجدت الدولة لتأمينها."
العلاج .. بديل الطرابيش
ويعتبر برو ان "العلاج يبدأ من فوق بثلاثة ادوية طارئة تحدّ من ارتفاع الدولار وتشكّل البديل لتركيب طرابيش (حاكم مصرف لبنان) رياض سلامة ودعم التجار والمصارف الذي يستنزف يومياً ما تبقى من اموال المودعين بإقرار خطة التعافي ووقف خروج العملة الصعبة فورا واقرار قانون المنافسة وجدولة دفع الودائع بالدولار إسبوعيا، اسوة بكل دول العالم، بدلا من دفعها وتهريبها يوميا للسياسيين والتجار المحظيين وهذا سيؤدي فورا الى انخفاض سعر الدولار مما ينعكس ارتفاعا للقدرة الشرائية للأجور خلال ايام إضافة إلى دعوة المغتربين اللبنانيين للتجارة المباشرة مع المناطق والقرى والأسواق اللبنانية لتخطي احتكار عصابة تجار السياسة وعائلاتهم الذين يهيمنون على الاسواق وعلى المعابر."
الضحايا والمحتكرون
بدوره، يرى الخبير والمحلل الإقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة في حديث لـ"جسور" أن الدولار انخفض بنسبة 30% والأسعار لم تنخفض الا انه وبحسب قول القيمين على القطاع التجاري فان الأسعار انخفضت بنسبة 5 أو 16% الا أننا لا نعرف مدى صحة هذه الارقام فضلاً عن أن المواطن اللبناني لم يشعر أبداً بهذا الإنخفاض لا بل على العكس هناك أسعار سلع قد ارتفعت."
ويوضح عجاقة أنه "عملياً عندما يكون في الاقتصاد ظاهرة احتكار ، لا تكون الأسعار مرنة فترتفع الأسعار ولا تنخفض. وعندما لا يكون الاحتكار موجوداً تصبح الأسعار مرنة بشكل كبير جدا وبسرعة. وفي لبنان، الاحتكار موجود وقلة قليلة من التجار الكبار يحتكرون السوق ما ينعكس سلبا على التجار الصغار "الضحايا".
مواجهة شريعة الغاب
ويشير الى أنه "بغياب الرقابة، كمواطنين لا يمكننا فعل اي شيء خصوصا وأن الدولة هي الأساس ووجودها مبرّر بحماية مصلحة المواطنين، واذا قصّرت بواجباتها فهذا يعني أننا أصبحنا بدولة شريعة الغاب حيث يعيش الأقوى". ويقترح عجاقة ما يمكن للمواطنين فعله وهو مقاطعة السوبرماركت والالتزام بهذه الخطوة إضافة الى مقاطعة اللحوم وسلع السوبرماركت وتشجيع الدكاكين الصغيرة وكل ما هو بلدي".