انتخاب المجلس النيابي اللبناني الجديد قبل أسبوعين، اعتُبر بداية لمرحلة مصيرية تؤسس لمستقبل لبنان، لأنّ اللبنانيّين أمام استحقاقات مفصلية عدة، تبدأ بانتخاب رئيس للمجلس الجديد ونائبه، بحسب القواعد الدستورية والميثاقية، ثم تأليف حكومة تنفّذ الإصلاحات وتضع خطة تعافٍ لفرملة الانهيار، وصولاً إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. انتخاب رئيس البرلمان ونائبه جرى اليوم الثلاثاء، وأعاد خلط الأوراق لناحية التغيير المأمول من الانتخابات الأخيرة.
بغض النظر عن الأصوات وتوزعها، سجّل رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أنه أكثر من انتُخب رئيساً لمجلس النواب وأكثر من أمضى سنوات في سدة الرئاسة الثانية في البلاد، بعد إعادة انتخابه لولاية سابعة على التوالي تخولّه دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية. فأجواء الجلسة النيابية اليوم، ستعكس بلا شك صورة المشهد الذي ستكون عليه البلاد في الأيام والأشهر المقبلة، وكيفية الاصطفافات بين مكونات المجلس النيابي الجديد لمواجهة التحديات المرتقبة، وأبرزها الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي يرزح تحت وطأته البلد.
معركة محسومة!
في ظلّ غياب أي منافس للرئيس نبيه بري على موقع رئاسة البرلمان مع حيازة الثنائي "حزب الله" و"حركة أمل" على كافة المقاعد المُخصصة نيابياً للطائفة الشيعية (27 نائباً)، فاز الأخير، برئاسة مجلس النواب اللبناني لدورة سابعة بحصوله على 65 صوتاً في انخفاض كبير عن عدد الأصوات التي حصل عليها في المرة الماضية إذ حصل على 93 صوتاً.
وشهد الاقتراع على انتخاب رئيس مجلس النواب تصويتاً احتجاجياً، إذ صوت عدد كبير من النواب بـ"العدالة لمرفأ بيروت" و"العدالة للقمان سليم"، و"الجمهورية القوية"، ولدى إعلان كل ورقة منها قال نبيه بري "ملغاة".
وكرّر بري كلمة "ملغاة" مرات عدة لدرجة أنه قال "ملغاة" لدى الإعلان عن صوت له، وهو ما أثار ضحك النواب.
وقد فاز النائب الياس بو صعب بمنصب نائب رئيس البرلمان في الدورة الثانية بالغالبية المطلقة، بـ64 صوتا مقابل 49 صوت لسكاف، و13 ورقة بيضاء، وورقتين ملغاة. وذلك بعدما لم يصل في الدورة الأولى إلى مجموع أصوات النصف زائداً واحداً، أي 65 صوتاً من أصل 128 نائباً.
ومع اجتماع النواب في ساحة النجمة، أطلق أهالي ضحايا وجرحى انفجار مرفأ بيروت صرخة من أمام تمثال المغترب محاطون بنواب التغيير، وصولاً إلى المجلس النيابي. كما أعيد رفع قبضة الثورة في ساحة الشهداء تزامناً مع الحدث، وتأكيداً على ما ترمز إليه ثورة 17 أكتوب/تشرين الأول 2019.
"فوز بطعم الخسارة"
وعن هذا الخصوص، تحدث الكاتب والمحلل السياسي، فيصل عبد الساتر، في اتصال مع "جسور"، لافتا إلى أنّ "فوز بري بولاية سابعة لرئاسة المجلس بـ67 صوتا يعني أن فوزه قياسا بالسنوات الماضية هو فوز بطعم الخسارة"، قائلا: "الواضح أننا دخلنا مرحلة الاستعصاء السياسي منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب، وفوز بري بـ 65 صوتا يعني أيضا أنّ هناك 63 نائبا ليسوا مع هذا الترشيح رغم أنه ترشيحا آحاديا كون ليس هناك أي منافس لبري".
