مع رفع اسم من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول ذات المخاطر العالية في مجالي مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتفاؤله بنجاح خطواته اللاحقة، توالت الردود المرحّبة بهذه الخطوة واصفة إياها بأنها انفراجة كبيرة اقتصاديا وسياسيا مع اتجاه البلاد نحو إعادة الإعمار.
وفي أيار/ مايو 2020، صنّفت المفوضية الأوروبية العراق الى جانب دول أخرى، منها أفغانستان وباكستان وسوريا واليمن وإيران وكوريا الشمالية، ضمن قائمة الدول التي تشكل مخاطر مالية على الاتحاد الأوروبي، بسبب القصور في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، و"باتت تمثل تهديداً للنظام المالي للاتحاد".
مسار تبلور الاجراء
وفي التفاصيل، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، أنّ الوزارة نجحت بإعادة نشاط 169 شركة ومؤسسة عراقية من بين 230 كياناً حُظرت بقرار تصنيف من الدول عالية الخطورة، وإنها تسعى لرفع الحظر عن باقي الكيانات".
وأوضح أنّ "وزير الخارجية بعد لقائه عدداً من نظرائه الأوروبيين ومسؤول السياسات والأمن في الاتحاد الأوروبي وشخصيات أخرى رفيعة المستوى، نجح في كسب أصواتهم ودعمهم لرفع العراق من اللائحة كلياً في وقت قريب جداً".
وبيّن الصحاف أنّ "الكيانات والمؤسسات المشمولة بالحظر يمتد عملها إلى مختلف القطاعات كالاستثمار والاقتصاد والصناعة والقطاعات الأخرى، وأنّ رفع الحظر عنها سيضيف دعماً للاقتصاد الداخلي ويسهل تعاونها مع الحكومة".
وعن هذه الخطوة وتأثيرها على الاقتصاد العراقي، تحدث الخبير الإقتصادي، حازم هادي السعيد، في حديث لـ"جسور"، لافتا إلى أنّ خروج العراق من لائحة الدول عالية المخاطر سينعكس إيجابا على الإقتصاد العراقي بشكل كبير لاسيما وأنه يعطي ضمانة أكيدة للمستثمر في العراق وبالتالي يخفّف من نسب البطالة المرتفعة وتفشي الفقر بشكل مقلق في البلاد.
وفي السياق، رأى السعيد أنّ هذه خطوة جيّدة وتخلق جوا من الأمان والإستقرار الإقتصادي مما يزيد من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويجعله في وضع إقتصادي ومالي جيّد يحفظ له مكانته بين الدول لا سيما في منطقة الشرق الأوسط .
تشجع الاستثمار الأجنبي
ويقول السعيد لـ"جسور" إن إعادة تصنيف العراق ضمن الدول التي تستطيع تسديد الديون ولا توجد عليها شبهات فساد او تبيض اموال، سيساهم في زيادة النظرة الايجابية للمستثمر الدولي باتجاه البيئة العراقية، مشددا على أن النظام المصرفي حاليا مطالب بزيادة قدرته وتبني معايير الابلاغ الدولي لكي تستطيع المصارف العراقية وبشكل سريع أن تكون جزءا من النظام المالي الدولي.
دبلوماسية فاعلة
وسبق لرئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن رأى في رفع اسم العراق من قائمة الدول عالية المخاطر خطوة نحو تكريس الدبلوماسية الفاعلة.
وتعليقا على ما تقدّم، رأى رئيس قسم الصحافة في جامعة اهل البيت، الدكتور غالب الدعمي، في اتصال مع "جسور"، أنّ المواقف الإيجابية إزاء العراق بدلت وجهة نظر الدول العربية والدولية للعراق ذلك بفضل سياسة الحكومة الحالية، الحكيمة والهادئة والتي استطاعت أن تُبعد البلاد عن كل محاور الصراع، فلم يكن العراق جزءا من الصراع الإيراني _ الأميركي بل شكل ركناً أساسياً في تقريب وجهات النظر بينهما وبين السعودية والإمارات وطهران.
إرادة حقيقة
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي، علي البيدر، في حديث لـ"جسور" أن معالجة أي قضية أو أزمة تحتاج إرادة حقيقية ونوايا طيّبة،وفي السابق كانت معظم الشخصيات ترى أن أي خطوة إصلاحية ستضرّ نفوذها الحزبي وكذلك السياسي وبطبيعة الحال تبتعد عن معالجة أي معضلة .
ولكن الكاظمي لا يملك حزبا ولا يتبع لجهة سياسية، وبالتالي شخصيته تحظى بثقة الأطراف الداخلية والخارجية، وعندما تتلاقى هذه الخطوات مع الإرادة القوية والصحيحة فلا شك أن العالم سيستجيب، متمنيا أن تتحقّق المزيد من الإصلاحات في هذا المجال كونها ستنعكس بشكل إيجابي على العراق ماديا ومعنويا.
استقرار المعاملات المصرفية
وكان مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، علّق بشأن رفع اسم العراق من قائمة الدول عالية الخطورة قائلا: "قرار رفع اسم العراق من قائمة الدول عالية المخاطر في غسيل الأموال وتمويل الإرهاب سيؤدي الى استقرار المعاملات المصرفية وتشجيعها بين أطراف التعامل من داخل البلاد نحو الخارج".
كما وسيجنب القرار الجهاز المصرفي والمالي للعراق تكاليف ومخاطر وقيودا كان يتعرض اليها مع مراسليه في العالم ولاسيما مصارف الاتحاد الاوروبي في اجراء التعاملات المصرفية والمالية العادية".
وسيولد القرار أيضا انعكاسات إيجابية على التصنيف الائتماني للعراق ما يعزز الثقة مع العالم أجمع.