وأضاف عبد الساتر، "إن حال الإعتراض التي تسود الواقع اللبناني ربما ستنسحب أيضا على بقية الاستحقاقات"، متسائلا: "هل يراد أخذ البلد إلى مزيد من المواجهات السياسية المحتدمة؟"، وشرح أنّ الامتحان الأول يكون فيمن ستتم تسميته لتشكيل الحكومة اللبنانية المقبلة.
وفيما أكد عبد الساتر، "أن الأمور فيها الكثير من خلط الأوراق"، أشار إلى أنّ "هناك من يعمل على تكريس مبدأ الأكثرية والأقلية، وهناك من لا يزال يتحدث عن حكومة الشراكة الوطنية أي بمشاركة جميع الأطياف اللبنانية والكتل النيابية".
حلقة مفرغة!
في السياق، رأى عبد الساتر في حديثه لـ"جسور"، "أننا أمام حلقة مفرغة في السياسة اللبنانية، علما أن الواقع اللبناني هو أصعب بكثير مما يفكّر فيه البعض، وأن لبنان الذي ينتظر على قارعة الطريق ليس هناك من يمدّ يدّ العون له ليتخطى الصعاب التي يتخبّط بها الواقع اللبناني، فهل المطلوب اليوم أن نمشي في سياسة الكيد؟ أم المطلوب أن نتجاوز نتائج الانتخابات النيابية والإصطفافات السياسية الحادة؟" يتساءل عبد الساتر.
وللإجابة على هذه الأسئلة يقول عبد الساتر إنه "يجب انتظار بلورة الصورة أكثر فأكثر، وهذا مرهون بمزاج الكتل النيابية التي ستذهب إلى الإستشارات النيابية إما أن تكون برؤى واضحة وإما أن تعيد لعبة الكيد السياسي الذي سيدخل البلاد في مزيد من المشكلات".
كيد سياسي
ورجّح الكاتب والمحلل السياسي، أن "الأمور ليست سهلة على الإطلاق، وأن فكرة الكيد السياسي ستسيطر مجددا على طبيعة الإستحقاقات المقبلة، خصوصا وأن المجلس النيابي الحالي سيكون من مهامه الأساسية أيضا إنتخاب رئيس للجمهورية قبل أن تنتهي ولاية رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل".
وأكد عبد الساتر أنّ "الشعب اللبناني يتطلع إلى حكومة تكون على رأس أولوياتها الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد، ووضع حد للفلتان في سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، والغلاء الفاحش في المواد الأساسية ومنها المحروقات والمواد الغذائية"، مبينا أن "ليس هناك من رؤية تحكم الذين يتنافسون اليوم على طبيعة شعارات، قائلا: "لا أعتقد ان اللبنانيين اليوم ممكن أن يكونوا في إطار الدخول في مثل هذا النوع من الشعارات أو الغلبة السياسية هنا وهناك"، لذلك من الواضح بحسب عبد الساتر أن هناك ميلا عند الكثير من القوى في لبنان لإعادة ترشيح نجيب ميقاتي ليكون رئيسا للحكومة، وإن كانت أسهم البعض مرتفعة.
وتساءل: "هل يكون البديل من قبيل السفير نواف سلام أو غيره من الشخصيات الأخرى"، هذا كله مرهون بالمشاورات النيابية التي سيجريها رئيس الجمهورية في القادم من الأيام." يختم عبد الساتر.
استشارات
الاستحقاق المقبل الذي يتعين على البرلمان خوضه بعد انتخاب رئيسه هو المشاركة في استشارات يفترض أن يبدأها رئيس الجمهورية ميشال عون المتحالف أيضا مع حزب الله، مع الكتل النيابية، على أن يسمي على أساسها شخصية سياسية تشكل حكومة جديدة.
في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، خسر حزب الله، القوة السياسية الأبرز في البلاد التي تمتلك ترسانة عسكرية ضخمة، مع حلفائه الأكثرية البرلمانية. وبين القوى التقليدية، تمكن حزب القوات اللبنانية، أبرز خصوم الحزب، من الفوز بمقاعد إضافية وبات يشكل مع نائب حليف كتلة مسيحية وازنة من 19 نائباً.
وتقع على عاتق البرلمان الجديد مسؤولية إقرار مشاريع قوانين وإصلاحات ملحّة يشترطها صندوق النقد الدولي من أجل دعم لبنان الغارق منذ خريف 2019 بانهيار اقتصادي صنفه البنط الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي، بات أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة. وخسرت الليرة اللبنانية نحو 95 في المئة من قيمتها أمام الدولار.
بغض النظر عن الأصوات وتوزعها، سجّل رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أنه أكثر من انتُخب رئيساً لمجلس النواب وأكثر من أمضى سنوات في سدة الرئاسة الثانية في البلاد، بعد إعادة انتخابه لولاية سابعة على التوالي تخولّه دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية. فأجواء الجلسة النيابية اليوم، ستعكس بلا شك صورة المشهد الذي ستكون عليه البلاد في الأيام والأشهر المقبلة، وكيفية الاصطفافات بين مكونات المجلس النيابي الجديد لمواجهة التحديات المرتقبة، وأبرزها الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي يرزح تحت وطأته البلد.
معركة محسومة!
في ظلّ غياب أي منافس للرئيس نبيه بري على موقع رئاسة البرلمان مع حيازة الثنائي "حزب الله" و"حركة أمل" على كافة المقاعد المُخصصة نيابياً للطائفة الشيعية (27 نائباً)، فاز الأخير، برئاسة مجلس النواب اللبناني لدورة سابعة بحصوله على 65 صوتاً في انخفاض كبير عن عدد الأصوات التي حصل عليها في المرة الماضية إذ حصل على 93 صوتاً.
وشهد الاقتراع على انتخاب رئيس مجلس النواب تصويتاً احتجاجياً، إذ صوت عدد كبير من النواب بـ"العدالة لمرفأ بيروت" و"العدالة للقمان سليم"، و"الجمهورية القوية"، ولدى إعلان كل ورقة منها قال نبيه بري "ملغاة".
وكرّر بري كلمة "ملغاة" مرات عدة لدرجة أنه قال "ملغاة" لدى الإعلان عن صوت له، وهو ما أثار ضحك النواب.
وقد فاز النائب الياس بو صعب بمنصب نائب رئيس البرلمان في الدورة الثانية بالغالبية المطلقة، بـ64 صوتا مقابل 49 صوت لسكاف، و13 ورقة بيضاء، وورقتين ملغاة. وذلك بعدما لم يصل في الدورة الأولى إلى مجموع أصوات النصف زائداً واحداً، أي 65 صوتاً من أصل 128 نائباً.
ومع اجتماع النواب في ساحة النجمة، أطلق أهالي ضحايا وجرحى انفجار مرفأ بيروت صرخة من أمام تمثال المغترب محاطون بنواب التغيير، وصولاً إلى المجلس النيابي. كما أعيد رفع قبضة الثورة في ساحة الشهداء تزامناً مع الحدث، وتأكيداً على ما ترمز إليه ثورة 17 أكتوب/تشرين الأول 2019.
"فوز بطعم الخسارة"
وعن هذا الخصوص، تحدث الكاتب والمحلل السياسي، فيصل عبد الساتر، في اتصال مع "جسور"، لافتا إلى أنّ "فوز بري بولاية سابعة لرئاسة المجلس بـ67 صوتا يعني أن فوزه قياسا بالسنوات الماضية هو فوز بطعم الخسارة"، قائلا: "الواضح أننا دخلنا مرحلة الاستعصاء السياسي منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب، وفوز بري بـ 65 صوتا يعني أيضا أنّ هناك 63 نائبا ليسوا مع هذا الترشيح رغم أنه ترشيحا آحاديا كون ليس هناك أي منافس لبري".
وأضاف عبد الساتر، "إن حال الإعتراض التي تسود الواقع اللبناني ربما ستنسحب أيضا على بقية الاستحقاقات"، متسائلا: "هل يراد أخذ البلد إلى مزيد من المواجهات السياسية المحتدمة؟"، وشرح أنّ الامتحان الأول يكون فيمن ستتم تسميته لتشكيل الحكومة اللبنانية المقبلة.
وفيما أكد عبد الساتر، "أن الأمور فيها الكثير من خلط الأوراق"، أشار إلى أنّ "هناك من يعمل على تكريس مبدأ الأكثرية والأقلية، وهناك من لا يزال يتحدث عن حكومة الشراكة الوطنية أي بمشاركة جميع الأطياف اللبنانية والكتل النيابية".
حلقة مفرغة!
في السياق، رأى عبد الساتر في حديثه لـ"جسور"، "أننا أمام حلقة مفرغة في السياسة اللبنانية، علما أن الواقع اللبناني هو أصعب بكثير مما يفكّر فيه البعض، وأن لبنان الذي ينتظر على قارعة الطريق ليس هناك من يمدّ يدّ العون له ليتخطى الصعاب التي يتخبّط بها الواقع اللبناني، فهل المطلوب اليوم أن نمشي في سياسة الكيد؟ أم المطلوب أن نتجاوز نتائج الانتخابات النيابية والإصطفافات السياسية الحادة؟" يتساءل عبد الساتر.
وللإجابة على هذه الأسئلة يقول عبد الساتر إنه "يجب انتظار بلورة الصورة أكثر فأكثر، وهذا مرهون بمزاج الكتل النيابية التي ستذهب إلى الإستشارات النيابية إما أن تكون برؤى واضحة وإما أن تعيد لعبة الكيد السياسي الذي سيدخل البلاد في مزيد من المشكلات".
كيد سياسي
ورجّح الكاتب والمحلل السياسي، أن "الأمور ليست سهلة على الإطلاق، وأن فكرة الكيد السياسي ستسيطر مجددا على طبيعة الإستحقاقات المقبلة، خصوصا وأن المجلس النيابي الحالي سيكون من مهامه الأساسية أيضا إنتخاب رئيس للجمهورية قبل أن تنتهي ولاية رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل".
وأكد عبد الساتر أنّ "الشعب اللبناني يتطلع إلى حكومة تكون على رأس أولوياتها الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد، ووضع حد للفلتان في سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، والغلاء الفاحش في المواد الأساسية ومنها المحروقات والمواد الغذائية"، مبينا أن "ليس هناك من رؤية تحكم الذين يتنافسون اليوم على طبيعة شعارات، قائلا: "لا أعتقد ان اللبنانيين اليوم ممكن أن يكونوا في إطار الدخول في مثل هذا النوع من الشعارات أو الغلبة السياسية هنا وهناك"، لذلك من الواضح بحسب عبد الساتر أن هناك ميلا عند الكثير من القوى في لبنان لإعادة ترشيح نجيب ميقاتي ليكون رئيسا للحكومة، وإن كانت أسهم البعض مرتفعة.
وتساءل: "هل يكون البديل من قبيل السفير نواف سلام أو غيره من الشخصيات الأخرى"، هذا كله مرهون بالمشاورات النيابية التي سيجريها رئيس الجمهورية في القادم من الأيام." يختم عبد الساتر.
استشارات
الاستحقاق المقبل الذي يتعين على البرلمان خوضه بعد انتخاب رئيسه هو المشاركة في استشارات يفترض أن يبدأها رئيس الجمهورية ميشال عون المتحالف أيضا مع حزب الله، مع الكتل النيابية، على أن يسمي على أساسها شخصية سياسية تشكل حكومة جديدة.
في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، خسر حزب الله، القوة السياسية الأبرز في البلاد التي تمتلك ترسانة عسكرية ضخمة، مع حلفائه الأكثرية البرلمانية. وبين القوى التقليدية، تمكن حزب القوات اللبنانية، أبرز خصوم الحزب، من الفوز بمقاعد إضافية وبات يشكل مع نائب حليف كتلة مسيحية وازنة من 19 نائباً.
وتقع على عاتق البرلمان الجديد مسؤولية إقرار مشاريع قوانين وإصلاحات ملحّة يشترطها صندوق النقد الدولي من أجل دعم لبنان الغارق منذ خريف 2019 بانهيار اقتصادي صنفه البنط الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي، بات أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة. وخسرت الليرة اللبنانية نحو 95 في المئة من قيمتها أمام الدولار.